تلحق “مشاعية “ الملكية للأراضي والعقارات وقصور التشريع والأخطاء الإدارية أضرارا اقتصادية واجتماعية جمّة، وسط تعظيم لفكرة التملك بصفتها رصيدا آمنا للمستقبل، بينما تظهر احصائيات رسمية أن عدد ملكيات المشاع في المملكة يتجاوز 220 الفا.
وعلى الرغم من انجاز دائرة الأراضي والمساحة 38 الف معاملة إفراز خلال العام الماضي و41 الفا في العام 2010 حسب إحصاءات رسمية، الا ان تلك الأرقام على اطلاقها لا تعكس إزالة شيوع الملكية “حصص مملوكة لأشخاص مع استعصاء تحديدها” كونها لا تتجاوز 5%، من أصل قضايا شيوع الملكية التي تتجاوز 224 الف معاملة معلقة منذ عقود.
وتشير خريطة الملكيات الى ان عدد الحيازات التي لا تتجاوز دونمين تبلغ 128 الف حيازة، اذ تشكل الحيازات التي يمتلكها اكثر من 20 شخصا 23 الفا منها، بينما يبلغ عدد الحيازات التي تتراوح ما بين 5 الى 10 دونمات، 45 الفا، أما الحيازات التي تتجاوز 20 دونما فهي 42 الفا.
وأظهرت دراسة لدائرة الأراضي والمساحة حللت “أسباب واثار المشاع في الملكيات”، وجود أسباب إدارية واجتماعية وتشريعية خلف تضخم هذه الظاهرة، موضحة أن البناء العشوائي ادى الى استنزاف الموارد في انشاء البنية التحتية، فضلا عن أضرار تلحق بكثيرين في حال البيع والشراء، وزيادة مشكلة الملكية على الشيوع وتعقدها ومشكلات بيئية واجتماعية، وهو ما يتم حله من خلال تفعيل دور الرقابة على التنظيم.
ووجدت الدراسة ان وجود قطع اراض كثيرة مخدومة وغير مستغلة ادى الى ارتفاع تكلفة الخدمات وتعطيل الأراضي الزراعية وزيادة التصحر، وهو ما تقترح الدراسة حله من خلال دراسة فرض ضرائب على الأرضي داخل مناطق التنظيم وربط التوسعات التنظيمية بالحاجة الفعلية.
وبينت الدراسة ان عدم تفعيل تشريعات إدارة المال الشائع ادى الى هدر الموارد وعدم الاستثمار الأمثل للمال، وبالتالي التأثير سلبا على الاقتصاد الوطني ويفاقم الخلافات بين الشركاء ويؤدي الى زيادة الطلب على الأرضي الأخرى وزيادة الأسعار.
ويسهم طول فترة إجراءات الإفراز القضائي حسب الدراسة، الى عزوف المالكين عن قسمة وإزالة الشيوع وتجميد استغلال الملكية الشائعة واستمرار تفاقم مشكلة الشيوع وزيادة نفقات التقاضي.
اما على الجانب الاجتماعي، فقد لمست الدراسة ان الرغبة في الحصول على الملكية يؤدي الى استنزاف التوفيرات الشخصية وتجميدها واتساع رقعة الأراضي السكنية على حساب الزراعية، وزيادة الاسعار بشكل غير مبرر ويؤدي الى التمسك بحصص غير قابلة للقسمة وزيادة اساليب التحايل للحصول على الملكية وزيادة الضغط على الأجهزة التنفيذية لتجاوز القانون.
ومن المشكلات الاجتماعية التي ترصدها الدراسة، يبرز كبر حجم الاسرة الذي يفضي الى فقدان الملكية والبيع القسري وزيادة عدد الشركاء على الشيوع وتصاعد مشكلاتها وتفتت الملكية، وهو ما يمكن علاجه من خلال تحديد مدة الزامية لتوزيع التركة بين الورثة.
ويؤدي عدم اطلاع المواطنين على الانظمة والقوانين الى شراء حصص غير قابلة للفرز واستثمارات عقارية غير مجدية، حسب الدراسة.
ومن الناحية التشريعية، ارجعت الدراسة تفاقم مشكلة مشاعية الأملاك الى الإرث والوصية وتعارض النصوص القانونية التي تحكم موضوع الملكية والسماح بتسجيل حصص غير قابلة للقسمة وعدم وجود الية لتنفيذ بعض القوانين.
وياخذ السبب التشريعي حيزا مهما في الدراسة، التي تؤكد أن قواعد ادارة المال الشائع غير كافية وقاصرة وتقيد المساحة بالحد الادنى المراد إفرازه، وتسهم تلك التشريعات في تأخير تقسيم المال الشائع، فضلا عن التنظيم يسمح بالبناء في الاراضي المشاع.
وتشير الدراسة ايضا الى عدم وجود قانون لتقسيم المناطق خارج حدود البلديات، كما ان التصرف في المال الشائع يتطلب موافقة جميع الشركاء وارتفاع تكاليف ازالة الشيوع الرضائي او القانوني.
وتوصي الدراسة للتغلب على تلك المعوقات التشريعية، بتوفير حوافز تشريعية لازالة الشيوع ووضع الية لتنفيذ بعض القوانين وتخفيض الاحكام التنظيمية للاستخدامات السكانية.
المصدر : https://wp.me/p70vFa-FS