في ظل تحركات جريئة للبيت الأبيض، تتجه السياسات الاقتصادية الأميركية نحو إعادة تشكيل كبرى تشمل خفض الإنفاق، وفرض رسوم جمركية واسعة، وتعديلات ضريبية قد تعيد رسم المشهد المالي. لكن وسط كل هذه التغييرات، يبقى السؤال الأهم: هل نحن أمام ركود اقتصادي أم مجرد تباطؤ مؤقت؟
الأسواق تسبق الجميع في قراءة المستقبل
بينما تتباين التوقعات، تبقى الأسواق المالية هي المؤشر الأكثر دقة لحالة الاقتصاد. فقرارات المستثمرين، المنعكسة في أسعار الأسهم والسندات، تروي القصة الحقيقية بعيدًا عن التكهنات السياسية.
إشارات مختلطة من السندات
شهد العائد على سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 أعوام انخفاضًا ملحوظًا إلى 4.2% منذ يناير، مما يشير إلى تباطؤ اقتصادي محتمل. في الوقت ذاته، تراجع العائد على سندات العامين، ما يعزز التوقعات بأن مجلس الاحتياطي الفيدرالي سيتحرك قريبًا نحو خفض أسعار الفائدة.
ثقة الأسواق في الشركات لم تتزعزع
على الرغم من إشارات التباطؤ، لم تظهر فروق الائتمان – التي تعكس المخاطر الائتمانية للشركات – أي ارتفاع يُنذر بالخطر. بل إن الفارق بين عوائد سندات الشركات وسندات الخزانة الأميركية يقترب من أدنى مستوياته، ما يشير إلى أن الأسواق لا ترى تهديدًا حقيقيًا بانهيار اقتصادي واسع.
أسواق الأسهم تُعيد الحسابات
على الجانب الآخر، تبدو أسواق الأسهم أكثر حذرًا. فقد شهد مؤشر S&P 500 انخفاضًا من ذروته عند 6,144 نقطة إلى 5,572 نقطة، مما يعكس تراجع التوقعات المستقبلية للأرباح بنسبة 9%. ورغم أن هذا لا يُعد انهيارًا، إلا أنه مؤشر على أن المستثمرين بدأوا في تعديل توقعاتهم تحسبًا لتباطؤ قادم.
التضخم تحت المراقبة: خطر الركود التضخمي يلوح في الأفق
رغم انخفاض توقعات التضخم إلى 2.5% خلال الأعوام الخمسة المقبلة، فإن المخاوف من الركود التضخمي – حيث يتباطأ النمو بينما تظل الأسعار مرتفعة – لا تزال قائمة، خاصة مع تأثير الرسوم الجمركية المحتملة على الأسعار.
الخلاصة: لا أزمة وشيكة ولكن…
تشير المؤشرات الحالية إلى تباطؤ اقتصادي، لكن دون بوادر واضحة على ركود عميق أو أزمة وشيكة. ومع ذلك، تظل الأسواق هي الحكم النهائي، حيث سيكون أي تحرك في معدلات التوظيف، أو التضخم، أو قرارات الاحتياطي الفيدرالي هو العامل الحاسم في تحديد ما إذا كان الاقتصاد سيواجه أزمة حقيقية أم مجرد تصحيح مؤقت في المسار.
ابقَ على اطلاع، فالأسواق دائمًا أول من يعرف