تكدّس الركاب على امتداد رصيف محطة إيرليس كورت بوسط العاصمة البريطانية لندن في انتظار أحد قطارات الأنفاق النادرة التي تعمل على خط ديستريكت في ذلك اليوم. وعلى الركاب أن ينتظروا قطارا مكتظا تلو الآخر ليتمكن بعضهم من الدخول إليه بصعوبة وسط الزحام الشديد.
وفي منطقة كوينز واي المتاخمة لحديقة هايد بارك الشهيرة، أغلقت محطتا لانكستر جيت وكوينز واي أبوابهما، واصطف الركاب بأعداد ضخمة في محطات الحافلات التي اكتظت هي الأخرى بالركاب، وكان على الموظفين والطلاب أن ينتظروا وقتا طويلا ليجدوا حافلة بها بعض الأماكن. أما سيارات الأجرة السوداء والأخرى العادية فكان شبه مستحيل العثور على أي منها على مدار يومين في ساعات الذروة الصباحية والمسائية.
هذه المشاهد لمعاناة ملايين الركاب تكررت في لندن على مدار يومين كاملين بسبب إضراب عمال قطارات الأنفاق الذي يستمر على مدار 48 ساعة بعد دعوة نقابتين لعمال قطارات الأنفاق لهذا الإضراب بعد اعتراضهما على خطط السلطات المحلية إغلاق منافذ بيع التذاكر وتسريح عاملين بداية العام المقبل.
وقال الأمين العام لنقابة العاملين بقطارات الأنفاق مانويل كورتيس إن ألف عضو من أعضاء النقابة استجابوا لدعوة الإضراب وامتنعوا عن العمل، وهو ما يعني أن هناك أقل من 30% من قطارات الأنفاق ستعمل في ساعات الذروة في لندن.
وأضاف كورتيس إنهم يطالبون عمدة لندن بوريس جونسون بإلغاء خطط تسريح 953 عاملا وإغلاق 250 مكتبا للتذاكر وأن يجلس معهم للتفاوض. كما أشار إلى أن الائتلاف الحاكم -الذي يضم حزبي المحافظين والديمقراطيين الأحرار- يدعم العمدة الذي ينتمي لحزب المحافظين والمسؤول عن قطارات الأنفاق. وقال أيضا إن الإضراب سينفذ الأسبوع القادم مرة أخرى على مدار يومين إذا لم يتم التوصل إلى تسوية مع السلطات.
وتشترط النقابتان سحب مقترح الخطة للجلوس للتفاوض مع جونسون الذي قال مرات عدة إنه مستعد للحديث مع قيادات النقابتين إذا ألغوا الإضراب. ويقول عمدة لندن إن خطة إغلاق مكاتب التذاكر فرضها التطور التكنولوجي الحالي وستفضي في نهاية المطاف إلى زيادة فرص العمل حتى لو ترتب على تنفيذها التسريح الطوعي ل700 عامل. ويضيف أنه يريد أن تتطور تقنية عمل قطارات الأنفاق وأن تعمل مستقبلا على مدار أربع وعشرين ساعة.
ومن المقرر أن تعقد محادثات بين هيئة النقل والنقابتين العماليتين اللتين دعتا للإضراب، في محاولة لتفادي شن إضراب ثان من 11 إلى 14 من الشهر الجاري، وقالت هيئة النقل إن الركاب لجؤوا إلى بدائل للتنقل في المدينة أول أمس الأربعاء، ومنها برنامج لتأجير الدراجات يعرف باسم “دراجات بوريس” نسبة لعمدة لندن.
يعود تاريخ إنشاء قطارات الأنفاق في لندن إلى أكثر من قرن ونصف القرن، ويستخدمها يومياً نحو ثلاثة ملايين راكب يعتمدون عليها بشكل شبه رئيسي للتنقل في العاصمة وللوصول إلى أماكن أعمالهم ودراستهم، إذ تغطي شبكة القطارات وسط العاصمة لندن والعديد من الضواحي التابعة لها.
كما يعد استخدام السيارات الخاصة مكلفاً من الناحية المادية بسبب ضريبة تفرضها السلطات المحلية على السيارات التي تعبر أو تقف في منطقة وسط لندن، والتي تضم الوزارات والهيئات الحكومية والأماكن السياحية الشهيرة، ولذلك يلجأ كثيرون إلى قطارات الأنفاق للتحرك داخل هذه المناطق.
المصدر : https://wp.me/p70vFa-4eM