رسم وفد اقتصادي اردني يزور هنغاريا حاليا بترتيب وتنظيم من جمعية الاعمال الاردنية الأوروبية(جيبا) ما يمكن وصفه بخارطة طريق جديدة لتشكيل علاقاتهما الاقتصادية والتجارية خلال المرحلة المقبلة وتوفير فرص التعاون لفائدة لدى اقتصاد البلدين الصديقين.
ويتكئ البلدان في ذلك على ارث سياسي عميق ممتد منذ عام 1964 ، وقائم على درجة كبيرة من الاحترام المتبادل وتوج بالزيارة التاريخية لجلالة الملك عبد الله الثاني الى بودابست في 2007 والتي اعقبتها زيارة للرئيس الهنغاري الى المملكة عام 2008.
واضافت الزيارة مدماكا جديدا في بناء علاقات البلدين الاقتصادية ورفع قيمة مبادلاتهما التجارية وتنويع قاعدة السلع المتبادلة.
وتحظى زيارة الوفد التي تستمر حتى يوم الجمعة المقبل باهتمام هنغاري رسمي توج بالعديد من اللقاءات مع وزراء الفريق الاقتصادي بالحكومة الهنغارية ومن بينهم وزراء الطاقة والصناعة والنقل و الزراعة، والمستشار الاول لرئيس الوزراء.
واستجاب الجانب الهنغاري الرسمي للدعوة التي وجهها رئيس(جيبا) عيسى حيدر مراد باقامة منتدى اعمال اردني ــ هنغاري مشترك على هامش الزيارة التي سيقوم بها رئيس الوزراء الهنغاري الى المملكة مطلع العام المقبل والذي سيضم نحو50 شخصية اقتصادية تمثل مختلف القطاعات الاقتصادية.
واظهر الجانب الهنغاري خلال اللقاءات التي اجراها الوفد اهتماما بالغا بان يكون هناك اطار جديد لشكل علاقات البلدين الاقتصادية وتذليل كل العقبات والتحديات التي تحول دون ذلك وبخاصة لجهة دخول الصادرات الاردنية الى السوق الهنغاري وتوفير الدعم لها للنفاذ الى السوق الاوروبي.
وعبر الجانب الهنغاري عن رغبته الكبيرة ببناء مركز لوجستي في بودابست لاعادة تصدير المنتجات الزراعية الاردنية الى اوروبا بالاضافة الى امكانية ان يستورد منتجات الزيتون والعنب من المملكة مقابل تصدير المواشي الحية ومنتجات الصناعات الغذائية الحية.
ويملك البلدان مخزون من الفرص ظهرت بوادره خلال الأشهر الخمسة الاولى من العام الحالي حيث بلغت مستوردات المملكة من هنغاريا ما يقارب 26 مليون يورو مقابل حوالي 5 ملايين يورو صادرات ما يؤكد وجود رغبة كاملة للعمل معا على دفع علاقاتهما الاقتصادية والتجارية الى الامام.
ويتمتع الاقتصاد الهنغاري بخبرات وتجارب مهمة بمجال صناعة وتجميع السيارات والاليات وتكنولوجيا المعلومات والبحث العلمي والصناعي وتنقية وتحلية المياه والانتاج الزراعي الوفير والصناعات الغذائية واللحوم.
وعلق رئيس (جيبا) الآمال على القطاع الخاص في البلدين للعمل معا واقامة شراكات تجارية واستثمارية للنهوض اكثر بمستوى التجارة القائمة بينهما والبحث عن فرص ما زالت غير مستغلة بقطاعات اقتصادية غنية كالادوية والطاقة وتكنولوجيا المعلومات والتدريب وتبادل الخبرات بالمجال الصناعي بالاضافة الى الصحة والسياحة العلاجية والبوتاس والفوسفات.
واشار مراد خلال اللقاءات التي تمت الى وجود حرص اردني كبير لتطوير العلاقات مع هنغاريا والاستفادة اكثر من اتفاقية الشراكة الاردنية ـــ الأوروبية التي مضى على توقيعها اكثر من عشر سنوات وحققت خلالها نجاحات كثيرة انعكست على الاقتصاد الوطني ودفع عجلة النمو بالاضافة الى الدعم المالي والمنح المقدمة لتطوير قطاعات انتاجية.
وقال مراد” نحن نرمي من هذه الزيارة الى اقامة شراكات تجارية واستثمارية قوية والاستفادة من الخبرات الهنغارية بمجالات تنشيط السياحة والتنمية وزيادة الصادرات الزراعية والدوائية وتعزيز التعاون بين الشركات الصغيرة والمتوسطة وقطاع الخدمات.
وبين مراد للجانب الهنغاري الرسمي ما انجزه الاردن من اصلاحات سياسية عميقة شملت تعديلات دستورية وتأسيس المحكمة الدستورية وانجاز قانون جديد للانتخاب ستجري بموجبه انتخابات نيابية، مؤكدا ان المملكة تعيش ربيعا يختلف كلية عما تنقله شاشات التلفاز من دول اخرى بالمنطقة.
وقال القنصل الفخري للمملكة في هنغاريا المهندس زيد نفاع ان علاقات البلدين استراتيجية وقوية وتتسم بالصداقة والاحترام المتبادل وتشهد تطورا واضحا لترابط المصالح مشددا على ان يعملا اكثر لتعزيز شراكتهما التجارية.
ولفت الى ان هنغاريا من اكثر الدول الأوروبية استيرادا للمنتجات الزراعية الاردنية من خضار وفواكه بالاضافة الى ما تستورده من مواد كيماوية وادوية مشيرا الى ان الاردن قادر على توفير المنتجات الزراعية للسوق الهنغاري على مدار العام.
واشار نفاع الى العديد من اتفاقيات التعاون ومذكرات التفاهم الثنائية الموقعة بينهما بمجالات الصحة والنقل وادارة المياه والثقافة والبحث العلمي وحماية وتشجيع الاستثمار والزراعة والسياحة ومكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة والعقاقير المخدرة. وتحدث خلال اللقاءات عدد من اعضاء الوفد حول الفرص الاستثمارية المتوفرة في الاقتصاد الوطني بقطاعات مختلفة، اذ اشار رئيس مجلس ادارة شركة مبادئ الطاقة المتجددة المهندس جمال بدران الى آفاق الاستثمار بقطاع الطاقة الذي يعد التحدي الاول للاقتصاد الوطني.
وبين بدران ان الاردن من اوائل الدول التي انجزت قانونا خاصا للطاقة المتجددة بالاضافة الى وجود استراتيجية شاملة للطاقة حتى عام 2020 حيث تتطلع المملكة الى تنويع مصادر الطاقة ليكون 10 بالمئة من خليط الطاقة من المصادر المتجددة.
واكد ان الاردن بما يملكه من كوادر هندسية وفنية مدربة جاهز لدخول قطاع الطاقة المتجددة وتقديم فرصة كبيرة للاستثمار في هذا القطاع الحيوي ثم الانطلاق الى الدول المجاورة.
واشار المهندس بدران الى انشاء العديد من الشركات الاردنية وهي جاهزة لمشاركة الشركات الاجنبية لتنفيذ المشروعات المتوقعة في المستقبل القريب بمجالات الطاقة الشمسية والرياح، داعيا الشركات الهنغارية للاستفادة من الفرص.
وتحدث المدير العام لشركة الشروق للتكنولوجيا والاستشارات زياد علان حول قطاع تكنولوجيات المعلومات في المملكة، مشيرا الى اهتمام الاردن بهذا المجال منذ بداية السبعينيات وتخريج افواج جامعية مؤهلة بهذا القطاع.
وبين علان ان الاردن يملك خبرات كبيرة في قطاع تكنولوجيا المعلومات من العاملين بالقطاعين العام والخاص بجانب وجود علاقات مع الشركات العالمية التي فتحت لها مكاتب إقليمية بالمملكة بالاضافة الى وجود مؤثر للشركات الاردنية في اسواق دول الخليج وشمال افريقيا.
وقال ان الاردن يتطلع الى تبادل الخبرات واقامة شراكات بقطاع تكنولوجيا المعلومات مع الشركات الهنغارية والاستفادة من الخبرات الواسعة وتبادل التجارب بين الطرفين بهذا القطاع.
وعرض رئيس الاتحاد العام للمزارعين الاردنيين عودة الرواشدة للامكانات الكبيرة التي يملكها الاردن في المجالات الزراعية، واصفا القطاع الزراعي بانه من اهم النشاطات التجارية والاقتصادية بما يملكه من خبرات فنية مؤهلة واستخدام الاساليب والتكنولوجيا الحديثة سمحت لمنتجاته بالوصول الى مختلف الاسواق العالمية لتمتعها بافضل المواصفات المطابقة.
وقال الرواشدة ان الزراعة في الاردن تدوم على مدار العام وبخاصة منتجات البندورة والخيار والبطيخ والشمام ما يعني توفيرها على مدار السنة وهو ما تفتقد له الدول الاوروبية مما يعني ان المملكة قادرة على توفير هذه المنتجات للاسواق الاوروبية بشكل دائم.
واكد ان الاردن يتطلع الى هنغاريا لتكون مركزا لوجستيا لصادرات الخضار والفواكه الاردنية وتوزيعها الى اسواق الدول الاوروبية واقامة شركات تجارية بهذا الاطار تسهم في رفع حجم التبادل التجاري بين البلدين بالاضافة الى اقامة استثمارات زراعية مشتركة.
وطالب الرواشدة الجانب الهنغاري بمنح صادرات الخضار والفواكه الاردنية مزيدا من التسهيلات عند دخولها الاراضي الهنغارية، مشيرا الى ان التجار والمصدرين يواجهون في بعض الاحيان بعض العراقيل والانتظار لفترة طويلة قبل السماح لهم بعبور بضائعهم.
واشار مدير عام شركة نقليات عوده النبر واولاده سمير النبر الى قطاع النقل في المملكة ودوره في تسهيل حركة التجارة والترانزيت بين الاردن من جهة ودول المنطقة والعالم من جهة اخرى نظرا للموقع الاستراتيجي المميز للمملكة وتوفر اسطول حديث ومتطور للنقل.
وقال ان الاردن يعمل على فتح ممر اقتصادي مع رومانيا لتسهيل انسياب السلع والصادرات الاردنية الى السوق الاوروبي ويتطلع الى امتداده الى هنغاريا باعتبارها من دول اوروبا الوسطى.
واشار النبر الى التعاون الاردني الهنغاري بمجال النقل منذ سنوات طويلة وتطوير الخدمات اللوجستية بهذا المجال بهدف توزيع المنتجات والصادرات الاردنية في دول الاتحاد الاوروبي.
ويضم الوفد ممثلين لقطاعات البنوك والخدمات المصرفية والتبريد والتكييف والأدوات الصحية ومواد البناء والانشاءات والمقاولات والطاقة والحجر والرخام وتكنولوجيا المعلومات والصناعات الغذائية والمشروبات والشحن والأمن والحماية والسيارات والاليات الثقيلة والزراعة والسياحة والسفر وتشجيع الاستثمار.
وتعد الخضار والفواكه الطازجة او المبردة والادوية ومواد التجميل والاثاث الخشبي اهم صادرات المملكة الى سوق هنغاريا بينما يستورد الاردن الاجبان والادوية والذرة الصفراء والمبيدات الحشرية وورق الكتابة والابقار الحية والحديد ومصنوعاته والاقمشة وبضائع اخرى.
وحضر لقاءات الوفد المستثمران الاردنيان بقطاعات الفندقة والمطاعم والسياحة في هنغاريا سمير حمدان وزهير عوض.