بدأ البيع على المستوى العالمي يوم الثلاثاء من الأسبوع الماضي مع صدور محاضر الاجتماع الأخير . كانت تقرأ من قبل العديد عل أنها اشارات أقل حماسة من جانب مجلس الاحتياطي الفيدرالي على الشروع في جولة أخرى من ضخ السيولة “التيسيير الكمي 3”، وتراجعت تقريباً كل فئة من فئات الأصول على الفور، بما في ذلك السلع الأساسية، والسندات والأسهم، وهو انعكاس لمدى السيولة، بدلاً من العوامل الاساسية، وذلك يدعم جزئياً من قوة السوق في الآونة الأخيرة.
تسارعت عمليات مبادلات الأصول الخطرة الأسبوع الماضي مع تحذير البنك المركزي الأوروبي حول توقعات بسياسة نشاط غير عادي على هذا الجانب الآخر من المحيط الأطلسي.
كان مزاد سندات الحكومة الإسبانية المخيب للآمال يمثل مشكلة، وعكست سندات الحكومة الألمانية وسندات الحكومة الأمريكية المنفصلة تداول “رحلة الى الجودة” من أصول المخاطر وإلى ما يعتبر مناطق آمنة، وذلك في وقت يسوده القلق حول مستقبل السوق في البلاد.
هذه المرة، انطلاقاً من هذه الخلفية، من الطبيعي أن تتمحور مباحثات المستثمر حول ما اذا كانت البنوك المركزية سوف تجدد برامجها لحقن السيولة إذا ما استمرت الأسواق في المبادلات . يعتقد البعض أن ليس لدى المؤسسات أي خيار سوى أن تفعل ذلك، في حين أن البعض الآخر أقل ثقة.
هذا الشك لا يثير الدهشة . التحاليل التي أجريت هنا في مؤسسة بيمكو، بما في ذلك البحوث لعرض الأسبوع المقبل لمحاضرة هوميروس جونز التذكارية في مجلس الاحتياطي الاتحادي لسانت لويس، تؤكد أن البنوك المركزية تواجه تحديات سياسية معقدة للغاية:
تتعامل البنوك المركزية مع ما أطلق عليه الرئيس التنفيذي بيرنانكي بشكل صحيح “توقعات غير مؤكدة على نحو غير عادي” . تضطر البنوك المركزية إلى استخدام أدوات حادة فهي تتلقى دعماً قليلاً جداً من وكالات حكومية أخرى . وتدخلاتها المتكررة تشوه حتماً مؤشرات الأسعار، وتغير أداء السوق، وتعطل السيولة.
خلاصة القول، أصبحت المبادلات الحرجة في صنع السياسات، بين التكاليف والمنافع والمخاطر، أقل جاذبية بالنسبة للبنوك المركزية . ولذلك وجدنا إشارات ترددها مؤخراً على أن تفعل أكثر، خصوصاً في ضوء تحسن البيانات الاقتصادية.
عندما يحين وقت الحسم، نشك في أن البنوك المركزية قد تلجأ مرة أخرى إلى المطابع الخاصة بها، وخاصة إذا ظهرت مرة أخرى نقاط الضعف الاقتصادية والمالية . تذكر، هذا ليس حول ما ينبغي للبنوك المركزية القيام به، وإنما يتعلق الأمر بما هو من المرجح أن تفعل.
وبإجبار البنوك المركزية على ضخ السيولة في النظام العالمي، سوف تكون مدفوعة ليس بدوافع إيجابية، بل سلبية.
تدرك البنوك المركزية أن سياساتها لا يمكن أن تحقق في حد ذاتها النتائج الاقتصادية المرجوة، وهي على وعي بالأضرار الجانبية المرتبطة بنشاطها السياسي غير العادي، وكذلك بالنتائج غير المقصودة . لكن تشعر أيضاً، لأسباب كثيرة، أنها لا يمكنها الوقوف على الهامش بينما يتشاحن السياسيون، وغيرها من الوكالات ترتجف، والاقتصاد يتعثر .
إن هوس الأسواق بسياسات البنك المركزي لن ينتهي قريباً.
لكن سوف ينمو مع الوقت ليشمل السؤال الذي يتضمن مفتاح المحافظة على إنعاش السوق: سواء ستكون البنوك المركزية قادرة على مواجهة تحدي السياسة، إما عن طريق تنشيط الاقتصاد أو منح مؤسسات اخرى لديها أدوات أفضل لتنشيط الاقتصاد وفضلت أن تظل على الهامش حتى الآن.
*نقلاً عن صحيفة “الخليج” الإماراتية.