يواجه قطاع السياحة في تركيا واقتصادها الأوسع صعوبات جراء تفجيرات انتحارية ضربت اسطنبول، ونزاع مع الكرملين وأوقات صعبة تمر بها الطبقة الوسطى في روسيا.

وتبدو الآفاق أكثر قتامة بين أصحاب المتاجر في اسطنبول، درة الثقافة التركية، والتي شهدت في مطلع الأسبوع ثاني هجوم انتحاري يستهدف سياحا في المدينة هذا العام.

ويتوقع خبراء اقتصاديون أن تهبط إيرادات السياحة في تركيا بنسبة 25% هذا العام، وهو ما سيكلف البلاد حوالي 8 مليارات دولار.

وتتمثل المخاطر في أن السياح الميسورين مثل الألمان، سيختارون أماكن أخرى لقضاء عطلاتهم، بينما سيضطر الروس الذين يحتلون المرتبة الثانية في سوق السياحة التركية إلى الابتعاد بسبب أزمة اقتصادية في الداخل، وتوترات سياسية في أعقاب إسقاط تركيا طائرة حربية روسية في نوفمبر الماضي.

وأظهرت بيانات من وزارة السياحة أن إجمالي عدد السياح الذين زاروا تركيا العام الماضي انخفض 1.6%. لكن الدلائل غير مبشرة قبل ذروة الموسم السياحي من مايو إلى أكتوبر، وهي الفترة التي تجني فيها تركيا في العادة نحو 70% من إيراداتها السياحية.

ولسوء الحظ أيضاً فإن السياح من الدول الأكثر ثراء الذين يغدقون في الإنفاق هم الأكثر قلقا بشأن تردي الأوضاع الأمنية. ففي العام الماضي، على سبيل المثال، انخفض عدد السياح الإيطاليين الذين زاروا تركيا بنسبة 27% بينما هبط عدد السياح اليابانيين بحوالي 40%.

والآن يقول خبراء اقتصاديون إن تراجع قطاع السياحة ربما يؤثر على الاقتصاد الأوسع، فهبوط الإيرادات بنحو 8 مليارات دولار سيمحو ما يزيد عن نصف نقطة مئوية من النمو الاقتصادي الذي تستهدفه الحكومة هذا العام والبالغ 4.5%.

ومع مساهمة السياحة بأكثر من نصف الإيرادات في ميزان المعاملات الجارية لتركيا العام الماضي، فإن هذا سيؤشر أيضاً إلى متاعب قد تجهض آمال البنك المركزي في إمكانية خفض العجز الذي بلغ 4.5% من الناتج المحلي الإجمالي في 2015.

ويعتقد بعض الخبراء الاقتصاديين أن السياحة قد تتسبب في تراجع أكبر للاقتصاد. وقال أحدهم “إذا استمرت الهجمات الإرهابية وازدادت الأمور سوءا فإن التأثير قد يكون كبيرا بحيث يقتطع نقطة مئوية كاملة من النمو الاقتصادي”.

وستكون تلك أنباء غير سارة للرئيس رجب طيب أردوغان وحزب العدالة والتنمية الحاكم، الذي يحرص على إظهار أن الاقتصاد ماض في مساره على الرغم من ضعف الأمن.

وأعلن رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو خطة لعرض دعم طارئ على قطاع السياحة، تتضمن منحة قدرها 255 مليون ليرة (87 مليون دولار) وتسهيلات لتمكين الشركات من إعادة هيكلة ديونها، فيما لم يتضح بعد مدى مساعدة هذه الخطة للقطاع المنهك.

ولم يعد بمقدور تركيا أن تعتمد على السياح الروس الباحثين عن الشمس المشرقة على شواطئها الجنوبية كعامل مساعد، بسبب تأثيرات الأزمة الاقتصادية في روسيا والتوترات السياسية مع أنقرة، التي دفعت الرئيس فلاديمير بوتين إلى فرض سلسلة عقوبات اقتصادية على تركيا ردا على إسقاطها طائرة حربية روسية قرب الحدود مع سوريا.

وقال أركان ارجوزيل، الخبير الاقتصادي في مورغان ستانلي، إن “عدد السياح الروس هبط بحوالي مليون العام الماضي إلى 3.6 مليون”، مشيراً إلى أن ذلك الهبوط قد يتفاقم هذا العام.

وأضاف: “بناء على محادثاتنا مع ممثلي القطاع، لدينا انطباع بأن عدد السياح الروس ربما يهبط إلى أقل من مليون في 2016”.