بدأت وزارة الصحة والوقاية في الإمارات، خلال شهر تشرين الأول الماضي، حملة توعية لتشجيع الأمهات على تطعيم بناتهنَّ بلقاح ضد فيروس يمكنٍ أن يتسبب لهنّ بـ “سرطان عنق الرحم”.
ويعود الهدف وراء هذه الحملة إلى تغيير وجهة نظر أولئك السيدات تجاه هذه اللقاحات، ونفي كل المعلومات التي تمّ تداولها في أوساطهنّ عن أنّ هذه اللقاحات قد تؤثر سلباً على بناتهنّ، وقد تصيبهنّ بالعقم.
الحملةُ هذه شملت الأمهات في شمالي الإمارات، وقد جاءت بعد قيام وزارة الصحة بإضافة لقاحات ضد فيروس “الورم الحليمي HPV” إلى برنامج التحصين الوطني لأول مرّة في شمالي الإمارات، خلال هذا العام. ويساهم هذا اللقاح في تحصين الفتيات ضد هذا “الورم الحليمي” الذي يؤدي إلى سرطان عنق الرحم، ويقتل أكثر من ربع مليون امرأة في جميع أنحاء العالم، وثاني أكثر مرض سرطان انتشاراً في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وقبل 10 سنواتٍ، عرضت السلطات المعنية في مدارس أبو ظبي هذا اللقاح على الفتيات في المدارس، ضمن حملة توعية استهدفت الطالبات. وفي العام 2013، تمّ توسيع نظام التحصين المجاني ليشمل كافة النساء الإمارايتات اللواتي تتراوح أعمارهنّ بين 18 و 26 عاماً.
وعلى الرغم من أن اللقاح موصى به طبياً، إلاّ أنَه اختياري، ويتم اعطاؤه للفتيات بعض الحصول على موافقة الوالدين.
شهادات وهواجس
وفي هذا الصدد، تروي السيدة فاطمة علي (41 عاماً) من منطقة الفجيرة، تجربتها مع هذا الموضوع. ففاطمة، هي أم إماراتية لـ5 فتيات تتراوح أعمارهنّ بين 3 سنوات و16 سنة، وتقول: “لا أعرف ما الذي يفعله اللقاح ولماذا تحتاج ابنتي لأخذه. لم يشرح لي أحد أهمية اللقاح بالنسبة لي، وعمّا إذا كان آمناً أم لا”.
وتتابع: “أخبرتني أحد الأمهات أن الفتيات سيحصلن على الجرعة في كانون الثاني، كما قالت لي أن الحقنة غير إلزامية. بالفعل، لقد شعرت بحيرة أكبر بشأن اللقاح وأهميته، وهذا القلق طال الكثير من الأمهات مثلي أيضاً”.
بدورها، قالت سليمة جاسم (35 عاماً) وهي أم إماراتية لـ3 فيتات: “لقد وصلتنا الكثير من المعلومات الخاطئة عن اللقاح، والتي أشارت إلى أنه قد يتسبب بإصابة الفتيات بالعقم”.
وقالت جاسم وهي من منطقة رأس الخيمة: “بناتي صغيرات، لكنني أعتقد أنه ينبغي أن تصل حملة التوعية إلى كل أم في شمال الإمارات لتوضيح اهمية هذا اللقاح، وتبديد أي سوء فهم حوله”.
ماذا يقول الأطباء؟
وإنطلاقاً من هواجس الأمهات بشأن اللقاح وفعاليته وآثاره الجانبية، أراد الأطباء أن يوضحوا حقيقة الأمر بشأن هذا اللقاح. وفي هذا الإطار، قال الطبيبة يسرا أبو حامد، أخصائية الصحة العامة والطب الوقائي في الشارقة: “لقد اعتقدت الأمهات أن هذا اللقاح سيؤثر على معدلات الخصوبة والجهاز المناعي لدى بناتهنّ”.
وأضافت: “ظنت الأمهات أيضاً أن اللقاح سيعطى في عنق الرحم مباشرة، وذلك بسبب المعلومات الخاطئة التي وصلت إليهنّ”.
ولفتت أبو حامد إلى أنها “أوضحت للامهات اللواتي تلقين المعلومات في رسائل بشان هذا الامر عبر مواقع التواصل الإجتماعي، أن هذه اللقاحات ستعطى في العضلات ويفضل أن تكون في الكتف مثل أي لقاح آخر، كما أنه ليس لها أي آثار سلبية على صحة بناتهنّ ونظامهنّ المناعي”.
ورأت أبو حامد أنّ “الرسائل التي وصلت إلى الأمهات أظهرت مدى أهمية التوجه إلى الجمهور بمعلومات صحيحة تجنباً للتضليل”، وقالت: “إن حملات التوعية مهمة جداً، وتأخذ في عين الاعتبار مستوى تعليم المجموعة المستهدفة والاعتبارات الإجتماعية الأخرى”.
وأكدت أن “لقاح فيروس فيروس الورم الحليمي البشري هو خطوة مهمة جداً في الوقاية الأولية من سرطان عنق الرحم حيث أنه يمنع حدوث العدوى في المقام الأول، ويحمي الفتيات من الإصابة بسرطان عنق الرحم”.
وأضافت: “من ناحية أخرى، فإن فحص عنق الرحم، الذي يهدف إلى اكتشاف التغيرات السرطانية في عنق الرحم والعدوى بفيروس الورم الحليمي البشري في أقرب وقت ممكن، يعتبر خطوة مهمة جداً للوقاية الثانوية من سرطان عنق الرحم”.
من جهته، قال الدكتور طلعت مسرور، وهو كبير الاستشاريين ورئيس قسم التوليد وأمراض النساء في مستشفى رأس الخيمة، إنه “لا يوجد سبب يدعو للأمهات للشعور بالقلق، لأن اللقاح كان يُعطى في أبو ظبي منذ سنوات”. وقال: “لقد بدأت حكومة الإمارات العربية المتحدة بهذا اللقاح ضد فيروس الورم الحليمي البشري، وهو يعطى للفتيات من سن الـ13، وهو جزء من البرنامج الوطني في أبو ظبي”.
ولفت إلى أن “الجرعات الأولى والثانية يفصل بينهما شهران، في حين تعطى الثالثة بعد 3 أشهر ولا تسبب أي آثار جانبية”. وختم بالقول: “بما أن الفيروس يهاجم عنق الرحم بعد الجماع الجنسي، فمن الأفضل أن يتم إعطاء اللقاح قبل زواج الفتاة”.
المصدر : https://wp.me/p70vFa-sKb