مجلة مال واعمال

إقتصاديون يدعون إلى إنتاج المعرفة بدلاً من استيرادها

-

 Printأكد باحثون اقتصاديون ومسؤولون من قطاع الأعمال أن هناك حاجة إلى إنتاج المعرفة بدلاً من استيرادها، مشيرين إلى أهمية بناء اقتصاد قائم على المعرفة ودعم الابتكار لتحقيق مراتب عليا في المؤشرات الدولية، وأن يصبح الاقتصاد القائم على المعرفة جزءاً من مجتمع الأعمال.

وأكدوا في اختتام أعمال «ملتقى الإمارات للآفاق الاقتصادية 2015»، الذي نظمته دائرتا التنمية الاقتصادية في أبوظبي ودبي، أمس، أهمية الاطلاع على التجارب الدولية وأفضل الممارسات في بناء اقتصاد المعرفة، واستخلاص الدروس منها، لإجراء مقارنات معيارية بين الإمارات والأداء العالمي.

اقتصاد المعرفة

وتفصيلاً، أكد مدير دائرة التنمية الاقتصادية في دبي، سامي القمزي، الدور الحيوي التي تلعبه كل من إمارتي أبوظبي ودبي، والإمارات عموماً، والتطلعات التي نسعى إلى تحقيقها خلال السنوات المقبلة، لتعزيز الفرص الاقتصادية، مشيراً إلى أن النتائج التي رسمها الملتقى تضاف إلى قائمة النجاحات والمبادرات التي دشنتها دائرة التنمية الاقتصادية في دبي خلال الفترات الماضية.

وقال إن دور الدائرة لن يقف عند عقد الملتقى بشكل سنوي، وإنما توسيع رقعة الحدث لبلوغ أكبر شريحة من مجتمعات الأعمال والخبراء الاقتصاديين والمستثمرين، فضلاً عن دعوة أبرز المتحدثين على مستوى الوطن العربي والعالمي لرفع مستويات التنسيق وتبادل الخبرات، وتقديم أفضل النماذج في استدامة التنمية الاقتصادية وتعزيز تنافسيتها.

بدوره، أشار رئيس برنامج دول مجلس التعاون الخليجي للإدارة الاقتصادية في البنك الدولي، بول مورينو لوبيز، إلى كيفية تحويل الاقتصادات العربية على نهج الاقتصاد المعرفي، إذ بدأ العديد من الدول العربية الاستثمار في المعرفة، والابتكار، والتكنولوجيا خلال الأعوام الـ10 الماضية، مؤكداً أن الاقتصاد المعرفي يمهد إلى توفير الوظائف والتقليل من معدلات البطالة لفئة الشباب الذين تراوح أعمارهم بين 15 و25 عاماً.

من جهته، قال رئيس مبادرة تطوير السياسات ودعم الابتكار في كلية «إنسياد» لإدارة الأعمال في دبي، الدكتور سامي محروم، إن «هناك حاجة إلى إنتاج المعرفة بدلاً من استيرادها»، مشدداً على أهمية دعم التعليم، وأن يصبح الاقتصاد القائم على المعرفة جزءاً من مجتمع الأعمال، قاعدة للمعرفة، فضلاً عن أهمية استخدام الخبرات في بناء قطاع الخدمات.

ولفت خلال النقاش إلى العوامل المساهمة في تعزيز اقتصاد المعرفة، وذلك من خلال الاستثمار في البنية التحتية المتطورة، والتعليم العالي والتدريب، وتعزيز سياسة التجارة الحرة، وتنمية المناطق الحرة وغيرها من العوامل المساهمة في تطوير اقتصاد المعرفة.

إلى ذلك، قال الأستاذ في مركز التقنية والابتكار والثقافة في جامعة أوسلو، البروفيسور أولاف ويكي، إن الدول التي نجحت في بلوغ مراتب عالية في مؤشرات الأمم المتحدة، هي تلك التي بنت قواعد معرفة في قطاعات الاقتصاد والصناعة، مؤكداً أنها نجحت اقتصادياً، وحققت أعلى نسب في المؤشرات الدولية.

في السياق نفسه، أفاد الرئيس التنفيذي ومؤسس مركز الريادة في الأسواق الناشئة، الدكتور تومي وير، بأن «هناك خطوات يجب أن تتخذها الدول في مجال التعليم، مشيراً إلى أن الإمارات في مرتبة عالية من تنافسية الاقتصاد، لكنها تحتاج الى تطوير الاقتصاد المعرفي، وتعزيز الابتكار، واتخاذ جميع الإجراءات التي من شأنها رفع الأداء المعرفي للطلاب ودعم المبتكرين».

الإنتاجية والتنافسية

من جانبها، قالت رئيسة قسم المؤشرات التنموية والدراسات المستقبلية بقطاع التخطيط والإحصاء في دائرة التنمية الاقتصادية في أبوظبي، شروق الزعابي، إن المعرفة هي القيمة الرئيسة للمجتمع، وأداة أساسية للوصول إلى اقتصاد تنافسي، بما تولده من قيم اقتصادية كبيرة تسهم في ارساء الجهود التنموية، لافتة الى سعي الدول إلى توسيع قاعدة الإنتاج وامتلاك المقومات اللازمة لزيادة تنافسية اقتصاداتها.

وذكرت أن الإمارات تهدف إلى الارتقاء بوتيرة الإنتاجية والتنافسية، لتضاهي أفضل الاقتصادات العالمية من خلال تطوير النموذج الاقتصادي للدولة إلى نموذج اقتصادي حديث قائم على المعرفة والابتكار، مشيرة إلى أن الدولة صنفت في المرتبة 42 على المستوى العالمي في مؤشر الاقتصاد المبني على المعرفة خلال عام 2012 متقدمة بنحو ستة مراكز مقارنة بنتائج عام 2000، وتصدرت الدول العربية في هذا المؤشر.

وأوضحت أن «الإمارات أحرزت تقدماً كبيراً على صعيد جميع المحددات الأربعة الأساسية التي تدخل في تركيب المؤشر، والمتمثلة في نظام الحوافز الاقتصادية، الابتكار، التعليم، وتقنية المعلومات والاتصالات».

وأكدت أن الدولة قطعت شوطاً كبيراً على مسار تقديم الحوافز الاقتصادية، مثل الحوافز المتعلقة بإصدار وتجديد الرخص، وحرية دخول رأس المال وخروجه، والحوافز المتعلقة بالرسوم الجمركية، وغيرها من الحوافز الأخرى التي تسهم في تأسيس بيئة أعمال تنافسية، في وقت حلت فيه الدولة في المرتبة 21 بمؤشر الابتكار على الصعيد العالمي.

وقالت الزعابي إن «الدولة خطت خطوات واسعة نحو تعزيز القدرات الاقتصادية القائمة على الابتكار، من خلال الوظائف الأساسية الخمس للقدرات الابتكارية المتمثلة في الحصول على المعرفة، ترسيخ، ونشر، وخلق، واستغلال المعرفة بما يؤهلها إلى تحقيق غايتها المنشودة في الاتجاه نحو الاقتصادات المحفزة بالمعرفة والابتكار».

وأكدت أن الإمارات أظهرت قدرة جيدة في التعرف إلى مصادر المعرفة الخارجية وتوطينها، إذ حلت في المركز 14 على مؤشر «ترسيخ المعرفة» من مجموع 23 دولة من حيث القدرة، وفي المركز التاسع في الأداء، كما تقدم أداء جيداً وتتبنى ابتكارات جديدة وتنشرها في جميع جوانب اقتصادها، إذ جاءت في المركز السابع على مؤشر «نشر المعرفة» من ناحية القدرة، وفي المركز الخامس من حيث الأداء.

وأشارت إلى أن مؤشر أبوظبي للابتكار يؤكد أن الإمارة تتمتع بإمكانات ابتكارية قوية استناداً إلى قدرتها على الحصول على المعرفة ثم ترسيخها واستغلالها تجارياً، إذ حققت المركز 11 في مؤشر خلق المعرفة من حيث القدرة، وفي المركز 16 من حيث الأداء.

ولفتت إلى أن الإمارات تتمتع بقدرة قوية نسبياً على مستوى الإمكانات الابتكارية الخمس، وتستغل إمكاناتها بشكل ناجح، إذ بلغ تصنيفها في «مؤشر استغلال المعرفة» المركز السابع من حيث القدرة، والمركز الثاني من حيث الأداء من مجموع 23 دولة على المؤشر.

وفي ما يتعلق بالتعليم، أوضحت الزعابي أن الدولة تبذل جهوداً كبيرة لتطوير المنظومة التعليمية ايماناً من حكومة الإمارات بأن الانتقال نحو الاقتصاد المبني على المعرفة لن يكتمل إلا بتوافر كوادر بشرية على مستوى عالٍ من التعليم والتدريب والمهارات الحديثة.