مجلة مال واعمال

اتفاق إيران النووي يشعل صراع العمالقة في سوق النفط

-

d602f540038وسط تصاعد المخاوف من التباطؤ العالمي وأثره على تراجع النمو في الشرق الأوسط، برز الاتفاق النووي الإيراني، على أنه خطوة واعدة بانتعاش اقتصادي قوي ستشهده منطقة الخليج العربي، كما أنه سيشعل نار المنافسة بين الدول المنتجة للنفط بشكل قد يؤدي إلى التصارع على الحصص، لمنح تسهيلات وتفضيلات للدول المستهلكة، وبالذات في أسواق شرق آسيا، على رأي خبراء نفطيين.
ورغم استبعادهم لحدوث تراجع قوي في أسعار النفط لمبررات عدة استعرضوها في لقاءات متفرقة مع مراسل «العربية- نت» شدد الخبراء على أن القوة التنافسية التي تملكها دول الكثافة السكانية مثل إيران والعراق، ستجعل هذا الاتفاق يصب في مصلحتيهما لجهة بيع نفطيهما بشكل أكثر سهولة من خلال مقايضته بسلع ومستوردات بدلا من بيعه كاش أو بالدولار الأميركي.
من جهته، قلل الخبير النفطي حجاج بوخضور، من انعكاسات ردة الفعل تجاه هبوط أسعار النفط، موضحا أن نتائج الاتفاق ستكون في اتجاهين؛ الأول تهدئة الأسواق من الظروف الجيوسياسية المتعلقة بالملف النووي الايراني وما كان يشكله ذلك الملف من عنصر عدم استقرار للأسعار، والثاني متعلق بعودة الامدادات الايرانية وبالتالي زيادة المعروض في السوق النفطية.
ويؤكد بوخضور، أن الواقع قد لا يحمل نتائج بتغيير كبير على صعيدي أسعار النفط ومجمل التجارة النفطية، مؤكدا ان كل التوقعات تشير الى ان ايران كانت تقوم بتصدير نفطها- رغم العقوبات- بالطرق المشروعة او عبر التهريب عن طريق بعض دول آسيا الوسطى على حدودها ومن ثم الى الصين والجزء الآخر يجري تهريبه عبر البحر.
ولاحظ بوخضور أن المضاربين ربما كانوا يستغلون الملف النووي الايراني لخلق أكبر قدر ممكن من تذبذب أسعار النفط من أجل تحقيق مكاسب يومية، لكن الاتفاق الحالي جعل من هذا الملف محيدا فيما يتصل بتأثيره على الأسعار الى جانب تأثيراته المتعددة على آلية وكمية الإنتاج وطبيعة التعاقدات بين الدول المنتجة والمستهلكة.
واستبعد صحة ما يثار عن رغبة أميركية في تراجع أسعار النفط، موضحا ان التحليلات العملية على ارض الواقع تثبت حاجة الادارة الاميركية الى بقاء الاسعار مستقرة حوالي 100 دولار للبرميل من اجل السيطرة على النمو الصيني والدفع باتجاه عدم زيادة الصادرات الصينية الى داخل الاقتصاد الاميركي وبالتالي تعميق عجر هذا الأخير.
وقال بوخضور «في كل مرة تحصل ازمة يستغلها المضاربون، لكنهم سيبحثون بعد هذا الاتفاق عن ملفات اخرى، وهي كثيرة في الشرق الاوسط، مثل الازمة السورية او العراق او الملف الليبي» لكنه توقع ان تبقى الاسعار تدور في فلك المئة دولار للبرميل مستندا في ذلك الى ان الادارة الاميركية ترغب في هذا التوازن لمصلحتها مع شركائها التجاريين.
من جهته، حث الخبير النفطي، كامل الحرمي على استغلال هذا الاتفاق الذي ستكون انعكاساته ايجابية بشكل عميق على امارة دبي، التي خسرت 80 في المئة من التبادل التجاري مع ايران بسبب العقوبات، وبالتالي ستكون هي اكبر واول المستفيدين من هذا الانتعاش بحكم القرب الجغرافي ومرونة اقتصادها القادر على استيعاب النشاط التجاري الكبير مع ايران مجددا.
واعتبر ان تراجع او ارتفاع اسعار النفط، لن يكون هو الاثر الاكثر اهمية بالنسبة للاتفاق، موضحا ان ملفات اخرى مثل التبادل التجاري والاستثماري وسهولة حركة الاموال والبضائع وغيرها مع ايران سيسرع من جهود استعادة الانتعاش الذي يسعى العالم الى تحقيقه في منطقة الشرق الاوسط.
وحذر الحرمي من نشوب صراع او معركة على الاسواق المستهلكة، قائلا «الكل سيتقاتل على آسيا بحثا عن التصدير وستكون القوة التنافسية لدول الكثافة السكانية التي يمكنها تصدير نفطها مقابل مقايضته بسلع وخدمات وتبادل تجاري بشتى الانواع، على عكس دول الخليج التي تفضل تصدير النفط بمقابل نقدي مباشر بالدولار».
وذهب الخبير في اقتصاديات الطاقة، الدكتور مشعل السمحان، الى ان التذبذب الحاصل اليوم في اسواق النفط لم يكن انعكاسا للاتفاق الايراني بمفرده، مؤكدا ان مؤشرات اخرى منها صعود الانتاج العراقي والارتياح الاميركي لهذا المستوى من الانتاج كلها عوامل أدت الى تهدئة سوق النفط بشكل تدريجي ولم يجئ قرار الاتفاق الايراني بشكل مفاجئ.
وتحدث السمحان عن تقارير دولية تؤكد المخاوف الاقتصاية تجاه النمو في منطقة الشرق الاوسط، بانه سيكون في حدوده الدنيا وربما هذا يتطلب من وجهة نظر غربية بقاء اسعار النفط دون مستوى المئة دولار، معبرا عن اتفاقه مع هذه التوقعات.
واعتبر ان ابرز انعكاسات الاتفاق الاميركي، هو تصاعد واشتعال المنافسة الشديدة على اسواق شرق آسيا، وهذه المنافسة ستحركها عوامل عدة منها تراجع الطلب الاميركي على النفط الخليجي، ودخول دول جديدة على معادلة زيادة الانتاج مثل الكويت والعراق وغيرها من الدول.
وحذر السمحان من عدم التنبه، الى ان عودة المصدر الايراني، ستكون مندفعة بقوة تضرر الميزانية الايرانية في السابق وحاجة ايران الى اصلاح اقتصادها المتضرر بقوة ويعاني من حالة متردية قد تدفع بهم الى منح ميزات تنافسية وعقود افضلية الى دول آسيا تؤدي في نهاية المطاف إلى تراجع سعر برميل النفط على المدى المتوسط.