على ضوء إعلان شركة الكهرباء الوطنية عزمها شراء الغاز من شركة “نوبل إنيرجي” الأميركية، والتي من المعروف أن مصدر إمداداتها هو إسرائيل، يتهيأ القطاعان العام والخاص لشراكة تجارية واسعة مع هذه الأخيرة.
وخلال السنوات المقبلة، قد تصبح إسرائيل الشريك التجاري الأول للمملكة جراء إمدادات الغاز التي ستتدفق، لاسيما وأن شركات مثل “البوتاس” و”البرومين” وقعتا اتفاقا مع “نوبل إنيرجي” أيضا للحصول على الغاز الضروري في عملياتهما التشغيلية.
التقديرات الأولية لقيمة الغاز الإسرائيلي عبر الشركة الأميركية تتراوح بين 700-1000 مليون دولار سنويا، مع احتمالية زيادتها كلما توسعت الشركات من القطاع الخاص في ابرام إتفاقيات مع “نوبل إنيرجي” لمواجهة ارتفاع أسعار الكهرباء، للحفاظ على القدرة التنافسية في الأسواق العالمية. وهو أمر قد يحدث مع مرور الوقت بصورة كبيرة.
لكن الاستفادة من أخطاء الماضي تظل مسألة غاية في الأهمية. إذ دفع الاقتصاد الوطني ثمنا باهظا، خلال السنوات الماضية، جراء الاعتماد على الغاز المصري بسبب انخفاض كلفته حينها، إلا أن “الربيع العربي” وما تلاه من توقف الإمدادات بسبب الاضطرابات السياسية، جلبا خريفا اقتصادياً على المملكة، لاسيما مع بلوغ المديونية مستويات عالية تفوق 20 مليار دينار.
اليوم، وعدا عن كون الحديث عن غاز من مصدر “إسرائيلي” يبدو مثيراً للجدل بحد ذاته، لاسيما من ناحية سياسية؛ فإنه أيضا أمر محفوف بالمخاطر في حال الاعتماد عليه وحده كمصدر للطاقة، على غرار التجربة مع مصر، من دون تنويع المصادر والاعتماد على الطاقة المتجددة.
ومن ثم، لا يجب التفكير في أن الغاز الإسرائيلي يشكل الخيار الوحيد والمنقذ؛ فإنجاز ميناء الغاز المسال في العقبة جزء من المنظومة التي يجب الاعتماد عليها والتوسع فيها، خصوصا وأن أسعار “نوبل إنيرجي” مساوية للأسعار العالمية.
إمدادات “نوبل إنيرجي” للمملكة لن تصل قبل العام 2017. ومن الواضح أن مصر أيضا شرعت بالتزود من تلك الشركة، على غرار “الكهرباء الوطنية”، كخيار لتقليل الاعتماد على الوقود الثقيل والسولار لتوليد الكهرباء.
قطاع الطاقة هو الخاصرة الضعيفة للاقتصاد الوطني الذي يعتمد على استيراد 97 % من احتياجاته من الأسواق العالمية. وللتذكير، فإن المشكلة بدأت منذ احتلال العراق في ربيع العام 2003، وبنتيجتها توقف المنحة النفطية العراقية، ما أفضى إلى ضربة قاسية للاقتصاد الوطني. لكن لم يتم منذ ذلك الحين التعامل باستراتيجات فعالة تعتمد على تنويع الخيارات للتقليل من مخاطر الاعتماد على مصدر واحد.
الاعتماد على تنفيذ الاستراتيجيات المتنوعة لتوليد الكهرباء من الطاقة المتجددة، والتركيز عليها، وصولا إلى 10 % من إجمالي احتياجات المملكة، هي أمور يجب العمل معها ليل نهار لتقليل تعرض المملكة للصدمات الخارجية.
الأردن منذ العام 2011، يعاني من الظروف الصعبة التي تمر بها المنطقة. وقد لجأ إلى برنامج إصلاح اقتصادي مع صندوق النقد الدولي بات يضغط على مستويات المعيشة، من دون تقديم المجتمع الدولي أو الدول العربية مساعدات مجزية تخفف من الكلف الباهظة التي تحملها ويتحملها الاقتصاد الوطني.
المصدر : https://wp.me/p70vFa-59X