مجلة مال واعمال

إنسوا بنما: من الأسهل إخفاء المال في الولايات المتّحدة من أيّ مكان آخر!

-

1_829585_large

من المفاجآت التي انطوت عليها فضيحة وثائق بنما عدد الأميركيّين القليل المعنيّين. فما هو السبب؟ ربّما لأنّ تأسيس شركة “صدفة” أو واجهة في الولايات المتّحدة أسهل من الحصول على بطاقة مكتبة.
لقد تمّ الكشف عن 200 شخص ذوي عناوين أميركيّة يتعاملون مع مكتب موساك فونسيكا، تلك الشركة التي تدور حولها تسريبات وثائق بنما. ومقارنة بدول أخرى مثل الصين وسويسرا وروسيا والمملكة المتّحدة، تبقى حصّة الولايات المتّحدة صغيرة نسبيّاً.
ويمكن أن تعود هذه المفارقة إلى سهولة استحداث واسطة تسمح بإخفاء المال والهويّة في الولايات المتّحدة لدرجة تقضي على الحاجة في العبث عبر بنما.
ففي كلّ ولاية في الولايات المتّحدة الأميركيّة، يمكن تأسيس شركة ش.م.م (ذات مسؤولية محدودة) أو أي كيان قانونيّ من دون التصريح عن هويّة المالك المستفيد. وهذه العمليّة سهلة في بعض الولايات أكثر من غيرها: ديلاوار ونفادا ويومينغ شهيرة. الأمر سيّان في تكساس وفلوريدا. إنّ كميّة المعلومات المطلوية لفتح شركة واجهة في الولايات المتّحدة أقلّ من تلك التي قد يحتاجها الفرد للحصول على رخصة قيادة أو بطاقة مكتبة.
في 2015، نشرت “شبكة العدالة” (Justice Network) ترتيب الملاذات الضريبيّة الأكثر جاذبيّة لأولئك الذين يبحثون عن إخفاء أصولهم، فاحتلّت الولايات الأميركيّة المرتبة الثالثة، متجاوزةً كايمان وسنغافورة. أمّا المرتبة الأولى والثانية الأكثر ملاءمة للملاذات الضريبيّة للأغنياء فاحتلّتهما سويسرا وهونغ كونغ. وجاءت بنما في المركز 13 أيّ 10 مراتب بعد الولايات المتّحدة!
ولاية ديلاوار
تفتخر ولاية ديلاوار بكونها عاصمة تأسيس الشركات في الولايات المتّحدة. فما يزيد عن 1.000.000 شركة تجاريّة إتّخذت من ولاية ديلاوار مقرّاً قانونيّاً لها. وأكثر من 50% من االشركات المتداولة علناً في الولايات المتّحدة بما فيها 64% من الشركات الـ 500 الواردة على لائحة “فورتشن” (Fortune) إختارت ديلاوار مركز تأسيس لها.

ليست ديلاوار ملاذاً ضريبيّاً حقّاً. ولكنّها تمثّل ذلك المكان حيث يتمّ تأسيس أكثريّة الشركات الأميركيّة نتيجة نظام قانون شركات ذكيّ جدّاً، بحسب شارل إلسون، مدير مركز وينبورغ لحوكمة الشركات في جامعة ديلاوار (the John L Weinberg Center for Corporate Governance).
فمن وجهة نظره، لا يمكن لوم النظام بأجمله ببساطة لأنّ بعض الأشخاص والشركات اختاروا الولاية لتأسيس شركات واجهة.
ولهذه الشركات ” الصدفة الوهميّة” أو الواجهة استخداماتها. إذ يمكن شراء من خلالها قطعة أرض بشكل مجهول مثلاً من دون إطلاق تحذير للمنافسة، أو استحداث كيان لحماية الحقوق التجارية المستقبليّة أو تأسيس شركة قابضة لشركات متعدّدة. كما يمكن استخدام هذه الشركات أيضاً بشكل شرعيّ لتقديم مساهمات سياسيّة بدون التصريح عن الإسم.
تكمن المشكلة في أنّ هذه التركيبة تسهّل على الأشخاص إخفاء الأصول و الأموال المشبوهة.
في هذا الإطار، دعت منظّمة “الشفافيّة الدولية (Transparency International) الكونغرس الأميركيّ إلى تمرير قانون الشفافية في تأسيس الشركات وإنفاذ القانون (Incorporation Transparency and Law Enforcement Assistance Act) والذي تقدّمت به عضوّ الكونغرس كارولين مالوني والسيناتور شيلدن وايتهاوس. وفي حال إقراره، يطلب مشروع القانون هذا من الولايات جمع وحفظ وتحديث المعلومات عن الملكية الحقيقية لجميع الشركات التي تم إنشاؤها في الولايات المتحدة.
غير أنّ الكثير من مجموعات الضغط المؤثّرة جدّاً تقف ضدّ مشروع القانون هذا، فيما لا يزال المتخصّصون في الضرائب مشكّكين بشأن نجاح مثل هذا القانون.
وفي أعقاب فضيحة أوراق بنما، قد يعرف عدد شركات الواجهة في الولايات المتّحدة نموّاً. فبدل أن يعمد الأفراد الشركات على تضليل أموالهم بين بليز وبنما وجزر كايمان يمكن أن يُقبلوا إلى الولايات المتّحدة.