لم يتوقع أكثر المراقبين تفاؤلا إن تحظى اجتماعات البنك الإسلامي للتنمية التي اختتمت بالخرطوم نهاية الاسبوع الماضي بهذا النجاح الذي بدا واضحاً في مستوى المشاركة العالية لممثلي (56) دولة بحضور غير مسبوق لمسئولين سياسيين واقتصاديين من دول تمثل ثقلاً ظاهراً في المنطقة مثل تركيا والسعودية ونيجيريا وغيرها.
نجاح الاجتماع السنوي الـ37 لمجموعة البنك الإسلامي للتنمية تمثل في قوة المخرجات التي نتجت عنه في التوقيع على 40 اتفاقية لتمويل مشروعات في 21 بلداً بقيمة إجمالية تجاوزت 389 مليون دولار كان نصيب السودان منها اتفاقان الأول بقيمة 50 مليون دولار لإعادة تأهيل مشروع حلفا الجديدة الزراعي والثاني لتمويل مشروع القرى المستدامة بولايات دارفور.
علاقة متميزة ربطت السودان بالبنك الإسلامي منذ تأسيسه في أكتوبر من العام 1975 حيث كشف رئيس البنك الدكتور احمد محمد على إن السودان كان أول دولة التزمت بدفع مساهمتها في رأس مال البنك موضحا إن مساهمة السودان مثلت البداية الحقيقية لانطلاقة عمل البنك ومشروعاته الناجحة التي امتدت في كل قارات العالم.
وكشفت الأرقام التي قدمها رئيس البنك إن حجم التمويل الذي قدمه البنك في العام 2011 بلغ 8 مليارات دولار بينما تجاوز التمويل الذي قدمه البنك منذ تأسيسه 80 مليار دولار كان نصيب السودان منها 1.4 مليار دولار شملت تنفيذ مئات المشروعات في مجالات البنية التحتية والطاقة والصناعة والصحة والتعليم كان من أبرزها مؤخراً مبلغ 11 مليون دولار لمشروع تعلية سد الروصيرص و87.5 مليون دولار لمجمع سدي أعالي نهر عطبرة وستيت ومساهمة مقدرة أخرى لمشروع سكر النيل الأبيض.
الحدث الأهم الذي شهدته الخرطوم أبان فعاليات مؤتمر البنك الإسلامي للتنمية كان هو التوقيع على مذكرة تفاهم ثلاثية بين البنك الإسلامي ودولة قطر ومجموعة دلة البركة لتأسيس البنك الإسلامي الكبير الذي يعمل مؤسسوه على إنشاء سوق مالية للبنوك الإسلامية وتمويل مشاريع البنية التحتية وتقديم الصيغ الشرعية المواكبة لمستجدات العصر والموافقة لتعاليم الإسلام، كما ان الجدية والالتزام كان سمة واضحة لتأسيس البنك الإسلامي الكبير حيث بدأ المؤسسون الثلاثة عملية الاكتتاب فوراً بحجم مساهمة بلغت 500 مليون دولار من رأس مال البنك الإجمالي البالغ مليار دولار .
وبرغم الصعوبات التي تبعت الأزمة المالية العالمية وتداعياتها المتمثلة في انخفاض معدلات النمو وركود التجارة واستفحال أزمات الديون بالرغم من هذه الصعوبات التي أضعفت موقف كبرى المؤسسات المالية العالمية إلا إن البنك الإسلامي تمكن ولعشر سنوات متواصلة من المحافظة علي موقعه في اعلي مراكز التصنيف الائتماني بحسب تصنيف الوكالات العالمية له وهو استحقاق جعل البنك مؤهلاً لأن يوصف بأنه بنك إنمائي منعدم المخاطر بل إن البنك استطاع وبقوة العمل على صياغة الحلول والبدائل للمشكلات التي أقعدت بالمصارف ومؤسسات التمويل العالمية في مجالات التمويل والنقد و الصيرفة.
المنافع التي حصل عليها السودان من انعقاد الاجتماع 37 لمجموعة البنك الإسلامي للتنمية اتسعت لتشمل العديد من الاتفاقيات الاقتصادية مع الدول ورجال الأعمال الذين شاركوا في المؤتمر لإقامة مشروعات استثمارية خاصة في مجال إنتاج الغذاء وذلك بعد التأكيدات الواضحة التي تلقوها من الدولة في اعلي مستوياتها المتمثلة في رئيس الجمهورية بتوفير الضمانات القانونية المطلوبة و تقديم التسهيلات اللازمة حيث أعلن وزير المالية السعودي إبراهيم العساف حاجة بلاده للمزيد من المنتجات السودانية من الأعلاف و اللحوم مشيرا اللي إن المملكة ظلت تستورد حاجتها من الأعلاف من اسبانيا وقال الوزير السعودي إن بلاده وافقت علي مد السودان بقروض سلعية في شكل منتجات نفطية للمساعدة في سد الفجوة في المنتجات النفطية.
أكثر من ثلاثين عاما مضت منذ تاريخ انعقاد الاجتماع السنوي للبنك الإسلامي للتنمية بالخرطوم الذي تم في العام 1981 ومابين التاريخين 1981 -2012 مرت مياه كثيرة تحت الجسر وحدثت في العالم تحولات اقتصادية كبيرة و شهدت العلاقة بين السودان والبنك الإسلامي تطورات هائلة إلا أنها ومن المؤكد كانت لصالح الطرفين من حيث التقدم الذي شهده الاقتصاد السوداني والتوسع الكبير الذي حققته أعمال البنك إلى جانب النجاح الذي أصابته التجربة الإسلامية في دنيا الاقتصاد والمال في عالم يكابد أزمات الاضطراب المالي والركود والعجز والانهيارات الاقتصادية الكبرى.
المصدر : https://wp.me/p70vFa-1fI