مجلة مال واعمال

الأسهم السعودية تتكبد خسائر فادحة بسبب عطل تقني ضرب مواقع البنوك على الإنترنت

-

تعرضت مجموعة من البنوك السعودية يوم أمس إلى عطل فني ضرب مواقعها الإلكترونية على الإنترنت، وهو الأمر الذي أربك تحركات المستثمرين في أسواق الأسهم السعودية من جهة، والسعوديين الذين اكتتبوا في سهم شركة «إسمنت المدينة» وكانوا ينوون إبرام عمليات البيع في الساعة الأولى من تداولات سهم الشركة من جهة أخرى.

 وفتحت الأعطال الفنية المتكررة التي تضرب مواقع البنوك السعودية مع كل إدراج جديد للأسهم الضخمة في السوق السعودية، ملف سخط كبير بدأ يسيطر على نفوس عملاء هذه البنوك، وسط صمت كبير يسيطر على إدارات العلاقات العامة والإعلام في البنوك المتضررة. واستمرت مدة الأعطال الفنية التي ضربت بمواقع بعض البنوك السعودية على الإنترنت لمدة تصل إلى الـ90 دقيقة، وهو الأمر تسبب بشكل كبير في تكبد مؤشر سوق الأسهم السعودية خلال تداولات يوم أمس خسائر فادحة، كسر من خلالها نقاط الدعوم الفنية المهمة، قبل أن يعجز في العودة فوقها، عقب عودة مواقع البنوك إلى العمل مجددا. وفي هذا الاتجاه، أغلق سهم شركة «إسمنت المدينة» في أول أيام تداولاته عند مستويات 17.55 ريالا (4.68 دولار) يوم أمس، وهو السعر الذي يعني أن المكتتبين في سهم الشركة من السعوديين حققوا أرباحا تصل إلى ما نسبته 75 في المائة.

 من جهة أخرى، أغلق مؤشر سوق الأسهم السعودية يوم أمس على انخفاض بلغ مقداره 114 نقطة، بنسبة تراجع بلغت 1.68 في المائة، ليغلق بالتالي عند مستويات 6682 نقطة، وسط سيولة نقدية متداولة بلغت 6.1 مليار ريال (1.6 مليار دولار)، كاسرا بذلك نقاط دعم مهمة كانت تقف عند مستويات 6700 نقطة.

 من جهة أخرى، أوضح مسؤول في أحد البنوك السعودية، لـ«الشرق الأوسط»، أن الضغط الكبير الذي شهدته المواقع الإلكترونية لبعض البنوك أمس قاد إلى العطل الجزئي الذي أصابها، وقال «تسبب إدراج سهم شركة (إسمنت المدينة) في ضغط كبير على مواقع البنوك المتضررة، مما قاد إلى حدوث عطل فني جزئي تم تلافيه في وقت مبكر من تداولات سوق الأسهم السعودية أمس».

 وعودة إلى تداولات سوق الأسهم السعودية أمس، حيث تسبب الانخفاض الحاد لمؤشر السوق في إغلاق 138 شركة على اللون الأحمر، في حين أن الشركات المرتفعة بلغ عددها نحو 13 شركة فقط، وسط مخاوف من إمكانية استمرار مسلسل الانخفاض خلال تعاملات الأسبوع الحالي.

 من جهته، قال فهد المشاري، الخبير الاقتصادي والمالي، لـ«الشرق الأوسط» أمس «ما حدث لمؤشر سوق الأسهم السعودية من تراجعات حادة يوم أمس مبالغ فيه، فليس من الطبيعي أن يكسر مؤشر السوق نقاط الدعم بكل سهولة، وأعتقد أن الأمر يعود إلى الأعطال الفنية التي مرت بها بعض مواقع البنوك الإلكترونية من جهة، وإلى إدراج سهم شركة (إسمنت المدينة) خلال الفترة الحالية من جهة أخرى».

 وكانت «الشرق الأوسط» قد حذرت في الأسبوع الماضي من تداعيات إدراج سهم شركة (إسمنت المدينة) في سوق الأسهم السعودية خلال الفترة الحالية، بسبب الضعف العام الذي تعاني منه تداولات السوق منذ نحو 3 أسابيع من الآن.

 وأوضح فيصل العقاب، الخبير الاقتصادي، في حديثه لـ«الشرق الأوسط» الأسبوع الماضي، أن سهم شركة «إسمنت المدينة» سيمتص خلال تداولات الأيام الثلاثة الأولى نحو 10 مليارات ريال (2.66 مليار دولار) من حجم السيولة النقدية المتداولة، وقال «إدراج سهم شركة كبرى يتجاوز عدد أسهمها الحرة مستويات الـ94 مليون سهم خلال وقت تعيش فيه سوق الأسهم المحلية في البلاد مراحل ضعف وعدم ثقة، يحتاج إلى إعادة نظر». وتمنى العقاب حينها ألا يقود سهم شركة «إسمنت المدينة» إلى التأثير سلبا على تداولات سوق الأسهم السعودية، وقال «في مثل هذه الظروف يجب أن تكون هنالك إجراءات وقائية لمنع حدوث أي أزمة قد تحدث».

 وكانوا السعوديون قد اكتتبوا الشهر الماضي في 50 في المائة من أسهم شركة «إسمنت المدينة»، والتي تمثل 94.6 مليون سهم عادي من أسهم الشركة، بسعر 10 ريالات للسهم الواحد (2.6 دولار)، في حين استمر الاكتتاب لمدة 7 أيام كاملة.

 يشار إلى أن سوق الأسهم السعودية باتت مهددة وبشكل كبير بالخروج من دائرة اهتمام المستثمرين الأجانب خلال الفترة المقبلة، وذلك كرد فعل قوي على الأداء السلبي الذي لازم مؤشر السوق السعودية خلال الفترة القريبة الماضية، إضافة للأداء السلبي التاريخي الذي لازمها منذ فبراير (شباط) 2006 وحتى الآن.

 وكشف مدير شركة مالية معنية بإدارة استثمارات الأفراد (طلب عدم كشف اسمه) لـ«الشرق الأوسط» قبل نحو أسبوعين، عن انقطاع خط مفاوضات ساخن كان يستهدف جذب رؤوس أموال أجنبية لضخها في سوق الأسهم السعودية خلال الفترة الحالية، وقال «كان هنالك 4 مستثمرون أجانب ينوون ضخ استثماراتهم في سوق الأسهم السعودية، إلا أن المفاوضات معهم توقفت في الأسبوع الماضي نتيجة لعدم رغبتهم في ضخ أموالهم في هذه السوق بسبب الأداء السلبي الحالي».

 وفي ظل هذه المستجدات، كان خبراء اقتصاديون ومستثمرون سعوديون قد لخصوا أهم التحديات التي تواجه الاستثمار في سوق الأسهم المحلية في البلاد بخمسة تحديات قادت إلى عزوف كثير من المستثمرين الأفراد عن ضخ أموالهم في هذه السوق، والبحث عن منافذ استثمارية أخرى تتصدرها تجارة «التجزئة»، وقطاع «العقارات».

 وأوضح هؤلاء أن التحديات الـ5 التي تعوق الاستثمار في سوق الأسهم السعودية تتمحور في ضعف أداء سوق الأسهم السعودية خلال السنوات القليلة الماضية، وانخفاض مستوى الأمان المتعلق بالاستثمار في هذه السوق، وغياب الشركات الاستثمارية عن التداول في سوق الأسهم المحلية في البلاد، واعتمادها على الأفراد، وعدم وجود دعم حكومي واضح لهذه السوق، بالإضافة إلى عدم استقرار الأوضاع السياسية في المنطقة خلال الفترة الحالية.