حالة من الترقب تشهدها الأسواق المالية والمستثمرون في الولايات المتحدة والعالم، لقرار «مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي)» الذي سيعلن عنه غداً بشأن سعر الفائدة. ومن المتوقع على نطاق واسع أن يقرر مسؤولو «الاحتياطي الفيدرالي»، الذين يجتمعون اليوم وغداً، تخفيض سعر الفائدة القياسية بمقدار 25 نقطة أساس (ربع نقطة مئوية). وسيتم الإعلان عن قرار البنك بعد ظهر يوم غدٍ الأربعاء.
وإذا حدث أن أعلن البنك تخفيض سعر الفائدة، كما هو متوقع، فستكون هذه هي المرة الأولى التي يخفض فيها «الفيدرالي» سعر الفائدة منذ اندلاع الأزمة المالية العالمية في 2008، وسيبقى التحدي أمام «الفيدرالي» في كيفية الموازنة والحفاظ على معدل تضخم عند نحو اثنين في المائة، وهو المعدل المستهدف للبنك، وفي الوقت نفسه الحفاظ على الرواج الكبير الذي يشهده الاقتصاد الأميركي حالياً.
وعلى الرغم من التوقعات بخفض سعر الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية، فإن ذلك لم يكن كافياً للرئيس الأميركي دونالد ترمب الذي يطالب بمزيد من التخفيض. وجدد الرئيس الأميركي هجومه، أمس، على رئيس «الفيدرالي» جيروم باول، بسبب عدم استجابة الأخير لمطالب ترمب المتكررة بخفض سعر الفائدة بنسب كبيرة. وقال في تغريدة صباح أمس الاثنين: «الاتحاد الأوروبي والصين يواصلان خفض أسعار الفائدة وضخ الأموال في أنظمتهما، مما يسهل على مصنعيهما بيع منتجاتهم. في الوقت نفسه، ومع التضخم المنخفض للغاية، فإن (الاحتياطي الفيدرالي) لدينا لا يفعل شيئاً؛ وربما لن يفعل سوى القليل جداً بالمقارنة. مؤسف جداً!»، متابعاً: «خفض صغير للفائدة لا يكفي».
وكان رئيس البنك المركزي الأوروبي، ماريو دراغي، أعلن في تصريحات الأسبوع الماضي، أن البنك سيستأنف سياسة تخفيف القيود النقدية المتعلقة بالإقراض هذا العام، بعد أن أفادت آخر التوقعات بأن النمو الاقتصادي في منطقة اليورو يتجه إلى الأسوأ.
كما يتهم ترمب كلاً من أوروبا والصين بالتدخل لإضعاف عملاتهما مقابل الدولار حتى تصبح أسعار منتجاتهما أقل، ومن ثم يسهل بيعها في السوق الأميركية والأسواق العالمية، وهو ما يؤثر بالسلب على تنافسية الشركات الأميركية التي دائماً ما تتضرر من قوة الدولار. ولمح ترمب، في تصريحات يوم الجمعة الماضي، إلى أنه لا يستبعد القيام «بشيء ما» بشأن العملة الأميركية، في إشارة إلى احتمالية أن يتدخل البيت الأبيض لتخفيض سعر الدولار مقابل العملات الأخرى.
وطالب ترمب مراراً بتخفيض سعر الفائدة حتى يقفز الاقتصاد الأميركي «كالصاروخ» ويستمر في نموه، الذي بدأ يشهده منذ تطبيق قانون تخفيض الضرائب العام الماضي، والذي ساهم في إحداث رواج غير مسبوق في سوق العمل الأميركية.
وعلى الرغم من أن المعدل الحالي لأسعار الفائدة قد يبدو مرتفعاً للبعض، فإنه في حقيقة الأمر أقل بكثير من المعايير التاريخية. ويرى الاقتصاديون وبعض مسؤولي «الفيدرالي» أن أسعار الفائدة يجب أن تخفض في مواجهة تباطؤ الناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة وتوقعات ركود الاقتصاد العالمي بسبب استمرار الحروب التجارية التي تقودها واشنطن.
ورغم أن البيانات التي صدرت حتى الآن عن الاقتصاد الأميركي ما زالت تشير إلى استمرار الرواج بشكل عام، فإن مسؤولي «الفيدرالي» ما زالوا يتخوفون من مخاطر تباطؤ النمو العالمي وارتفاع التوترات التجارية. ويتوقع المستثمرون أن يلجأ «الفيدرالي» إلى تخفيض سعر الفائدة 3 مرات هذا العام، بنسبة «25 نقطة أساس» في كل مرة.
ومن المتوقع أن يُظهر تقرير الوظائف لشهر يوليو (تموز) الحالي إضافة 170 ألف وظيفة غير زراعية إلى الاقتصاد الأميركي، وانخفاض معدل البطالة إلى 3.7 في المائة، وفقاً لما ذكره مركز «ريفينيتيف» للأبحاث. كما أظهرت البيانات التي تم الكشف عنها يوم الجمعة الماضي أن الاقتصاد الأميركي نما بنسبة 2.1 في المائة – بأفضل من المتوقع – في الربع الثاني.
من جانبها، أكدت رئيسة «مجلس الاحتياطي الفيدرالي» السابقة، جانيت يلين، أنها تؤيد خفض سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس، بالنظر إلى الركود الذي يخيم على الاقتصاد العالمي، والسيطرة المحكمة على معدلات التضخم في الولايات المتحدة، مشيرة إلى أن التضخم في أميركا لا يزال منخفضاً جداً.
وقالت يلين، خلال كلمتها أمام «مجموعة أسبين للاستراتيجية الاقتصادية» في ولاية كولورادو مساء الأحد الماضي: «أعتقد أن الاقتصاد العالمي ضعف. وأعتقد أن السبب في ذلك يرجع جزئياً إلى النزاعات التجارية وما تسببه من حالة عدم يقين لشركات الأعمال»، مضيفة أن «الولايات المتحدة ليست جزيرة. نحن جزء من الاقتصاد العالمي. ما يحدث في بقية العالم – في أوروبا وآسيا – يؤثر على الولايات المتحدة».