تصدرت دولة الإمارات الدول الخليجية من حيث حجم الاحتياطيات (الفوائض المالية) بنحو 1,214 تريليون دولار، تمثل نسبة 304% من الناتج المحلي الإجمالي، حسب تقرير لشركة فرانكلين تمبلتون للاستثمار، تم الكشف عن تفاصيله خلال مؤتمر صحفي عقدته الشركة في مقرها في دبي أمس.
وأكد التقرير الصادر تحت عنوان «تأثير أسعار النفط على الأسهم وأدوات الدخل الثابت في الشرق الأوسط خلال عام 2016»، أن السعودية جاءت في المرتبة الثانية باحتياطيات تقدر بنحو 677,1 مليار دولار تمثل نسبة 91% من الناتج المحلي الإجمالي، تليها الكويت باحتياطيات تقدر بنحو 592 مليار دولار تمثل نسبة 343% من الناتج المحلي الإجمالي، ثم قطر التي لديها احتياطيات تقدر بنحو 256 مليار دولار تمثل نسبة 122% من الناتج المحلي الإجمالي، في حين جاءت سلطنة عُمان في المركز الخامس باحتياطيات تقدر بنحو 19 مليار دولار تمثل نسبة 24% من الناتج المحلي الإجمالي، تليها البحرين باحتياطيات تقدر بنحو 10,5 مليار دولار تمثل نسبة 31% من الناتج المحلي الإجمالي. وأشار التقرير إلى أن الاحتياطيات العالية ومستويات الدين المنخفضة في دولة الإمارات والدول الخليجية المصدرة للنفط، توفر حاجزاً أمنياً واقياً ضد انخفاض أسعار النفط، حيث يمثل الدين الحكومي في الإمارات نسبة 16% فقط من الناتج المحلي الإجمالي، مقابل نسبة 44% في البحرين و32% في قطر و7% في الكويت و5% في عمان و2% في السعودية.
وقال تقرير فرانكلين تمبلتون للاستثمار، إنه رغم الشكوك بشأن مصداقية توقعات السوق، لا نعتقد أن مستويات الأسعار الحالية المنخفضة مستدامة، ولن نتفاجأ من أن نشهد ارتفاعاً في أسعار النفط ليصل إلى 60 دولاراً للبرميل في النصف الثاني من العام الجاري.
وأوضح أن تحليل المعلومات المتوافرة يوضح أن الفائض في المعروض من النفط يتراوح بين 1,5 مليون ومليوني برميل يومياً، أي نحو 2% من الإنتاج العالمي، مشدداً على أنه من غير المتوقع الاعتقاد بأن زيادة 2% فقط في العرض يمكن أن تؤدي إلى هذا التصحيح الهائل في أسعار النفط. وقال محيي الدين قرنفل، مدير الاستثمار في الصكوك العالمية وأدوات الدخل لدى فرانكلين تمبلتون للاستثمار (الشرق الأوسط)، إن الشركة أجرت تحليل حول 11 من العوامل الرئيسية التي يمكن أن تؤثر على أسعار النفط، واتضح أن أربعة منها سلبية، وأهمها سياسة منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك).
وأضاف أنه من المرجح أن يكون نمو الصين من أكثر العوامل ارتباطاً في التأثير على الطلب بسبب حجم السوق الصيني، إذ تستورد الصين حوالي 7 ملايين برميل من النفط يومياً، وفي عام 2014 تجاوزت الصين الولايات المتحدة كأكبر مستورد للنفط الخام. وأشار إلى أن انخفاض أسعار النفط خلال العام الماضي تأثر بشدة بقرار منظمة (أوبك)، خاصة المملكة العربية السعودية، ما أدى إلى التحرك لحماية حصتها في السوق، لافتاً إلى أن أعضاء منظمة (أوبك) رأوا أن إنتاج كميات إضافية من شأنها التأثير ليس على الأسعار على المدى القصير فحسب، بل أيضاً على الملاءة المالية للمنتجين ذوي التكلفة المرتفعة، وبرامج النفقات الرأسمالية (capex) من منافسيهم التقليديين وغير التقليديين.
وخلال استعراضه لنتائج التقرير، أكد قرنفل، أنه إذا بقيت أسعار النفط في مستويات تتراوح بين 30 و40 دولاراً للبرميل خلال العام الجاري، سيتواصل تأثيرها الكبير على العديد من المنتجين، وهو ما يؤكد الاعتقاد بأن الأسعار الحالية غير مستدامة، ومن المرجح أن ترتفع، معرباً عن اعتقاده أنه رغم أن العوامل النفسية قد تهيمن على الأسواق وتدفع إلى انخفاض الأسعار، ولكن أسعار النفط ستنتعش، وعلى الأرجح عاجلاً وليس آجلاً. وعن تأثير انخفاض أسعار النفط على أسواق السندات والصكوك في الدول الخليجية، أفاد قرنفل، بأن انخفاض أسعار النفط بنسبة 70% في الماضي القريب لم يمنع سندات دول مجلس التعاون الخليجي من تحقيق أداء إيجابي في عام 2015.
وأضاف «كان الأداء متماشياً مع تاريخ المنطقة من حيث تحقيق عوائد تنافسية عموماً مع تقلبات أقل من ديون الأسواق الناشئة، وارتباطات أقل بفئات الأصول الرئيسة»، مشيراً إلى أن سندات دول الخليج قادرة على الحفاظ على هذه الخصائص الجذابة لأن العوامل الأساسية لأسواق المنطقة ما زالت قوية، كما أن فترات الإصدارات محدودة وغالبية الإصدارات مقومة بالدولار الأميركي.
وبين أنه في الوقت الذي تشهد فيه مستويات الجدارة الائتمانية في المنطقة تراجعاً، نشعر أن الأسواق فاقت بكثير العوامل الأساسية، ونرى أن التقييمات الحالية فرصة حقيقية لمراكمة إصدارات الدين التي يمكن أن نشهدها خلال السنوات القليلة المقبلة التي قد تشهد مستوى أقل لأسعار النفط.
وتوقع أن تشهد الإمارات وقطر زيادة في الإصدارات في ظل عدم خفض التصنيفات الائتمانية السيادية الممنوحة لهم، لا سيما من الصكوك التي تقل تكلفة إصدارها عن السندات، فضلاً عن أنها تلقى رواجاً من قبل المستثمرين، مشدداً على أن وضع التشاؤم الذي يسود حالياً يعد فرصة لوضع المحافظ المالية في الوقت الحاضر، خصوصاً وأن الأساسيات الأكثر إيجابية سوف تفرض نفسها من جديد.
الخليج يتعامل مع تقلبات أسعار النفط بشكل متحفظ دبي (الاتحاد) قال باسل خاتون مدير الاستثمار لأسهم منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لدى شركة فرانكلين تمبلتون، إن دول مجلس التعاون الخليجي لديها تاريخ في التعامل مع تقلبات أسعار النفط بشكل متحفظ، وبناء فوائض واحتياطيات مالية في أوقات الطفرة للتعامل مع الفترات الصعبة لأسعار النفط مثل الفترة الحالية.
وأوضح خاتون أنه مع الموارد الواسعة، ومستويات الديون المنخفضة وسياسات إصلاح الدعم، فإن الاقتصادات الخليجية يجب النظر إليها بشكل أكثر إيجابية مقارنة مع الدول الأخرى المصدرة للسلع الأساسية.
وأكد أنه رغم انخفاض أسعار النفط، فإن توقعات النمو في المنطقة لن تتأثر كثيراً بذلك، لا سيما ما يتعلق بالقطاعات غير النفطية، منبهاً إلى أنه نظراً لانخفاض التقييمات إلى حد كبير، نعتقد أن الأسهم في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تشكل فرصة استثمارية جذابة على الأمد الطويل.
وأوضح خاتون، أن هناك اعتقاداً خاطئاً بأن اقتصادات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تعتمد كليا على النفط، وفي الواقع، تضم المنطقة 11 دولة بمعطيات وعوامل اقتصادية مختلفة، والنفط هو عامل رئيسي من الناتج المحلي الإجمالي في ست دول فقط في المنطقة (دول مجلس التعاون الخليجي)، والتي تستحوذ على 30٪ من احتياطي النفط في العالم.
وأكد أن الفرص الأكثر إثارة للاهتمام تكمن في القطاعات غير النفطية، وهناك بعض الجوانب الرئيسية لهذا النمو غير النفطي تشمل الإنفاق الهائل على البنية التحتية في دولة قطر، والحاجة للإسكان بأسعار معقولة في السعودية، واستمرار نمو دولة الإمارات كوجهة سياحية ومركز تجاري ومالي حيث يتوقع أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي من القطاعات غير النفطية بنسبة 3,62% في عام 2016 مقارنة بنسبة 3,44% في عام 2015.
وأشار إلى أن أداء أسواق الأسهم في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، كان ضعيفاً عموماً في عام 2015 بشكل أكبر من بقية الأسواق الناشئة، وكان هناك انسحاب للمستثمرين من أسهم المنطقة في بداية عام 2016، وهو ما يعني أن التقييمات انخفضت بشكل كبير، ويبدو العديد من الأسهم الآن يتم تسعيرها بنمو بسيط، والتي نعتقد أنها ليست واقعية أو محتملة، لافتاً إلى أن الأسهم والقطاعات ذات الصلة بالطاقة تمثل أقل من 2% من سوق الأسهم. ودلل خاتون، على انخفاض تقييمات الأسهم في دول المنطقة بأن مضاعف الربحية في دول منطقة «مينا» يبلغ 10,5 مرة في حين يبلغ 10,9 مرة في الأسواق الناشئة و15,2 مرة في الأسواق المتطورة (المتقدمة) و16,3 مرة في أميركا.
وذكر أن في نهاية عام 2015، كانت العديد من الأسهم تتداول على خصم كبير لمستويات التقييم التاريخية وتحت مستويات الأسهم المشابهة في بقية الأسواق الناشئة على الرغم من قوة الأسس وتوزيعات الأرباح الأعلى في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وكذا ارتباط العملات أيضاً في العديد من دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالدولار الأميركي، وذلك عكس الوضع في العديد من الأسواق الناشئة الأخرى.