قالت صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية إن الخدمات المصرفية الخاصة شهدت زيادة في الطلب عليها رغم الأجواء المحبطة التي أحاطت بالخدمات المالية عموما خلال العام الماضي.
وذكرت أن ارتفاع أسعار النفط والاستثمارات الحكومية في أعقاب الربيع العربي أبقى على المصرفيين العاملين في الخدمات المصرفية الخاصة مشغولين مع سعي أثرياء المنطقة وراء حماية ثرواتهم.
واستندت الصحيفة إلى تقرير صادر عن كابجيمني وميريل لينش والمتعلق بالثروة العالمية عن 2010، بيَن أن عدد الأفراد الأثرياء في المنطقة ازداد بنسبة 10% الى 400 ألف ثري، وأن حجم ثرواتهم قفز من 12.5% الى 7. 1 تريليون دولار لتتفوق بذلك النمو على المناطق الأخرى.
ويعد ذلك عودة الى مستويات ثروات ما قبل الأزمة التي سجلت عام 2007، في أعقاب ظهور ضعيف في عام 2009 بعد أن تضررت أسواق الاسهم والعقارات في الشرق الأوسط بشدة من الأزمة المالية العالمية، وفقاً لصحيفة “القبس” الكويتية.
بيد أن متطلبات أثرياء المنطقة باتت في الوقت الراهن أكثر تطورا وتعقيدا في ضوء سعيهم لنهج أكثر صرامة في التحوط من المخاطر لحماية ثرواتهم. وتتجه البنوك بشكل متزايد نحو المتخصصين في الخدمات المصرفية الاستثمارية لادارة الثروة الحقيقية في المنطقة الموجودة عند المجموعات العائلية الكبيرة اضافة الى المؤسسات والصناديق المرتبطة بالحكومة.
وكما يقول مسؤول مصرفي كبير “نموذج عمل البنوك العالمية يتغير الى الأبد. لم يعد هناك فرص عمل كما كان الوضع سابقا، لذلك تعود البنوك الى الأساسيات في عملها والمتمثلة في تغطية الشرق الأوسط (كما كانت تفعل سابقا) عندما بدأت من خلال ادارة الثروات”.
المخاطر السياسية المتزايدة في المنطقة منذ أن أطاحت الثورات العربية بثلاثة حكام في شمال أفريقيا دفعت بالكثيرين الى اعادة تقييم كيفية التخطيط لادارة ثرواتهم.
بنك كوتس البريطاني للخدمات المصرفية الخاصة التابع لرويال بنك أوف سكوتلند، واحد من البنوك التي تعزز تواجدها في المنطقة للاستفادة من هذه الفرص.
يقول أمير صدر، الرئيس الاقليمي لمكتب كوتس الذي يقود تعاملات البنك مع “الأفراد من ذوي الدخل المرتفع” أو الأفراد الذين تتجاوز أصولهم السائلة 50 مليون دولار، إن الكثير من العائلات الثرية في منطقة الخليج والشرق الاوسط يفكرون في هيكل مختلف مثل الوقف والتخطيط لأجيال قادمة أو حجز الأصول في منصات متعددة”.
وتثبت قوة المكاتب التي تتعاطى ادارة ثروات العائلات الكبيرة في الخليج قدرتها على تحقيق جاذبية قصوى لمديري الثروات، لدرجة أن مصرفيين يرون أنهم يجب أن يبدأوا في التعامل مع هذه المكاتب المتنامية التطور على أنها شبه مؤسسات.
ويقول مصرفي كبير يعمل في الخدمات المصرفية الخاصة “سواء كان الزبائن من المؤسسات أو الأفراد، فان متطلباتهم واحدة، وهناك مجموعة كبيرة من شبه المؤسسات مثل شركات العائلات الثرية في المنطقة لا تتم تغطيتها على نحو مناسب من قبل البنوك الاستثمارية.
ويضيف “يحتاج الزبائن الى الخدمات المناسبة من جميع أجزاء ووحدات البنك، مثل ادارة الاستثمار وتمويل الشركات والخدمات المصرفية الاستثمارية والتخطيط للثروات والخلافة”.
ويقدم مصرفيو الخدمات الخاصة على نحو متزايد استشارات لأصحاب الشركات بشأن المسائل المتعلقة بالخلافة في المجموعات العائلية. ويلاحظ مديرو الثروات تقبلا أكثر وأجواء أكثر انفتاحا حيال هذا الموضوع.
ويقول أحد المصرفيين “ان العائلات التجارية بحاجة الى النصح والتوصيات من المصرفيين الذين يديرون ثرواتهم بشأن استراتيجيات حماية الثروات. ولا يتم عادة انجاز هذا النوع من العمل في ليلة وضحاها، فهو أمر يتطب الكثير من الوقت والجهد”.
ويضيف: “والأهم من ذلك، فان وجود الاجماع بين مختلف أفراد وأجيال العائلة أمر ضروري لنجاح تطبيق أي استراتيجية يتم التوصية بها”.
المصدر : https://wp.me/p70vFa-136