بقلم / سارة السهيل
من حين لآخر تصحبني أمي في جولة في ربوع الوطن استذكر بها رحلات الطفولة المبكرة عندما كنت و والديا نذهب كل جمعة نتريض في احضان الطبيعة الخلابة اتذكر جيدا رحلاتنا الى وادي شعيب و غور الأردن و جرش و جبال عجلون الشاهقه و بساتين اربد المزينة بأنواع الثمار ذكية الرائحة و كأنها الأمس القريب نلهث وراء الطبيعة الخلابة التي خلقها الله لنا لكي نتنفس هواء عليلا ، ونزيح الهموم بمشهد حبات المطر المتساقط على الجبال ، او الندى حين يغسل النباتات و الاشجار والزهور بعد العواصف والانواء التي هاجمتها .
أمتع ناظري وأريح قلبي وأطلق روحي تهيم في ملكوت الجمال الرباني الذي وهبه الله تعالى للأردن عبر جبالها وغاباتها وطبيعتها الساحرة ومناخها الجميل ، فاستمد من اللون الأخضر للأشجار والغابات والزهور والمرتفعات طاقة روحية أزعم انها تحييني من عدم .
فسحر الطبيعة الآخذ بالاردن يسكنني وأسكنه ، فنحن نرتاح بالجمال ونشفى من العلل ويتولد الامل مجددا في أنفسنا على مواجهات تحديات الحياة عندما نعيش وسط المروج الخضراء كأننا في جنات الله على الارض .
وما أكثر المناطق الطبيعية الخلابة بالاردن ، والتي يفوح منها عبق التاريخ ومداد الحضارات وتعاقبها ، وقدسية الأديان وتجلياتها ، مثل جبال عجلون وغابات برقش وغيرها
فالغطاء الاخضرالنضر الذي يكسو غابات برقش ، يسرق انظارنا وعقولنا وقلوبنا بينما تنتعش أرواحنا بنسمات هوائها العليلة ، وما بين سحر الطبيعة وجمال الطيور البرية التي تحلق في سمائها تشعر ببكارة المشاعر الانسانية حين ترى الجمال لأول مرة فتنجذب لسحره وتذوب فيه عشقا وتأملا في بيئة لم تفسدها أيدي الانسان .
تتمتع هذه الغابات والتي تغطيها أشجار السنديان و البلوط وأشجار جار الحرجية النادرة والدائمة الخضرة ، التي يمتد عمر بعضها لأكثر من ٥٠٠ سنة بتنوع الغطاء النباتي والشجري ، حيث تنمو فيها ازهار برية نادرة مودانه بألوان بديعة مثل الدحنون والسوسنة السوداء.
فهناك 47 نوعا من الا شجار الحرجية التي تغطي بلونها الاخضر برقش مثل البلوط والملول والقيقب والبطم والزعرور والسماق والشوح والارز والصلمون والسدر والسرو والدوم والاجاص البري.
وهذه الطبيعة الساحرة لبرقش جعلت منها محمية طبيعية للحيوانات البرية وبخاصة الغزلان ، وللطيور البرية مثل الحجل والطاووس والفزنت . بجانب ما تحتضنه طبيعتها الساحرة من ” مغارة الظهر ” والتي اكتشفت مؤخرا وتشكلت عبر ملايين السنين بسبب المياه الجوفية التي تذيب الصخور
وما ان نخرج من برقش وسحر غاباتها و مغارتها ، واذا بنا نعرج على جبال عجلون ، والتي طالما ألهمت المبدعين وهام بها الشعراء عشقا ومنهم الدكتور شفيق ربابعة ، في وصفه لها بصفو الفؤاد وأرض الجنان …
عجلون يا صفو الفؤاد هواكِ مُشفٍ للعليلْ
إنْ قلتُ أين هي الجنانْ ؟ قالتْ أنا الروض الجميلْ
وجبال عجلون بما تمتاز به من سحر و جمال طبيعة خلاب ، فانها ايضا كانت محضن لتعاقب حضاري بسبب موقعها الجعرافي الذي جعلها بمثابة حلقة وصل بين بلاد الشام ساحل البحر المتوسط ومنطقة إستراتيجية بين ارض الفرات و النيل .
تحفل مدينة عجلون بالطبيعة الجبلية المرتفعة وتضاريسها الخلابة وغطائها من الأشجار الكثيفة وغابات اللزاب والسنديان والصنوبر ، بجانب طقسها المعتدل صيفا والبارد شتاء،.
وتمتاز عجلون بالمرتفعات الجبلية والتي يزيد البعض منها عن ارتفاع 1150 م فوق مستوى سطح البحر ، وتضم العديد من الوديان والهضاب ومجاري الأودية والينابيع دائمة الجريان طوال العام .
كما تضم محمية طبيعية تمتد على رقعة أرض دائرية من الغابات على مساحة 13 كم مربع، تتنوع فيها فصائل النباتات والحيوانات ، وهي ايضا مرتع لمحبّي النزهات ورياضة المشي، في فصل الربيع حين تزهر المحمية بشتّى أنواع النباتات والأزهار البرية. فهذه المناطق يعشقها السائح العربي و الاجنبي على حد سواء لانها
تضم العديد من المواقع الأثرية التاريخية الدينية المسيحية والاسلامية مثل كنيستي مار الياس وسيدة الجبل ، مما دفع الفاتيكان الي اعتمادها للحج المسيحي من كافة دول العالم ، كما تعد شاهدا حضاريا على عبقرية الهندسة المعمارية العسكرية لعرب العصور الوسطى عبر قلعة عجلون الشامخة على المرتفع فنادرا ما تجتمع الاثار محاطه بطبيعه خلابة و طقس جميل فالاردن تمر عليه الفصول الاربعة كل منها آخذا حقه بعناية.
و بالعودة لقلعة عجلون التي بناها عز الدين بن أسامة بن منقذ أحد قادة صلاح الدين الأيوبي كانت بموقع وسطي على طرق المواصلات مع دمشق و شمال سوريا ، ومن يشاهدها يشعر وكأنه يعيش ازدهار الحضارة الاسلامية في العصور الوسطى.
وعلى القرب منها مساجد اثرية منها المسجد الأموي في مدينة جرش، ومسجد ريمون المنسوب للعصر الأيوبي والمملوكي .
فمسار عجلون يمتد لمسافة 80 كم، يضم أهم المواقع الأثرية ومنها ، آثار مدن الديكابولس الرومانية في أم قيس وبيلا ، وسد زقلاب ، السيد المسيح، كنيسة بيت أيدس ، وآثار الدير البيزنطي في تل مار إلياس، مسقط رأس النبي إيليا ،فتمتد حتى المناظر الطبيعية الريفية الجميلة في قرية العيون.
انها سلسلة متواصلة من الجمال الحقيقي الذي ينتظر من كل واحد منا ان يتحرك قليلا بدلا من شكوى البطالة و الكساد فيعمل على استغلال ما وهبه الله لنا من خيرات طبيعية فالمشاريع الترفيهية و السياحية يجب ان تملأ المكان بشرط ان تكون منسقه بما لا يضر البيئة و الطبيعة فوارد السياحة في بعض بلدان العالم كان كفيلا ان يغير مسارها الاقتصادي كاملة فالسياحة الداخلية و الخارجية يجب ان تكون في خريطة المستثمرين
سارة طالب السهيل
المصدر : https://wp.me/p70vFa-Hpw