تصاعدت خلال الفترة القليلة الماضية شكاوى مستأجرين في أبوظبي من ارتفاع إيجارات وحداتهم السكنية بنسب تراوحت بين 10 % و20 %، وبلغ المتوسط العام لعشرات الشكاوى التي تلقاها «البيان الاقتصادي» خلال الأسبوع الماضي، نحو عشرين ألف درهم.
وأكد مديرو شركات ومكاتب للوساطة العقارية في أبوظبي صحة شكاوى المستأجرين، مشددين على أن هذه الشكاوى تصاعدت خلال الفترة الماضية، نظرا لأن غالبية عقود المستأجرين في أبوظبي يتم تجديدها خلال الفترة من يناير إلى مارس كل عام، وترتبط هذه الفترة حاليا بطلب كبير على السكن في أبوظبي من وافدين دخلوا الإمارة مع انتعاش حركتها الاقتصادية وبدء تنفيذ مشاريع جديدة في البنية التحتية والطاقة والتعليم والمقاولات.
والتقى «البيان الاقتصادي» مع المستأجر صالح عبد الواحد، حيث شكا من ارتفاع قيمة إيجار وحدته السكنية. وذكر أن مالك وحدته السكنية المكونة من غرفتين وصالة في شارع المطار في أبوظبي فاجأه بزيادة إيجارية قيمتها عشرون ألف درهم مرة واحدة بحيث ترتفع قيمة إيجار الوحدة السكنية من 67 ألف درهم إلى 87 ألف درهم، وهو مبلغ لا يستطيع تدبيره خاصة أنه يعمل في إحدى الشركات الخاصة براتب محدود لم يشهد أية زيادة منذ خمس سنوات، الأمر الذي سيضطره للجوء إلى لجنة فض المنازعات في دائرة القضاء لتقديم شكوى ضد المالك.
وأشار المستأجر عبد القادر المالحي إلى أنه يتفاوض حاليا مع مالك وحدته السكنية المكونة من غرفة وصالة في منطقة النادي السياحي لتخفيض الزيادة التي طلبها المالك إلى 15 ألف درهم بدلا من 25 ألفا، موضحا أن إيجار وحدته السكنية حاليا 59 ألف درهم، وأوضح أنه يبذل محاولات عديدة لتوسيط أحد أقارب المالك لإقناعه بزيادة 15 ألف درهم فقط رغم أنه سيوفر هذا المبلغ الإضافي بصعوبة كبيرة وسيكون على حساب إنفاق أسرته المكونة من ستة أفراد.
وأشار إلى أنه يعتقد بعدم وجود فائدة لتقديم شكواه إلى لجنة فض المنازعات لأن الحل المطروح من اللجنة هو تسديد القيمة الإيجارية القديمة لمدة عام ثم إخلاء الوحدة بعد عام وبكل تأكيد فإن أوضاع السوق بعد عام ستكون أصعب لأنه لا توجد مشاريع عقارية جديدة قد تؤدي إلى حل الأزمة الحالية.
نشاط المكاتب
ونشطت مكاتب الوساطة العقارية في أبوظبي خلال الفترة الماضية بشكل كبير خاصة مع زيادة الطلب على الإيجارات السكنية وغالبيتها إيجارات للمباني القديمة.
وأوضح لنا عبد الرحمن الشيباني رئيس مجلس إدارة شركة منابع العقارية في أبوظبي أن هناك بالفعل شكاوى كثيرة من المستأجرين تزايدت خلال الفترة القليلة الماضية بسبب أن غالبية عقود الإيجارات السكنية في العاصمة يتم تجديدها خلال الفترة من يناير إلى مارس من كل عام، وهناك ملاك طالبوا بزيادة وصلت إلى 30 ألف درهم مرة واحدة ولكن غالبية هذه الزيادات الكبيرة تتركز في المباني القديمة ذات الإيجارات المنخفضة، حيث يؤكد الملاك أن قيمة إيجار هذه الوحدات في الوقت الحالي لا تتناسب مع أوضاع السوق، ولدينا وحدات سكنية غرفتان وصالة في منطقة مصفح ارتفعت قيمة إيجاراتها من 40 ألف درهم إلى 75 ألفا.
ويشير الشيباني إلى أن سوق أبوظبي يشهد حاليا طلبا متزايدا من الوافدين للسكن في أبوظبي خاصة مع ازدهار الحركة الاقتصادية داخل الإمارة وتنفيذ العديد من المشاريع الكبيرة خاصة مشاريع البنية التحتية، وقد صاحب هذا الطلب المتزايد ندرة قليلة جدا في المعروض بسبب غياب المشاريع العقارية الجديدة التي تستهدف فئة الطبقة المتوسطة، كما أن غالبية المشاريع التي تم طرحها في السوق خلال السنوات الماضية وآخرها برج الشيخ محمد بن زايد تستهدف فئة الطبقة الأعلى راتبا، مع العلم أن العام الماضي تراجعت فيه وتيرة المشاريع الجديدة حتى الفاخرة بشكل كبير.
ويلفت الشيباني إلى سبب آخر أدى إلى زيادة الطلب على السكن في أبوظبي تمثل في تضييق بلدية أبوظبي الخناق على السكن المشترك في الفيلات، حيث تشترط أبوظبي حاليا من كل مستأجر عقدا موثقا لوصول الخدمات إليه وتجديد الإقامة أيضا، مما دفع مستأجرو الفيلات وأعدادهم كبيرة للغاية للبحث عن سكن نظامي في وحدة سكنية، مع العلم أن غالبية هؤلاء السكان من فئة الموظفين أصحاب الدخول المتوسطة الذين لا يستطيعون تأجير وحدات فاخرة في جزيرة الريم.
ويؤكد أن نسبة الزيادة في الإيجارات السكنية في أبوظبي تراوحت خلال الفترة الماضية بين 10 % و20 % حسب المناطق وحالة الوحدة وخدماتها، وتركزت النسبة الأكبر في الزيادة في الوحدات ذات القيمة الإيجارية الأقل خاصة في منطقة النادي السياحي.
المساكن الفاخرة
ويتفق نادر حسن الرئيس التنفيذي لشركة سكاي لاين للوساطة العقارية مع ما ذكره عبد الرحمن الشيباني، مشيرا إلى أن نسبة الزيادة في المباني القديمة في أبوظبي وصلت إلى 20 %. ويوضح إن ارتفاع إيجارات المناطق الجديدة مثل جزيرة الريم كانت أحد أسباب الزيادة في المباني القديمة بالعاصمة، وحاليا تصل القيمة الإيجارية لغرفتين وصالة في جزيرة الريم إلى 110 آلاف درهم وبالتأكيد فإن هذه القيمة مرتفعة جدا لاصحاب الدخول المتوسطة وهم الفئة الأغلب من سكان أبوظبي، وقد استغل بعض ملاك البنايات القديمة هذا الوضع فرفعوا إيجارات وحداتهم السكنية بشكل كبير خاصة بعد إلغاء قرار المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي بتحديد الزيادة السنوية بنسبة 5 %.
ولفت إلى أن غالبية السكان في جزيرة الريم هم موظفون في شركات حكومية أو شبه حكومية أو خاصة كبرى تمنحهم شركاتهم مخصصات سكنية عبارة عن تأجير وحدات سكنية لهم وتقوم الشركة بدفع إيجاراتها ولذلك يفضل السكان الوحدات الأغلى بسبب مخصصاتهم الكبيرة، وقد أدى ذلك إلى ارتفاع إيجارات وحدات جزيرة الريم أيضا خاصة أن نسبة كبيرة من المعروض فيها تم استئجارها من شركات أو مؤسسات مثل استئجار مستشفى كليفلاند لعدد كبير من وحدات أبراج البوابة في الجزيرة.
إنصاف الُملاك
يرفض عتيبة العتيبة الرئيس التنفيذي لمجموعة العتيبة التجارية في أبوظبي ورئيس لجنة العقارات السابق في غرفة تجارة وصناعة أبوظبي العودة لنسبة الزيادة السنوية الـ5 %، مؤكدا على أنها ستضر بالسوق والملاك المواطنين، وأوضح أن هناك نسبة كبيرة من المواطنين شعرت بالغبن نتيجة تحديد الزيادة في الإيجارات بنسبة 5 % خاصة وأن قيم إيجاراتهم كانت قليلة للغاية مما أدى إلى تعثرهم في سداد القروض المستحقة عليهم للبنوك.
وينوه بأن مطالبة ملاك بزيادات كبيرة للإيجارات قد تزيد على عشرين ألف درهم كان متوقعا بعد وقف العمل بنسبة الزيادة السنوية الـ 5 % لأن عددا كبيرا من الملاك كانوا يؤجرون وحدات بقيمة أقل بشكل كبير مقارنة بقيمتها في السوق وكانت لدينا في أبوظبي بناية واحدة تتضمن وحدات سكنية منها وحدة يتم استئجارها بتسعين ألف درهم وأخرى بستين ألف درهم، وقد تعرض ملاك كثيرون لخسائر حقيقية بسبب انخفاض الإيجارات وجاء الوقت ليعوضوا خسارتهم.
ولا يفضّل العتيبة تحديد نسبة زيادة معينة، مؤكدا أن زيادة الإيجارات ستؤدي إلى زيادة عوائد الاستثمار العقاري مما سيدفع المواطنين لضخ استثمارات كبيرة في القطاع عن طريق بناء مشاريع عقارية جديدة وبالتالي سيتزايد المعروض رويدا رويدا، لكن لو حدث العكس فسوف يتباطأ المواطنون في بناء العقارات الجديدة مما يؤدي إلى تراجع المعروض أكثر.