اقتصاديون: إنسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يهدد الاستثمارات السعودية

تحليل اقتصادي
4 يوليو 2016آخر تحديث : منذ 8 سنوات
اقتصاديون: إنسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يهدد الاستثمارات السعودية

6147d84c4b58427d871634b3e3213a32

 أكد اقتصاديون أن تأثير انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي على المستثمرين السعوديين والخليجيين في بريطانيا لن يختلف عن أي مستثمرين آخرين وستمر بأيام صعبة، مبينين أن التأثيرات الاقتصادية ستشمل الجميع، وأنها ستصيب الاقتصاد البريطاني بأضرار على المستويين القصير والمتوسط لا يمكن تحديدها، موضحين أن المملكة المتحدة تعتبر من الدول الرئيسة التي لديها استثمارات أجنبية سعودية تتمثل في الأسهم والسندات الخاصة والعقارات التجارية والسكنية التي تقدر بنحو 684 بليون ريال (120 بليون جنيه إسترليني).
وأشاروا إلى أن السعودية هي أكبر شريك تجاري لبريطانيا في منطقة الشرق الأوسط، وهناك 200 مشروع مشترك تقريباً بين البلدين، بإجمالي استثمارات تُقدر بنحو 66 بليون ريال (17.5 بليون دولار) وهذه الاستثمارات كغيرها لا يمكن التنبؤ بتأثير الانسحاب البريطاني من الاتحاد الأوروبي عليها.
وأوضح أستاذ الاقتصاد الدكتور محمد القحطاني، أن جميع دول العالم قلقة من انسحاب البريطانيين، وسيترك آثاراً كبيرة على المستويين القصير والمتوسط، ولكن حجم هذا الأثر هو الذي لا يمكن الآن الوقوف عليه، إذ لم يتوقع الجميع أن يصوت البريطانيون للانسحاب، على رغم أن المنطق كان يفترض أن يحترز بنسبة 50 في المئة، مضيفاً: «انسحاب البريطانيين زاد من الغموض في الاقتصاد العالمي».
وأشار إلى أن الأسواق العالمية استطاعت أن تمتص الموجة الأولى من الانسحاب، إذ هبط الجنيه الإسترليني 10 في المئة وحدث تحرك كبير وعنيف وصاخب وفوري، إلا أن محافظو البنوك المركزية أدوا مهمتهم التي كانوا على استعداد للقيام بها في حالة الضرورة وهي ضخ قدر كبير من السيولة في الأسواق ولم يحدث ذعر فيها، كتلك التي حدثت في 2008 خلال أسوأ الأزمات المالية، ولم تعاني الأسواق من مشكلات في السيولة.
وأكد بأن رد فعل الأسواق تعتمد على الخطوات التي يتخذها صناع السياسة في بريطانيا والاتحاد الأوروبي للتعامل مع خطوة الانفصال والحد من الغموض، فالمتحكم في هذه المرحلة هم السياسيون، وما يظهروه من تطمينات وقرارات تعزز الاستقرار وترسم ملامح المرحلة الحالية والمقبلة، مبيناً أنه سيظهر ذلك في الأيام القليلة المقبلة، وستقود في شكل حقيقي الاتجاه الذي ستذهب فيه الأوضاع الاقتصادية، وقدرتهم على معالجة تبعات التصويت «التاريخي».
وحول تبعاته على اقتصاد المملكة ودول الخليج، أكد على ضرورة اتخاذ كل التدابير المتاحة لتحقيق استقرار الأسواق المالية للحد من آثار الانسحاب، مضيفاً: «اقتصاد السعودية ودول الخليج يملك أسساً قوية، وستكون الآثار محدودة سيستوعبها، وهذا لا يعني عدم وجود آثار مؤلمة بخاصة للمستثمرين».
من جانبه، أشار الدكتور محمد الجعفر إلى أن محافظي البنوك المركزية أدوا مهمتهم في توافر سيولة كبيرة طمأنت المتعاملين في الأسواق على أن الوضع تحت السيطرة، وهذا دعم المواقف السياسية التي أكدت على أن الأوضاع مسيطر عليها، إلا أن استطلاعات الرأي البريطانية أكثر تشاؤماً، إذ أظهرت أن شركة بريطانية من أصل خمس تعتزم نقل قسم من نشاطها، وأن ثلاث من خمس تقريباً تعتبر أن خيار الخروج من الاتحاد الأوروبي مضر بأعمالها، كما يعتقد 64 في المئة من أصحاب العمل أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي سينعكس سلباً على نشاطاتهم.
وشدد على ضرورة أن يعمل المستثمرون السعوديون بأقصى درجات الحذر وعدم التقليل من أهمية تبعات الانسحاب، وقال بأن الأمور قد لا تبدو كما هي عليه في السطح، وأن مراقبة الأوضاع بدقة أصبحت أمراً لا مفر منه، بخاصة أن الأوروبيين أنفسهم يطالبون بالإفصاح عن تبعات القرار.
وأوضح المستشار المالي ناصر المير، أن خروج البريطانيين أصبح أمراً واقعاً، وأن الخيارات المتاحة محدودة، والأوضاع في بريطانيا مربكة بشكل كبير في ظل تغيرات غامضة، نتج منها انخفاض الجنيه الإسترليني إلى أدنى مستوياته في أكثر من ثلاثة عقود على الفور بعد التصويت، وستظل الأسواق المالية متأرجحة حتى يحزم البريطانيون أمرهم ويبدؤوا في عملية الطلاق السياسي والاقتصادي من الاتحاد الأوروبي الذي لن يكون سهلاً، بل معقداً وطويل الأمد، وسيشبه إلى حد كبير الأزمة المالية 2008.
وأشار إلى أن وكالتي التصنيف الائتماني «ستاندارد أند بورز» و«فيتش»، خفضت درجة الدين البريطاني بعد التصويت بالخروج، وقالت «ستاندارند أند بورز» في بيان، إن درجة الدين البريطاني خفضت من «إيه إيه إيه»، وهي الأفضل، إلى «إيه إيه»، أي درجتين. وأشارت الوكالة إلى «عدم اليقين» الذي نجم عن الاستفتاء، موضحة أنها تتوقع «أجواء سياسية لا تسمح بالتكهن بتطوراتها وأقل استقراراً وأقل فاعلية» في الأشهر المقبلة. كما خفضت وكالة «فيتش» أيضاً درجة بريطانيا، متوقعة «تباطؤاً كبيراً» في نمو البلاد، من «إيه إيه+» إلى «إيه إيه» مع آفاق سلبية، ما يعني أنها يمكن أن تخفض مجدداً في الأشهر المقبلة. وكانت وكالة «موديز» خفضت توقعاتها للدين البريطاني إلى «سلبي» منذ الجمعة، مشيرة إلى احتمال خفض جديد أيضاً. والدرجات التي تحددها وكالات التصنيف الائتماني وتعد شهادات تملي الشروط التي يمكن بموجبها للشركات والدول الاستدانة في أسواق المال. وبقدر ما تكون الدرجة منخفضة يكون معدل الفائدة الذي يطلبه الدائنون مرتفعاً.
وقال: «المستثمرون السعوديون كغيرهم من المستثمرين الذين ينتظرون المزيد من اتضاح الرؤية، والإفصاح عن الخطوات التي سيتخذها البريطانيون وكذلك الأوروبيون في شأن الانفصال»، مضيفاً: «لا يمكن في الظروف الحالية الوقوف على تبعات الخروج، وستكون أمام الاستثمارات السعودية أيام قاسية».

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.