سجلت مجموعة من الأسواق العربية نمواً إيجابياً في سبتمبر/أيلول، على الرغم من التراجع العام الذي شهدته المنطقة، وفقاً لأحدث نشرة شهرية أصدرها صندوق النقد العربي.
وتصدرت سوق دمشق للأوراق المالية قائمة الأسواق الأكثر ارتفاعاً في أحجام التداول بنسبة 55.36 بالمئة، تلتها سوق مسقط للأوراق المالية مسجلة ارتفاعاً بنسبة 54.67 بالمئة.
كما شهدت أبوظبي أداءً قوياً، إذ ارتفعت قيمة التداول بنسبة 37.28%، ما يعكس تفاؤل المستثمرين والنشاط الاقتصادي المستدام.
ورغم التحديات التي واجهتها بعض البورصات، فإن مرونة الأسواق بشكل عام في المنطقة العربية تتناقض بشكل حاد مع الصعوبات التي تشهدها الأسواق الغربية، وفقاً لصندوق النقد العربي.
وفي نسختها الحادية والخمسين من تقرير الأسواق المالية العربية، قدمت المنظمة تحليلاً شاملاً لهذه الاتجاهات، حيث قدمت رؤى تفصيلية حول أحجام وقيم التداول عبر بورصات الأوراق المالية في المنطقة.
وأظهر التقرير أن الأسواق العربية بشكل عام شهدت انخفاضاً في أحجام التداول بنسبة 10.78%، وتراجعاً في قيمة التداول بنسبة 2.76%، مقارنة بالشهر السابق.
وشهدت السوق المالية السعودية تراجعاً في أحجام التداول بنسبة 12.42%، كما شهدت سوقا دبي ومصر انخفاضاً بنسبة 7.31% و4.36% على التوالي.
وأشار التقرير إلى أن هذه التقلبات تأثرت بمزيج من معنويات السوق الإقليمية والأداء القطاعي والمخاوف الاقتصادية العالمية.
قدمت نشرة صندوق النقد العربي نظرة شاملة على المشهد المالي في 16 سوقًا عربيًا، مع تسليط الضوء على التفاعل المعقد بين النمو والاستقرار والتراجع، مدفوعًا بالديناميكيات الإقليمية والضغوط الدولية الأوسع نطاقًا.
أداء مؤشر AMF المركب
ومن أبرز ما تناوله التقرير أداء المؤشر المركب لصندوق النقد العربي، الذي يقيس النشاط الإجمالي للأسواق المالية العربية.
وبالنسبة لشهر سبتمبر، ارتفع هذا المؤشر بنسبة 0.58%، ليستقر عند مستوى 496.70 نقطة، وهو ما يمثل تحسناً طفيفاً مقارنة بشهر أغسطس، ما يشير إلى تعافٍ معتدل ولكن ثابت في مختلف البورصات العربية.
ويمثل هذا الارتفاع مكسبا قدره 2.87 نقطة بحلول نهاية أغسطس.
والجدير بالذكر أن 10 من أسواق الأسهم العربية الـ14 المشمولة بالمؤشر ساهمت بشكل إيجابي في النمو الإجمالي، مما يعكس حركة متنوعة ولكنها إيجابية بشكل عام في أداء السوق.
ومع ذلك، سجلت أربع بورصات انخفاضات، مما يعكس التحديات التي تواجهها بعض الأسواق وسط التعديلات الاقتصادية المستمرة.
أبرز المشاركين: العراق ودمشق في الصدارة
وعلى صعيد أداء السوق الفردية، برزت سوق العراق للأوراق المالية كأفضل أداء في سبتمبر/أيلول، حيث ارتفع مؤشرها بنسبة 8.26 بالمئة.
وتبع هذا النمو الكبير سوق دمشق للأوراق المالية، التي سجلت ارتفاعاً بنسبة 6,57 بالمئة.
وتسلط هذه المكاسب القوية الضوء على مسار تصاعدي مستمر في قطاعات معينة من الأسواق المالية العربية، مدفوعاً بمعنويات السوق الإيجابية والتطورات الاقتصادية الإقليمية.
كما شهدت البورصات العربية الأخرى زخماً إيجابياً، وإن بدرجة أقل، حيث ارتفع سوق دبي المالي بنسبة 4.12%، وبورصة قطر بنسبة 4.03%، ليحققا مكاسب قوية.
وحظيت هذه الأداءات بدعم من النمو المستمر في قطاعات مثل العقارات والتمويل والسلع الاستهلاكية.
وسجلت السوق المالية السعودية، رغم أنها ليست ديناميكية مثل نظيراتها، ارتفاعاً بنسبة 0.67%، ما يشير إلى الاستقرار مع استمرار البورصة في التكيف مع التغيرات الإقليمية والعالمية الأوسع نطاقاً.
أسواق المال في تراجع: فلسطين والكويت تكافحان
مبنى سوق الكويت للأوراق المالية في وسط مدينة الكويت. Shutterstock
وفي حين أشار التقرير إلى مكاسب كبيرة في العديد من الأسواق، فإنه أشار أيضاً إلى أن البورصات العربية لم تشهد جميعها نمواً.
وسجلت بورصة فلسطين أكبر تراجع، حيث انخفض مؤشرها بنسبة 2.96 بالمئة، تلتها سوقا مسقط والكويت بنسبة 0.76 بالمئة و0.62 بالمئة على التوالي.
وتأثرت هذه الانخفاضات بديناميكيات السوق الداخلية المحددة، كما تعكس التحديات التي واجهتها هذه الأسواق خلال شهر سبتمبر.
ويمكن أن يعزى التراجع في السوق الفلسطينية جزئيا إلى حالة عدم اليقين السياسي والتقلبات الإقليمية التي أضعفت ثقة المستثمرين.
وعلى نحو مماثل، ألقت التعديلات الاقتصادية وإعادة التوازن القطاعي بثقلها على أسواق مسقط والكويت، مما تسبب في تسجيل عوائد سلبية خلال الشهر.
مقارنة عالمية: الأسواق العربية مقابل المؤشرات العالمية
وأشار التقرير إلى أن مؤشر MSCI للأسواق الناشئة في آسيا سجل ارتفاعاً بنسبة 7.80%، مما يدل على المرونة في مواجهة التحديات الاقتصادية العالمية.
وشهدت أسواق أميركا اللاتينية انخفاضا طفيفا بنسبة 0.06 في المائة خلال الفترة نفسها.
في المقابل، شهدت المؤشرات الأوروبية والأميركية مثل مؤشر فوتسي ونيكي انخفاضات بلغت 1.67% و1.88% على التوالي.
وتسلط هذه المقارنة الضوء على الأداء الإيجابي النسبي للأسواق العربية، خاصة عند النظر إليها في سياق الاتجاهات المالية العالمية.
ويبدو هذا واضحا بشكل خاص عندما نأخذ في الاعتبار أن العديد من أسواق الأسهم العربية ــ وخاصة في العراق ودمشق ودبي ــ سجلت مكاسب كبيرة، حتى في الوقت الذي كانت فيه الأسواق العالمية تكافح الضغوط التضخمية وعدم الاستقرار الجيوسياسي.
سياسات البنك المركزي: خفض أسعار الفائدة وتأثيراتها على السوق
رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي جيروم باول. أرشيف/وكالة الصحافة الفرنسية
وكان أحد التطورات الرئيسية خلال شهر سبتمبر/أيلول هو قرار بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي خفض نطاق أسعار الفائدة إلى 4.75% – 5%، وهو ما يمثل أول خفض في أربع سنوات.
وجاء هذا القرار بعد ثماني زيادات متتالية في أسعار الفائدة، وكان مدفوعا بتقييم بنك الاحتياطي الفيدرالي لتخفيف الضغوط التضخمية والحاجة إلى تعزيز السيولة في الاقتصاد.
وردا على قرار بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، حذت عدة بنوك مركزية عربية حذوه، بهدف الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي وثقة المستثمرين، وأيضا لأن العديد من العملات في المنطقة مرتبطة بالدولار الأميركي.
وخفض البنك المركزي السعودي سعر إعادة الشراء بمقدار 50 نقطة أساس، فيما أجرت البحرين والإمارات والكويت تخفيضات مماثلة.
النفط والذهب: التأثير الجيوسياسي وردود الفعل السوقية
وتراجعت أسعار النفط خلال سبتمبر/أيلول، حيث انخفض خام برنت وخام غرب تكساس الوسيط بنسبة 7.3 بالمئة و5.9 بالمئة على التوالي.
ويرجع التقرير هذا الانخفاض إلى المخاوف المتزايدة بشأن زيادة إمدادات النفط في الأسواق العالمية، إلى جانب ضعف الطلب، وخاصة من الصين، وهي لاعب رئيسي في واردات السلعة.
وأشار صندوق النقد الدولي إلى قرار أوبك تمديد تخفيضات الإنتاج الطوعية لمدة شهرين إضافيين، بهدف استقرار السوق وسط هذه التقلبات.
ورغم انخفاض الأسعار على المدى القصير، جددت أوبك+ التزامها برفع هذه التخفيضات تدريجيا بعد نوفمبر/تشرين الثاني، مع إمكانية إجراء تعديلات بناء على ظروف السوق العالمية.
وفي الوقت نفسه، ارتفعت أسعار الذهب بنسبة 5.2% في سبتمبر/أيلول، مع سعي المستثمرين إلى أصول الملاذ الآمن وسط حالة عدم اليقين الاقتصادي العالمي المستمرة. وبحلول نهاية الشهر، بلغ سعر الذهب 2637.60 دولار للأوقية، وهو ما يعكس الطلب المستمر على الاستثمارات المستقرة التي لا تخاطر.
القيمة السوقية: لمحة عامة عن النمو والانحدار
وعلى المستوى الإقليمي، ارتفعت القيمة السوقية الإجمالية بنسبة 0.53 في المئة مقارنة بشهر أغسطس.
وتصدرت بورصة بيروت قائمة الارتفاعات، حيث نمت قيمتها السوقية بنسبة 10.97%، تلتها بورصة دمشق التي شهدت ارتفاعاً بنسبة 6.31%.
لكن السوق المالية السعودية، ورغم استقرارها بشكل عام من حيث أداء المؤشر، شهدت تراجعاً طفيفاً في القيمة السوقية بنسبة 1.26%، ما يعكس التعديلات المستمرة في قطاعاتها الاقتصادية والمالية.
وعلى نحو مماثل، شهدت فلسطين وسلطنة عمان انخفاضاً في القيمة السوقية بنسبة 2.41% و2.08% على التوالي.