تتجه شركتا تكرير أوروبيتان إلى استلام أولى شحناتهما من النفط الإيراني منذ رفع العقوبات عن طهران في كانون الثاني (يناير) في وقت تزيد فيه إيران صادراتها من الخام في معركة لاستعادة حصتها السوقية.
وتعهدت إيران بزيادة إنتاجها عقب رفع العقوبات عنها ورفضت المشاركة في الاجتماع الذي عقده المنتجون في «أوبك» وخارجها في الدوحة يوم 17 نيسان (أبريل) بهدف التوصل إلى اتفاق على تثبيت الإنتاج لتعزيز الأسعار. وعجز المنتجون عن التوصل إلى اتفاق في الاجتماع.
وقالت مصادر في قطاع النفط لوكالة «رويترز» أن شركة «إيبلوم» الإيطالية حجزت شحنة حجمها مليون برميل من الخام الإيراني تبحر بها الناقلة «بويتيك» باتجاه البلاد. وستكون هذه أول شحنة تصل إلى إيطاليا بعد رفع العقوبات عن طهران.
وأفادت مصادر في قطاع تجارة النفط وشحنه بأن شركة التكرير اليونانية «موتور أويل هيلاس» ستتلقى أولى شحناتها من الخام الإيراني بعد رفع العقوبات جرى تحميلها على الناقلة كريتي بريز في جزيرة خرج يوم 20 نيسان. ولم ترد الشركة على طلب للتعليق.
وكانت الشركتان تشتريان النفط الإيراني قبل فرض العقوبات على طهران بسبب برنامجها النووي والتي أوقفت فعلياً شحنات الخام الإيراني إلى أوروبا التي كانت تشتري أكثر من ثلث صادرات إيران. وحجزت «توتال» الفرنسية و»سيسبا» الأسبانية و»هيلينيك بتروليوم» اليونانية شحنات خام إيرانية لمصافيها الأوروبية هذا العام.
وبلغت الصادرات الإيرانية ذروتها عند ما يزيد قليلا على 2.5 مليون برميل يومياً في 2011 ما جعلها ثاني أكبر مصدر للنفط في ذلك العام بعد السعودية. وكانت الصادرات انخفضت إلى أكثر قليلاً من مليون برميل يومياً بعد تشديد العقوبات في 2012. وتشير بيانات «انرجي اسبكتس» إلى أن الواردات العالمية من الخام الإيراني ارتفعت في آذار (مارس) إلى 1.90 مليون برميل يومياً من 1.51 مليون برميل يومياً في شباط (فبراير).
واستقرت أسعار النفط عند الإغلاق بعدما بلغت أعلى مستوياتها منذ بداية 2016 لكنها أنهت تعاملات نيسان مرتفعة نحو 20 في المئة وسجل خام «برنت» أكبر مكاسبه الشهرية في سبع سنوات. وأدى تراجع الدولار وحال من التفاؤل بأن تخمة المعروض العالمي ستنحسر، إلى دعم العقود الآجلة للخام لترتفع أكثر من 20 دولاراً للبرميل منذ أن هبطت لأدنى مستوياتها في 12 سنة إلى ما دون 30 دولاراً للبرميل في الربع الأول.
ولم ينخفض سعر خام القياس العالمي مزيج «برنت» سوى سنت واحد عند التسوية ليصل إلى 48.13 دولار للبرميل بعدما بلغ أعلى مستوى له منذ بداية العام الحالي عند 48.50 دولار للبرميل. وصعد «برنت» 21.5 في المئة في نيسان مسجلاً أكبر مكاسبه الشهرية منذ أيار (مايو) 2009.
وتراجع الخام الأميركي 11 سنتاً في العقود الآجلة ليصل عند التسوية إلى 45.92 دولار للبرميل بعدما بلغ أعلى مستوى له منذ بداية 2016 عند 46.78 دولار للبرميل. وزاد الخام 20 في المئة في نيسان ليسجل أكبر مكاسبه الشهرية في سنة.
وفي حين أن الأسعار لا تفصلها سوى أقل من خمسة دولارات عن الوصول إلى مستوى 50 دولاراً للبرميل رأى بنك الاستثمار «جيفريز» أن السوق تدخل مرحلة «توازن أفضل» وستشهد نقصاً في المعروض في النصف الثاني من العام. غير أن آخرين حذروا من أن موجة الصعود جاءت مدعومة بإقبال المستثمرين على بناء مراكز مضاربة كبيرة بينما لا تزال المخزونات مرتفعة وأظهر مسح لوكالة «رويترز» ارتفاع إنتاج أوبك في نيسان إلى مستوى قياسي. ورفع محللون استطلعت «رويترز» آراءهم توقعاتهم لسعر «برنت» في 2016 إلى 42.30 دولار للبرميل في المتوسط لترتفع تقديراتهم للشهر الثاني على التوالي.
وأظهر استطلاع أن المحللين يزدادون ثقة في أن موجة الهبوط التي شهدتها أسعار النفط على مدى نحو عامين قد انتهت ورفعوا تقديراتهم للأسعار للشهر الثاني على التوالي مع توقعهم لعودة التوازن إلى السوق بحلول 2017 بدعم من تحسن الطلب وانخفاض إنتاج النفط الصخري الأميركي. ومن غير المتوقع أن تتباطأ وتيرة عودة توازن العرض والطلب في السوق العالمية بسبب فشل المنتجين في «منظمة البلدان المصدرة للبترول» (أوبك) وخارجها في الاتفاق على الحد من إنتاج النفط خلال اجتماع عقد في وقت سابق هذا الشهر.
وأظهر الاستطلاع الذي شمل 29 محللاً توقعات أكثر تفاؤلاً قليلاً إذ رفع المحللون توقعاتهم لمتوسط أسعار خام القياس العالمي مزيج «برنت» في العقود الآجلة في 2016 إلى 42.30 دولار للبرميل مقارنة بـ 40.90 دولار للبرميل في استطلاع آذار (مارس). وشهد استطلاع الشهر الماضي تعديلاً بالرفع لتوقعات سعر «برنت» في 2016 للمرة الأولى في عشرة أشهر. وبلغ متوسط سعر «برنت» 40 دولاراً للبرميل منذ بداية العام.
وقال محللون إن فشل اجتماع كبار منتجي العالم بالعاصمة القطرية الدوحة في التوصل إلى اتفاق على تثبيت الإنتاج عند مستويات كانون الثاني (يناير) ليس له تأثير يذكر على الأسعار. ومنذ فشل اجتماع الدوحة في 17 نيسان صعد النفط 21 في المئة إلى أعلى مستوياته منذ تشرين الثاني (نوفمبر).
وأظهر استطلاع لـ «رويترز» نشرت نتائجه في وقت سابق هذا الشهر أن إنتاج النفط الإيراني لن يزيد إلا قليلاً في العامين الحالي والمقبل لكنه سيكون كافياً للحيلولة دون إعادة توازن العرض والطلب العالميين في 2016.
ويُتوقَّع أن تبقى السوق في مسارها للوصول إلى نقطة التوازن بين العرض والطلب في العام المقبل بدعم من تراجع الإنتاج الأميركي وتحسن آفاق الطلب إذ يرجح بعض المحللين نموه بما يتراوح بين مليون و1.5 مليون برميل يومياً.
وقالت لوانا سيغفريد، المحللة لدى «رايموند جيمس»، إن «النمو القوي للطلب العالمي مع هبوط الإنتاج محلياً (في الولايات المتحدة) وعالمياً قد يؤدي إلى نقص في المعروض بسوق النفط العالمية بحلول منتصف 2016». لكن محللين يقولون إن تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي قد يؤدي في الأمد المتوسط إلى الحد من نمو الطلب على النفط. ويتوقع المحللون أن يبلغ متوسط سعر الخام الأميركي في العقود الآجلة 40.50 دولار للبرميل في 2016 بزيادة 80 سنتاً عن توقعات استطلاع آذار. وبلغ متوسط سعر خام غرب تكساس الوسيط الأميركي نحو 35.27 دولار للبرميل منذ بداية 2016.
وكانت «رايموند جيمس» صاحبة أعلى التوقعات لسعر «برنت» في 2016 إذ قدرته عند 53 دولاراً للبرميل بينما كانت تقديرات «كريسيل» هي الأدنى حيث توقعت وصول سعر «برنت» إلى 35.50 دولار للبرميل في المتوسط.