وقال بسام حاج، رئيس الأسواق في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في شركة إرنست ويونغ: «في حين أن الصين لا تزال تتمتع بقدرة تنافسية عالية جداً، إلا أن ارتفاع الأجور يفتح باباً من الفرص أمام كل من أفريقيا والشرق الأوسط. وفي ظل التزايد السريع في أعداد القوى العاملة في هاتين المنطقتين، تمتلك هاتان المنطقتان القدرة على التحول إلى مركزَيْ التصنيع العالميين القادمين، وربما سيتفوقان على الصين في الوقت الذي تركز فيه على تصنيع السلع ذات القيمة المضافة الأعلى. ولكن لكي يتحقق ذلك، لا بد من الاستثمار في تطوير البنية التحتية ومواصلة بذل الجهود لتعزيز روح ريادة الأعمال. كما ينبغي على الأسواق سريعة النمو دراسة تجربة الصين والتعلم من نهجها الناجح، الذي يشجع الشركات الصغيرة والمتوسطة على أداء دور مهم في اكتشاف وسد الثغرات الموجودة في السوق ودفع عجلة نمو سوق التصدير الصيني.»
وتضم قائمة الأسواق سريعة النمو 25 سوقاً، من بينها قطر والإمارات العربية المتحدة والسعودية ومصر في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وسوف تواصل قطر تسجيل أسرع معدلات النمو بين أسواق المنطقة، بنسبة نمو تبلغ 7٪ في عام 2012، ويرجع ذلك بشكل كبير إلى التوقعات التي تشير إلى أنه سيكون هناك إنفاق حكومي قوي وصادرات كبيرة إلى الأسواق الآسيوية، في حين أن مصر ستكون الأبطأ نمواً وذلك بنسبة 1,2٪ في عام 2012 و3,5٪ في عام 2013، مع مخاطر حدوث تراجع في هذا السوق.
كما ستساهم التطورات التكنولوجية والتوسع الصناعي في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا في تحول المعادن والمواد الكيميائية وغيرها من السلع «الوسيطة» إلى جزء متزايد الأهمية من صادراتها، في ظل سعيها المستمر لحجز موطئ قدم لها في سلسلة التوريد العالمية. ومن المتوقع أن تنمو صادرات المنطقة إلى روسيا بنسبة كبيرة تصل إلى حوالي 12% سنوياً من أسواق أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، و14٪ من أسواق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
ومن المتوقع أيضاً أن يكون هناك تحول كبير في أنماط التجارة مع الاقتصادات المتقدمة، حيث تبحث هذه الاقتصادات على نحو متزايد عن أفضل الفرص التجارية المتاحة في الأسواق سريعة النمو. وتجدر الإشارة إلى أن حجم صادرات أوروبا إلى أفريقيا والشرق الأوسط في الوقت الحاضر يزيد بحوالي 50٪ عن حجم صادراتها إلى الولايات المتحدة.
في حين أن الاقتصاد العالمي لا يزال يعيش حالة من الغموض ويعاني من تراجع في التدفقات التجارية، إلا أن الأسواق سريعة النمو الخمس والعشرين حول العالم أثبتت مرونتها في مثل هذه الظروف. ومن المتوقع أن تحقق هذه الأسواق نمواً جماعياً بنسبة 5,3% هذا العام، مع تحسن سريع لتنمو بنسبة 6,3% في عام 2013. ومن المتوقع أن تستأثر الأسواق سريعة النمو بما يقرب من نصف النمو العالمي في السنوات العشر المقبلة، وفي مقدمتها الأسواق الناشئة في آسيا التي ستنمو بمعدل سنوي قدره 7٪. كما تشير التوقعات إلى أن أسواق منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مجتمعة سوف تنمو بمعدل وسطي قدره 4٪، مع احتمال أن يكون هذا النمو أقوى من المتوقع.
ومن جهة أخرى، سيسهم النمو في تعداد الطبقة الوسطى في الأسواق سريعة النمو لاسيما في آسيا، في زيادة حجم الطلب الاستهلاكي ونمو تدفقات التجارة بين هذه الأسواق. فعلى سبيل المثال، من المتوقع أن يرتفع عدد الأسر التي يتراوح دخلها الحقيقي الصافي بين 30 ألف-50 ألف دولار في الصين من 1,6 مليون أسرة في عام 2010 إلى 26 مليون في عام 2020.
ونتيجة للتغيرات في تكاليف الإنتاج وارتفاع الطلب من قبل المستهلكين، من المتوقع أن تسجل التجارة المتبادلة بين الأسواق سريعة النمو أسرع معدل نمو على مدى العقد المقبل. وتشير التوقعات إلى أن تدفقات السلع من الصين إلى الهند سوف تنمو بنسبة كبيرة تبلغ 22% سنوياً خلال العقد القادم. وعليه، سوف تكون الشركات بحاجة لتكييف استراتيجياتها مع التحديات الجديدة والفرص التي تتيحها هذه الأنماط المتغيرة للتجارة.
واختتم حاج قائلاً: «تتسم التوقعات الخاصة بأداء الأسواق سريعة النمو على المدى المتوسط بنوع من التفاؤل. فبالإضافة إلى كون ارتفاع أسعار النفط سيعود بالفائدة على المنطقة، فإنه من المرجح أن يبقى أداء القطاعات غير النفطية قوياً وخاصة في ظل النمو المطرد في أعداد القوى العاملة. وستشكل زيادة الإنفاق الحكومي وحجم التبادل التجاري بين الأسواق سريعة النمو محفزات قوية للنمو، الأمر الذي سيعود بفوائد كبيرة على الشركات التي تستثمر في هذه الأسواق.