تعهد رئيس مجلس مفوضي هيئة الأوراق المالية محمد طاش باستعادة استقلالية مؤسسات سوق رأس المال وتوسيع القاعدة التشريعية الناظمة للسوق.
وقال طاش إن الأولويات التي تعمل الهيئة على تنفيذها هي سحب مشروع قانون الأوراق المالية وإعادة النظر في مواده وتوسيع القاعدة التشريعية التي تمكن مؤسسات سوق رأس المال من تعديل التعليمات واستخدام أدوات تفعل نشاط السوق المالية.
وأكد صعوبة الظروف التي نمر بها والتي تشمل الوضع الاقتصادي المحلي والعالمي، والوضع المتأزم لعدد من الشركات المساهمة العامة، إلى جانب الانخفاض الحاد في سيولة البورصة وفي مؤشرات الأسعار وأحجام التداول.
وحول التحديات التي تواجه مؤسسات سوق رأس المال، قال طاش إنها تتمثل في الانخفاض في الكوادر المهنية المؤهلة داخل الهيئة والبورصة ومركز الإيداع وضعف إمكانية استقطاب الكفاءات وتدريبها وإدامتها جراء تداعيات برنامج هيكلة مؤسسات القطاع العام ورواتبهم الذي أنهى استقلالية الهيئة والمؤسسات التابعة.
وقال أن من أهم التحديات إعادة الثقة إلى سوق رأس المال وتغيير الذهنية السائدة حاليا بصعوبة تغيير الوضع القائم واستحالة التغيير نحو الأفضل.
وأشار إلى أن ثقة المستثمرين تستمد من عدة مصادر منها الوضع السياسي الإقليمي والوضع الاقتصادي العام وأداء وأوضاع الشركات المساهمة العامة، ومستوى أداء الجهات الرقابية، الرسمية منها وغير الرسمية، ورصانة المنظومة التشريعية التي من المفترض أن تحمي استثماراتهم من التلاعب وتلبي متطلبات العدالة والشفافية وتحاسب من يخالف.
وقال طاش ان التجربة التي مر بها المستثمر في السنوات الأخيرة كانت قاسية، وإعادة الثقة ليست بالشيء اليسير، وعادة ما تأخذ نصيبها من الوقت، لكن بالتدريج، آمل أن تبدأ هذه الثقة بالتصاعد بالتوازي، مع وتبعا، للإجراءات التصحيحية والتطويرية التي تعتزم الهيئة القيام بها من جانبها والتي سيلمسها المستثمرون على ارض الواقع وذلك بالطبع منوط بالتطورات التي يشهدها الوضع الاقتصادي العام.
وحول ما اعتبره طاش «ذهنية سائدة» قال إنها نتاج تاريخي لأسلوب إداري بيروقراطي لم يقم على الاستحقاقية وإنما على حسابات أخرى عززت مبدأ الحد الأدنى من العمل والجهد، أكد أن الإجراءات المرتقبة، والإدارية منها خصوصا، ستعمل على خلق مفهوم عمل جديد وستكون حافزا لتقدم الموظف المنتج ومكافأته.
اضاف ان الوضع بشكل عام ليس سهلا، والحل يكمن في الجهد الجماعي للخروج من هذه الأزمة وليس هناك حل فوري لهذه الإشكالات، لكن وبالجزء الذي يتعلق بالهيئة، فلدينا العزيمة والإرادة القوية والدعم الكامل لإعادة البناء وتصحيح مسيرة الهيئة ومؤسسات سوق رأس المال.
وقال أن النقطة الايجابية برأيي أن مراحل التباطؤ الاقتصادي هي أفضل الأوقات للنظر إلى الخلف لاستيعاب العبر والاستفادة من الدروس لإعادة البناء على أسس سليمة وتصحيح المسار استعدادا لمرحلة النمو بإذن الله.
وبالنسبة لاستقلالية الهيئة والبورصة ومركز الإيداع، الإدارية والمالية، قال طاش من الضروري أن نعي أن أي هيئة رقابة قانونية، لا بد أن تعمل بحيادية دون أي تدخل في عملها وقراراتها، ولا بد أن تكون بعيدة كل البعد عن أي تأثير ضاغط من أي جهة، ولذا فإن استقلاليتها الإدارية والمالية هي حماية لها من أي تدخل أو تأثير محتمل.
وأضاف إن لم تراع إلى حد ما الواجبات والمسؤوليات المترتبة على استقلالية هيئة الأوراق المالية ومؤسسات سوق رأس المال الأخرى في السابق، فإن هذا لا يعني بأي حال أنها غير جديرة ومستحقة لها الآن، فهذه بالإضافة لكونها متطلبا دوليا لأي هيئة رقابية، فإنها تمثل فلسفة وروح قوانين هيئات الرقابة، حيث أن أي هيئة رقابية مستقلة تضم تحت صلاحياتها السلطات الحكومية الثلاث.
وأكد طاش أن الهيئة تشرع الأنظمة والتعليمات لنفسها ولقطاعها، كما وتقر الأنظمة الخاصة في البورصة والمركز، وهي بالوقت نفسه تقوم بالأعمال التنفيذية والإجرائية للقيام بأعمال التفتيش والرقابة وإجازة طلبات الإدراج والإصدار وتعديلها، وإجراءات الشركات، كما تقوم بالتحقيق في المخالفات المرتكبة من قبل أي من الأشخاص التابعين لرقابتها كمعتمدي المهن المالية والشركات المساهمة العامة وشركات الخدمات المالية وعملائهم وتتخذ الأحكام والقرارات المناسبة بحق المخالفين بموجب القانون والأنظمة والتعليمات من خلال الحد من تراخيصهم أو حتى تغريمهم ماديا.
وأشار إلى أن الاستقلالية الإدارية والمالية لهيئات الرقابة على أسواق رأس المال متطلب أساسي ودولي في عمل أي هيئة رقابية في العالم تعمل بموجب الأسس الدولية بأفضل الممارسات، وهي أيضا متطلب أساسي بالنسبة لمؤسسات ومنظمات وهيئات الرقابة الدولية وشروط الانضمام لها، مثل المنظمة الدولية لهيئات رقابة الأوراق المالية التي يعتبر الأردن من أهم أعضائها من فئة الأسواق الناشئة.
وقال إنه بمنظور هذه المنظمات فإن الاستقلالية الإدارية والمالية تعكس الاستقلالية الإجرائية والعملية «حيث أنه يتوجب أن تكون لهيئة الرقابة السلطات الكافية والموارد البشرية والمادية الضرورية للقيام بمهامها على أكمل وجه والتي بقدر ما هي مستقلة، فهي أيضا مساءلة، علما بأن مؤسسات سوق رأس المال الأردني هي رافد أساسي لخزينة الدولة ولا تشكل أي عبئا عليها.
وحول دور هيئة الأوراق المالية الهيئة ومؤسسات سوق رأس المال وشركات القطاع، قال سنقوم في المرحلة المقبلة بتوضيح دور كل من الهيئة وبورصة عمان ومركز إيداع الأوراق المالية، وتعزيز الرقابة على هذه المؤسسات وفتح أبواب التنسيق والتعاون معها كجهات مستقلة تخضع لرقابة الهيئة وتشكل معها مؤسسات سوق رأس المال.
وأكد أنه نتيجة التوجهات السابقة، كان الاعتقاد السائد أن الهيئة تتحكم مباشرة في حركة سوق الأوراق المالية والأوضاع السائدة فيه، وهذا غير صحيح ولا يجب أن يكون، فالهيئة ومن خلال تعليماتها وإجراءاتها ورقابتها تتحكم فقط بقواعد التعامل لضمان سلامته ولضمان تعامل عادل، كفؤ وشفاف.
وقال طاش سنعمل على دفع شركات الخدمات المالية لرفع كفاءتها وملاءتها ومهنيتها وخصوصا شركات الوساطة المالية والعاملين فيها وكذلك تفعيل دور ضباط الامتثال في الشركات المساهمة العامة والارتقاء به، والانفتاح على الشركات المساهمة العامة والبنوك وشركات الخدمات المالية والتواصل معها وبناء علاقة مهنية متبادلة تؤسس على التعاون المتبادل والشفافية والالتزام بالقوانين والأنظمة المرعية.
وقال طاش سنعمل على وضع ميثاق شرف لعمل المؤسسات إلى جانب تبني مبادئ الحوكمة المؤسسية.
وحول تداخل عمل الهيئة مع جهات رقابية أخرى، أكد أن الهيئة ستعمل على التنسيق مع مراكز القرار الاقتصادية الرسمية من رئاسة الوزراء والبنك المركزي ومراقبة الشركات والهيئات القطاعية والعمل على توحيد الجهد الرقابي قدر الإمكان، وذلك إلى جانب التعاون والتنسيق مع جمعيات القطاع المهنية من شركات خدمات مالية ومعتمدين ومدققي حسابات وبنوك وشركات تأمين.
وأكد استمرار التواصل والتشاور فيما بين مؤسسات سوق رأس المال والمعاهد والجامعات، لغايات التوعية من جهة، ولدراسة متطلبات هذه السوق المهنية ولتوفير مخرجات مؤهلة للعمل في مجال سوق رأس المال من جهة أخرى.
وقال «الهيئة تتطلع إلى أن الإصلاح يبدأ من الذات، وأنا أؤمن بمبدأ القيادة من خلال القدوة، فكيف لنا أن نطالب الآخرين بالحكومة ما لم نحتكم بها نحن؟».
وأضاف من هذا المنطلق فإني أطالب بتعزيز الرقابة على الهيئة وسوف نقوم بإذن الله وبالتعاون مع المختصين في هذا المجال بوضع إطار رقابي على عمل الهيئة مبني على أسس الشفافية والإفصاح وفق أفضل المعايير والأسس الدولية.
ودعا إلى مراجعة شاملة لقانون الأوراق المالية، فهذه هي الأولوية كون القانون هو المرجعية لكافة الأنظمة والتعليمات المراد مراجعتها وتعديلها واستحداثها في مؤسسات سوق رأس المال كافة، ولقد طلبت منذ بداية عملي استرجاع مشروع قانون الأوراق المالية لإعادة دراسته وصياغته من جديد.
وفيما يتعلق بالإصلاح أكد أن مجلس المفوضين يشكل فريقا مهما جدا، ويشكل مع طاقم الهيئة وحدة متكاملة، قائلا لذا سوف نعمل على استرداد دور المفوضين القانوني الصحيح داخل المجلس، في التشاور الصحيح البناء، وفي حق الاختلاف بالرأي، وفي تحمل مسؤولية القرار الجماعي، وفي الإشراف التخصصي، وفي مساءلة الرئيس التنفيذي بخصوص تنفيذ قرارات المجلس وأداء الهيئة بشكل عام. وقال إنه في الواقع ليس هناك ما يسمى قانونا «برئيس هيئة الأوراق المالية» وإنما هناك رئيس لمجلس المفوضين هو بحكم القانون الرئيس التنفيذي للهيئة، فمهمة المجلس في القانون هي إدارة الهيئة والإشراف على شؤونها فالمجلس إذا هو مرجعية إدارة الهيئة، والمفوضين تنطبق عليهم قيود صارمة من حيث الارتباط بالقطاع الخاص وخصوصا الجهات الخاضعة، فنحن هنا لخدمة الموقع وليس العكس.
المصدر : https://wp.me/p70vFa-rp