ترك ارتفاع الطلب على الطاقة، إلى جانب الانقطاع المتكرر لإمدادات الغاز القادم من مصر، الأردن يناضل من أجل تلبية احتياجاته المحلية، فيما ما تزال عمليات استيراد هذه الضرورة الرئيسية تضع مزيداً من الضغوطات على كاهل الاقتصاد المحلي المرهق أساساً.
في الوقت الراهن،، يستورد الأردن ما يقارب %97 من الطاقة التي يستهلكها، بينما يواصل الطلب المحلي الأساسي في نموه بمعدل سنوي تبلغ نسبته حوالي 5.5 %.
وفي ضوء هذه الحقائق، هناك خطط جدية لتعزيز إنتاج الطاقة المحلية تمضي على وتيرة جيدة وذلك في الوقت الذي يتحرك فيه الأردن لتوقيع شراكات جديدة لمجموعة واسعة النطاق من المشاريع التي ستساعده على تنويع خليطه من الطاقة.
أسعار النفط تعيث فسادا
تلقى الأردن ما يقل عن ثلث إمدادات الغاز المتفق عليها مع مصر منذ العام 2011، والذي يعود إلى عمليات التخريب والتفجير المتكررة لخط الغاز العربي.
وزادت المشاكل التقنية القائمة، جنباً إلى جنبٍ مع قرار الحكومة المصرية تحويل الإمدادات إلى الاستخدام المحلي، من حدة الأوضاع ما أجبر المملكة على البحث عن مصادر بديلة للنفط.
من جهة أخرى، مع أن أسعار النفط خفضت كلفة استيراد الطاقة في الأشهر الأخيرة، ما تزال مشاكل الطاقة معقدة في الأردن.
وكانت أسعار النفط الخام اتجهت بحدة إلى الارتفاع في أواخر شهر كانون الثاني (يناير) الماضي، ما أثار تكهنات أن الانهيار الأخير في أسعار النفط يمكن أن يكون بصدد الانتهاء في الوقت الراهن.
لكن، مع ذلك، فقد تضمن الشهر المذكور تحذيراً من البنك الدولي يقول إن “انخفاض أسعار النفط على المدى المتوسط يمكن أن يشهد تغلب الخسائر، في شكل تحويلات من الأردنيين الذين يعيشون في دول مجلس التعاون الخليجي المعتمدة على النفط، على المدخرات في اقتصاد المملكة”.
كما من الممكن أن يؤدي انخفاض أسعار الذهب الأسود إلى تخفيض حجم وكم المنح التي تقدمها حكومات دول مجلس التعاون الخليجي للمملكة.
للمشاريع الجديدة أولويتها
على الرغم مما أتينا عليه سابقاً، تمهد مجموعة كبيرة من المبادرات الجديدة الطريق للأردن حتى يحد من اعتماده على استيراد الطاقة، بينما تصبو إلى تعزيز إنتاج الطاقة المحلية بغض النظر عن بيئة أسعار النفط الدولية.
وفي هذا السياق، حظيت خطط الطاقة الكهربائية المتجددة في المملكة بدعم كبير في نهاية العام الماضي عندما أعلن كل من البنك الأوروبي للإنشاء والتعمير ومؤسسة تمويل التنمية الفرنسية، بروباركو، أنهما سيوفران قروضاً تصل قيمتها إلى 100 مليون دولار لمشاريع الطاقة الشمسية.
وفي أوائل شهر كانون الثاني (يناير) من العام، قال وزير الطاقة والثروة المعدنية محمد حامد إن “المملكة ستعمل على زيادة قدرة شبكة الكهرباء الوطنية بمقدار 1000 ميغاواط وصولاً إلى قدرة كلية تناهز الـ 5300 ميغاواط باستخدام هذه القروض المتاحة”. وتتوقع الحكومة أن يبدأ العمل في المشروع قبل نهاية شهر آذار (مارس) الجاري، بينما تهدف إلى أن يتم إنجاز المشروع كاملاً في غضون عامين.
يُؤمل من هذه الخطوة أن تمهد الطريق لإعادة إطلاق عطاء الطاقة المتجددة الثالث.
وعلى الرغم من أن الحكومة المحلية سعت لتحصيل طلبات المستثمرين لإنشاء محطة للطاقة الشمسية والرياح بقدرة 100 ميغاواط العام الماضي، إلا أنها وضعت المشاريع على الرف عندما ثبت أن محاولات تخصيص تمويل دول مجلس التعاون الخليجي لوضع قيود على قدرة التوزيع غير ناجحة.
وقد كانت بعض المشاريع أكثر نجاحاً من أخرى، إذ أصدرت السلطات رخصة للكهرباء المتجددة ، الثالثة عشرة، في أوائل كانون الثاني (يناير) لمصلحة “معان فالكون للطاقة الشمسية” وذلك لإنشاء مزرعة للطاقة الشمسية بقدرة 21 ميغاواط في محافظة معان جنوب المملكة بتكلفة 51 مليون دولار.
وكان حامد نوه العام الماضي إلى أنه يجب ربط ما يقارب 1800ميغاواط من قدرة الطاقة المتجددة بالشبكة الوطنية بحلول العام 2018، وهو ما يعادل تقريباً نصف إنتاج المملكة للكهرباء في العام 2013، والذي بلغ في مجمله 3566 ميغاواط.
زيادة الإمدادات من الأولويات
اتخذ الأردن أيضاً عدداً من الخطوات نحو تأمين بدائل لانقطاعات إمدادات الغاز المصري إذ ستتيح المحطة الطرفية لتسييل الغاز الطبيعي بتكلفة 65 مليون دولار، التي هي قيد الإنشاء في ميناء العقبة فيما سينتهي تشييدها خلال شهر تموز (يوليو) من العام، للمملكة تنويع إمداداتها من الغاز.
وفي سياق مشابه، تبحث المملكة عن تأمين إمداداتها من اكتشافات الغاز الأخيرة في منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط القريبة منها.
وفي أواخر كانون الثاني (يناير) من العام، كان حامد أشار إلى أن السلطات تريد الوصول إلى اتفاق لاستيراد حوالي 150 مليون قدم مكعب قياسي يومياً من الغاز من قبرص بحلول منتصف العام الجاري.
ويتوقع أن يتم استلام الغاز على شكل غاز طبيعي مسال عن طريق محطة العقبة الطرفية.
وبعد فترة قصيرة من ذلك، قال حامد إن “السلطات تخوض أيضاً محادثات مع شركة النفط البريطانية متعددة الجنسيات، مجموعة بي جي، لاستيراد الغاز من المياه البحرية في غزة حيث تملك الشركة البريطانية امتياز إنتاج يُدعى بـ”الحقل البحري”.
في العام الماضي، وصل الأردن إلى اتفاقية مع “إسرائيل” تسمح للمملكة بالبدء في استيراد غاز بقيمة 500 مليون دولار من حقل “تمار” مقابل تزويد “إسرائيل” بالبوتاس والبروم من محطاتها في البحر الميت، وذلك على مدة 15 عاماً بدءا من العام القادم 2016.
ودخل الأردن أيضاً مناقشات مع “إسرائيل” تتعلق بموضوع استيراد غاز بقيمة 15 مليار دولار من حقل نفط “ليفياثان” المجاور له.
ومع ذلك، قالت السلطات في مطلع كانون الثاني (يناير) من العام إن “المحادثات قد عُلِّقت كنتيجة لعدم اليقين حول مسألة من سيقوم بتطوير الحقل”.
لقد أثبت أن شراء الغاز من “إسرائيل” قضية مثيرة للجدل السياسي في المملكة، مع تصويت غالبية أعضاء البرلمان ضد مقترحات الاستيراد من حقل “ليفياثان” في كانون الأول (ديسمبر) من العام الماضي.
بطبيعة الحال، ستدعم الصفقات محاولة الأردن تلبية الطلب المحلي على الطاقة، الذي ما يزال يشكل تحدياً كبيراً في المناخ الإقليمي المضطرب والصعب.
وعلى المدى الطويل، يمكن أن يلعب إنتاج الغاز الفلسطيني والقبرصي دوراً رئيسيا في تعزيز الإمدادات الإقليمية التي تمس الحاجة إليها في المملكة، وذلك في الوقت الذي يبدأ فيه سريانها.
المصدر : https://wp.me/p70vFa-69b