مجلة مال واعمال

إعلانات «السوشيال ميديا»: «بريق المشاهير» يخفي عيوب المــنتجات

-

image (2)

فقد كثير من الإعلانات التي تنشر عبر صفحات نجوم «السوشيال ميديا» في «إنستغرام» و«سناب شات» ثقة المتابعين، أخيراً، بعدما تحول الإعلان إلى مجرد وسيلة لكسب المال، من دون أي اعتبارات أخلاقية أو اجتماعية، وفقاً لـ«ضحايا» من المتابعين، أكدوا أن مشاهيرهم أقنعوهم بمنتجات تبيّن لهم بعد شرائها، أن مواصفاتها الفعلية مغايرة لما قالوه عنها.

وتقدر قيمة الإعلان تبعاً لعدد متابعي الحساب والمشاهدات اليومية، إذ ترتبط طردياً بزيادة العدد.

وكان المجلس الوطني للإعلام أصدر قراراً، في مايو الماضي، يلزم المؤثرين والمشاهير في مواقع التواصل الاجتماعي داخل الدولة، بالحصول على ترخيص في حال نشرهم إعلانات لقاء مقابل مالي، وتبلغ رسوم الرخصة 15 ألف درهم لمدة سنة واحدة.

وأكد مختصو تسويق أن إعلانات نجوم «السوشيال ميديا» تفتقر إلى عناصر الإعلان الصحيح، «لأن الهمّ الأول لمعظمهم هو جمع المال والشهرة، وقلّة منهم يحرصون على التأكد من جودة المنتج قبل الإعلان عنه».

ووصف خبير مالي بعض مشاهير «السوشيال ميديا» بـ«صائدي الفرص» الذين اتخذوا الإعلان في حساباتهم مهنة، معتبراً المستهلك «الحلقة الأضعف»، كونه ضحية هذا النوع من «الغشّ» الناجم عن استهلاك منتج غير مطابق للمواصفات والمقاييس، مشدداً على ضرورة تطبيق المحاذير الاجتماعية والأخلاقية، وتحفيز رقابة الضمير الذاتي عند الإعلان عن سلعة ما.

وأكد مستشار قانوني أنه يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز السنة، وبغرامة لا تقل عن 10 آلاف درهم، ولا تزيد على 100 ألف درهم، أو بإحدى العقوبتين، كل من شرع في ارتكاب جريمة الغشّ التجاري.

في المقابل، أشار بعض نجوم «السوشيال ميديا» إلى أن اتساع رقعة المشروعات التجارية وتنوعها خلقا لدى أصحابها هوساً بالإعلان عبر المنصات الافتراضية، وجعلاهم على استعداد لدفع مبالغ كبيرة، الأمر الذي شجعهم على الدخول إلى هذا العالم، ومحاولة الاستفادة منه مالياً.

وتفصيلاً، قالت المواطنة نورة اليماحي، إنها تابعت حساب امرأة تبيع حقائب اليد في إحدى الدول الخليجية، بعدما أعلن عنها أحد مشاهير التواصل الاجتماعي في الدولة، وقال إنها تبيع حقائب ذات اسم تجاري عالمي بأسعار مناسبة، ما شجّعها على تصفح حسابها، وطلب إحدى الحقائب منها.

وأضافت: «بعد تواصلي مع البائعة عبر تطبيق (واتس أب)، أخبرتني بأن الحقيبة جديدة، ومرفق معها بطاقة الضمان من الوكيل، أي أنني أستطيع استبدالها من أي متجر داخل الدولة، وطلبت مني أن أرسل لها سعر الحقيبة، وهو 4000 درهم، عبر أحد مكاتب الصرافة. وبعد مرور أسبوع على تحويل المبلغ، وصلت الحقيبة، إلا أنني فوجئت بأنها مستعملة، فاتصلت بالبائعة فوراً، وطلبت إرجاعها لها، لكنها رفضت ذلك».

وذكرت اليماحي أن «معظم الإعلانات التي تنشر على صفحات مشاهير (السوشيال ميديا) تفتقر إلى الصدقية، إذ تقدم معلومات وتخفي أخرى عن المستهلك، كون هدفها الرئيس هو الربح المادي، بغض النظر عن الأضرار التي قد يتعرض لها المستهلك».

وقالت المواطنة علياء الهاشمي، وهي عضو في إحدى جهات التطوع بالدولة، إنها تواصلت مع أحد نجوم «السوشيال ميديا»، بهدف الترويج لمبادرة تطوعية عبر حسابه في «سناب شات»، من أجل تعريف أكبر عدد من أفراد المجتمع بها، وتشجيعهم على التطوع فيها، إلا أنه طلب 15 ألف درهم، على الرغم من أن المبادرة تطوعية، وهدفها خدمة المجتمع.

وتروي المواطنة، ميثاء آل علي، أنها شاهدت إعلاناً لفساتين في حساب شخصية معروفة في عالم «السوشيال ميديا»، قبل حفل زفافها بأسبوعين، وشجعتها طريقة الإعلان المقنعة على إدراج طلب شراء في الموقع الإلكتروني للشركة المصنّعة، ضمّنته المقاسات التي ترغبها. وبعد 10 أيام وصل الفستان، لكنها فوجئت بأن خامة القماش والتصميم مختلفان عن الصورة المنشورة مع الإعلان، ما جعلها توقن أنها تعرضت لخداع من المعلن والبائع.

وذكرت أنها تواصلت مع الأشخاص المعنيين بالموقع لإعادة الفستان، فاقترحوا إعطاءها قسيمة مشتريات بقيمة تصل إلى نصف قيمة المبلغ الذي دفعته.

وأكدت (أ.هـ) أنها تعرضت لضرر نتيجة استخدامها أحد المنتجات الجلدية، وهو كريم واقٍ من الشمس، اشترته من أحد المواقع الإلكترونية، بعدما شاهدت إعلانه في حساب أحد نشطاء التواصل الاجتماعي، موضحة أنها تعرضت لحساسية وتهيج شديدين في الجلد، بعد استخدامها «الكريم»، ما استدعى خضوعها لرحلات علاج استمرت أشهراً عدة، ودفع مبالغ كبيرة، مطالبة بتشديد الرقابة على منصات الإعلان في الحسابات الافتراضية.

وذكر مروان البلوشي، صاحب معرض سيارات مستعملة بالشارقة، أنه نشر إعلاناً عن معرضه لدى أحد مشاهير التواصل الاجتماعي، إلا أن المبيعات لم تتعد مؤشر المستوى السابق، لافتاً إلى أن «النتائج العملية للإعلانات التي تنشر على مواقع التواصل لا ترقى إلى نتائج الإعلانات التي تنشر في المنصات الإعلامية الرسمية ذات الاختصاص».

ورأى أن المتابع يتحمل جزءاً من المسؤولية، لأن متابعته حساب شخص ما، توحي بأن صدقيته عالية.

وقال علي الكتبي، صاحب مشروع مغسلة سيارات في الشارقة، إن أحد المشاهير طلب منه 27 ألف درهم مقابل نشر إعلان في حساباته المختلفة، إلا أنه رفض، لأنه أدرك أن «هدفه الوحيد هو أن يحصل على المبلغ، وإلا فبماذا نفسر أنه وافق على الإعلان قبل أن يعرف طبيعة المنتج؟».

من جانبه، أكد الخبير المالي، الدكتور عبدالله محمد العوضي، افتقار معظم الإعلانات عبر «السوشيال ميديا» إلى المعايير المهنية والأخلاقية والتنظيمية، ما أوجد حالة من الفوضى وغياب الصدقية، وتسبب تالياً في حدوث أضرار اجتماعية واقتصادية وصحية، لافتاً إلى أن الشغل الشاغل لمعظم المشاهير هو الربح المالي دون النظر إلى مستوى جودة السلعة المُعلن عنها، أي التي يشجعون المستهلك على شرائها، واصفاً بعض مشاهير «السوشيال ميديا» بــ«صائدي الفرص»، إذ «اتخذوا الإعلان في حساباتهم الشخصية مهنة، فبالغوا في تحديد قيمته استناداً إلى عدد مُتابعيهم».

واعتبر أن: «المستهلك هو (الحلقة الأضعف) في هذه الحال، إذ يقع ضحية استهلاك منتج غير مطابق للمواصفات والمقاييس، وبذلك تكون خدعة المشاهير انطلت عليه حين انجرف وراء بريق زائف وصدّقه، على الرغم من عدم وجود طريقة أو آلية للتأكد من جودة المنتج المعلن عنه».

ورأى أن المسألة تصبح أخطر عند الإعلان عن مراكز ومستحضرات تجميل غير موثوقة ومنتجات مقلّدة، أو حتى وجبات ومنتجات غذائية.

وشدّد العوضي على ضرورة أن يوظف المستهلك ذكاءه في تحديد اختياراته والبدائل المتوافرة أمامه، ومعرفة القنوات المتاحة المخصصة لشراء الكماليات والأساسيات من السلع الاستهلاكية، «فالاختيار غير المدروس سيكون له تأثير سلبي في المستهلك من الناحيتين الاقتصادية والصحية، لاسيما في حال اشترى هذه السلع من جهات غير مرخصة».

وأشار إلى أن غياب الرقابة عن الإعلانات التي ينشرها مشاهير «السوشيال ميديا» أدى إلى الترويج لسلع بأسعار مبالغ فيها، تحقيقاً لرغبة التاجر في الربح المادي المضاعف، محذراً من أن «تأثير هذا الأمر على المدى البعيد قد ينتج عنه تضخم اقتصادي، نتيجة المبالغة في تقييم أسعار المنتجات».

ولفت إلى أن قرار المجلس الوطني للإعلام، المتعلق بإلزام المؤثرين والمشاهير بمواقع التواصل الاجتماعي داخل الدولة، بالحصول على ترخيص حال تقديمهم إعلانات وتقاضي مقابل مالي، لابد أن يتضمن شرطاً، وهو أن يكون المعلن هو المسؤول عن توفير الحماية للمستهلك، من خلال تأكده من مصدر السلعة المعلن عنها وجودتها، حتى لا يكون المستهلك هو الضحية.

وشدّد على ضرورة تطبيق المحاذير الاجتماعية والأخلاقية، وتحفيز رقابة الضمير الذاتي عند الإعلان عن سلعة ما.

وقال علي عامودي، مدير تسويق في شركة «ألفا» للإعلان والتسويق، إن الإعلانات المنشورة لدى نجوم ومشاهير «السوشيال ميديا» لا تمت لطريقة الإعلان الصحيحة بأي صلة، بسبب عدم توافر العناصر الأساسية للإعلان، إذ يستميتون من أجل إقناع المتابعين بمحتواها، ويبالغون في المدح، وجلّ همهم هو جمع المال والثراء والشهرة، وقليلون منهم يبحثون عن الجودة والصدقية والدقة، ويتحرون عن المنتج قبل الإعلان عنه، محذراً المستهلكين من الانجراف وراء ما يعلن عنه أشخاص يستغلون شهرتهم وعدد متابعيهم على منصات العالم الافتراضي.

وأضاف: «وفقاً للمقارنة بين حجم المشتريات قبل وبعد الإعلان، يتبين أن القياس لايزال كما هو بعد كل إعلان»، لافتاً إلى أن «خداع المستهلك هو أحد أشكال الغش التجاري، لذا يجب أن تكون هناك ملاحقة ومتابعة قانونية لما يُعلن عنه عبر (السوشيال ميديا)».

وأوضح أن الإعلان الصحيح يجب أن يتضمن عناصر عدة، أهمها السهولة في التعبير عن المنتج بطريقه تتماشى مع مختلف الأعمار والمستويات الفكرية لعقول مستقبلي الإعلان. كما ينبغي استخدام عبارات واضحة تشد الانتباه، إلى جانب الموضوعية والدقة في عرض الأفكار أو الرسائل التي يهدف الإعلان إلى توصيلها للمتلقي.

أما المواطن راشد بن شمل المعمري، صاحب حساب في تطبيق «سناب شات»، ويشاهده أكثر من 230 ألف متابع يومياً، فاتخذ لنفسه نهجاً مختلفاً، عبر نشره إعلانات مجانية دعماً للمشروعات الوطنية، وقال: «أنشر إعلانات مجانية دون مقابل مادي، بشرط أن تكون لمشروعات خدمية ذات نفع مجتمعي، إذ أحرص على التأكد قبل نشر الإعلان لأي مشروع أن يكون ذا مستوى جودة عال، وأن تكون الخدمات أو السلع المعلن عنها تقدم بأسعار مناسبة، بهدف مساعدة التاجر على كسب زبائن، وأيضاً المستهلك في الحصول على السلع والخدمات بأسعار مناسبة وبجودة عالية».

وأفاد محمد راشد النقبي، أحد نجوم التواصل الاجتماعي، بأن لديه في «إنستغرام»، ما يزيد على 250 ألف متابع، مضيفاً أن ما جعله يتوجه إلى الإعلانات في «السوشيال ميديا» اتساع رقعة المشروعات التجارية، وشغف أصحابها بالتعريف بمشروعاتهم عبر المنصات الافتراضية، مضيفاً أن «عدد المتابعين لديّ شجعني على الدخول إلى عالم الإعلانات، لاسيما أنني أعمل في جهة حكومية بإدارة التسويق والإعلانات، لذا وظفت هذه الخبرة في نشاطي التجاري الخاص».

وبخصوص قيمة الإعلان، قال النقبي: «حرصت على تحديد أسعار مقبولة للإعلانات التي أنشرها، تبدأ من 3000 حتى 15 ألف درهم، وفقاً لعدد مرات النشر، وحجم المشروع التجاري المُعلن عنه، والأسعار غير ثابتة».