قال صيادون وتجار في سوق السمك الجديدة في دبي، إنه بعد تنفيذ السوق، وانتقال الإدارة من بلدية دبي (في السوق القديمة)، إلى واجهة دبي البحرية، ونتيجة لغياب الرقابة والإشراف عليها، فإنها مهددة بعدم الاستمرارية، فضلاً عما يتكبدونه من خسائر، بسبب إشكالات عدة تنقسم إلى نوعين، الأول خاص بالتصميم والمرافق، إذ يعاني المبنى قلة عدد مواقف السيارات المتاحة لتحميل وتنزيل الأسماك، وضيق مساحة الموجود منها حالياً، وضيق مساحة طاولات عرض الأسماك، والنوع الثاني خاص بآليات عرض الأسماك وبيعها، التي تتسبب في فساد صلاحية نسبة كبيرة منه، والتقدير الجزافي لنسب الدلالة.
وطالبوا بإشراف فريق عمل من ذوي الخبرة من بلدية دبي، على إدارة السوق، مشيرين إلى أن بعض التجار، خصوصاً القادمين من خارج الإمارات، انتقلوا إلى أسواق أخرى في الدولة، بسبب ما وصفوه بـ«تعنت» موظفي جمعية الصيادين في الإمارة.
في المقابل، قال رئيس مجلس إدارة جمعية الصيادين، اللواء محمد سعيد المري، إن الجمعية تستمع لكل الفئات في الجمعية، وتنفذ مطالبهم، ووجدت تعاوناً كبيراً من التجار والصيادين المواطنين، لكن بعض الجنسيات الأخرى، تفضل الإبقاء على العشوائية والفوضى، لتحقيق مصالح شخصية، سواء بتحصيل رسوم غير رسمية أعلى على الدلالة، أو بيع الأسماك بشكل غير رسمي.
إلى ذلك، حاولت «الإمارات اليوم» التواصل مع واجهة دبي البحرية المسؤولة عن إدارة السوق، للحصول على ردّ حول شكاوى الصيادين والتجار، لكن لم تتلقَ إجابة منها.
تفصيلاً، قال تاجر الأسماك، جمال سلطان، إن «رؤية تجار وصيادي السمك المواطنين للسوق الجديدة، كانت إيجابية للغاية، إذ توقعنا أن تتوافر مساحات واسعة لسيارات تحميل وحفظ الأسماك، مع مزيد من المرونة في التعامل مع المواطنين العاملين في هذا المجال، لمساعدتهم على مواجهة سيطرة جنسيات أخرى عليه، إلا أن المبنى وخدماته جاء مخيباً لآمالنا».
وتابع: «نظراً لعدم وجود أي مشرف رسمي من أي جهة حكومية داخل السوق، اضطر تجار وصيادون مواطنون خلال شهر رمضان الماضي، إلى إدارة السوق بأنفسهم، وتنظيم حركة مرور سيارات الأسماك القادمة للسوق من سلطنة عُمان، وتوفير المواقف الملائمة لها، ومساعدتها على إنزال وعرض حمولتها، وتنظيم حركة البيع على الطاولات».
وأوضح سلطان أن «مشكلات السوق الجديدة تشمل نقاطاً عدة، في مقدمتها المدخل ومواقف السيارات، فالمدخل مسرب واحد فقط، يستخدمه المستهلكون والتجار المحليون والقادمون من دول أخرى، في وقت لا توجد أي دوريات مرورية في المنطقة لتنظيم الحركة، أما مواقف السيارات فقليلة للغاية، ولا تستوعب إطلاقاً مركبات التجار والمشترين، فضلاً عن أن تصميمها خاطئ، لأنها مخصصة للمركبات الصغيرة فقط، في حين أن مركبات نقل الأسماك عادة كبيرة الحجم».
ولفت إلى أن «عدم كفاية المواقف، وضيق مساحتها، يدفعان بعض التجار القادمين من خارج الدولة إلى ترك مركباتهم في مواقف أخرى، فيتعرضون لمخالفات وغرامات مالية، كما أن المواقف التي أتاحت إدارة السوق للتجار تأجيرها بـ15 ألف درهم للموقف الواحد، صغيرة للغاية، وعند إيقاف أي شاحنة كبيرة فيها لإنزال أو تحميل الأسماك، يمكن أن تتعرض لمخالفة أو غرامة لتجاوزها المساحة المخصصة للموقف».
وأشار سلطان، إلى أن «الرصيف الملحق بالمواقف مساحته ضيقة، ولا تكفي لتنزيل حمولة السيارات بشكل كامل، لذا يتم تنزيلها على مرات عدة، وعند العرض تأخذ الحمولة مساحة كبيرة من الرصيف، ما يأتي على المساحات المخصصة للمركبات الأخرى، ويتسبب في تأخير عرض حمولتها، ما يعرقل حركة البيع والشراء والتحميل، وتالياً زيادة الكلفة الإجمالية على التاجر والصياد والمستهلك بشكل عام».
مرافق
وأضاف أن «عدم وجود جهة إشرافية لتسيير أعمال السوق، يتسبب في تخريب البنية التحتية بشكل شبه يومي، لاسيما أن هناك تجمعات مياه كبيرة داخل منطقة المواقف، لعدم قدرة شبكة الصرف على تحمل ضغط المياه الناتج عن غسل مناطق العرض، وذوبان ثلج الحمولات، وعدم وجود جهة إشرافية وعمال تابعين لها، يتسبب في انسداد هذه الشبكة، كما أن بعض أعمدة الإنارة لم تعد تعمل، على الرغم من حداثة عمرها».
آلية البيع
من جهته، قال الصياد وتاجر الأسماك، محمد المرزوقي، إن «آلية البيع التي فرضتها إدارة السوق وجمعية الصيادين، تتسبب في فساد كميات كبيرة من السمك، وخسائر مالية للتجار، وهجرة التجار القادمين من خارج الدولة إلى أسواق أخرى، إذ تشترط إنزال الحمولات بالكامل من الشاحنة، وعرضها على طاولات، وفي حال لم تبع بالكامل، تتم إعادة الكمية المتبقية للمركبة مرة أخرى، والإشكال هنا أن الحمولة تكون مثلجة، وأثناء عرضها يذوب الثلج، وإعادة تثليجها مرة أخرى تفسد نسبة كبيرة من الأسماك، كما أن التاجر يتحمل كلفة إنزال الحمولة والدلالين، في وقت لا يضمن بيع حمولته كاملة، الأمر الذي قد يدفعه لبيع الكمية المتبقية بأقل من سعرها الفعلي حتى لا تفسد».
نسبة الدلالة
ولفت إلى أن إحدى أهم الإشكالات التي واجهها الصيادون خلال الفترة الماضية، وتم أخيراً التفاهم مع جمعية الصيادين لتغييرها، هي قيمة الدلالة التي تفرضها الجمعية على الصياد، إذ تم إقرار نسبة 3.5٪ على قيمة الأسماك، والمشكلة أن تقدير قيمة السمك يتم عبر موظفي الجمعية، وهم قليلو المعرفة بأنواع السمك وقيمتها، فبمجرد النظر للمركبة أو كمية السمك يقرر الموظف قيمتها بشكل جزافي، وبناء عليه يتم تحديد نسبة الدلالة، وتقتطع من الصياد، فمثلاً بعض الحمولات التي لا تزيد قيمتها على 30 ألف درهم، يقدرها موظفو الجمعية بـ50 أو 60 ألف درهم، بمجرد النظر لها، وبعض الشاحنات القادمة من خارج الدولة يتم تقديرها بناء على مظهرها الخارجي وحجمها، دون التأكد من الحجم والكمية الفعلية للأسماك الموجودة داخلها، ما يتسبب في خسائر للتجار». وأشار إلى أنه «بعد اجتماعات عدة مع الجمعية، تم الاتفاق على قيم ثابتة للدلالة، بناء على حجم السيارة، تبدأ بـ200 درهم للمركبة صغيرة الحجم، و300 درهم للكبيرة، وهي مبالغ مقبولة نوعاً ما مقارنة بالنسبة السابقة».
طاولات البيع
فيما قال تاجر الأسماك، محمد عبدالله، إن «مساحة الطاولات المخصصة لعرض السمك صغيرة للغاية، وحسب اشتراط إدارة السوق يجب عرض الحمولة بالكامل على الطاولة، دون استخدام السلال التي تضم كميات من الأسماك، ما يتسبب في استغراق وقت أطول في عرض الكميات، وزيادة كلفة الدلالة عليها».
هجرة التجار
وأوضح أن «هذه الإشكالات دفعت عدداً كبيراً من التجار القادمين من خارج الدولة إلى البحث عن أسواق أخرى داخل الدولة للتعاقد معها، لاسيما أن إحدى الأسواق وفرت لهم عروضاً مغرية، تشمل توفير مساحات مواقف، وعرض كبير للغاية، واستراحة سكنية، ونسب قليلة على الدلالة، في مقابل تنزيل حمولاتهم بشكل حصري، الأمر الذي قد يقضي بشكل كامل على سوق السمك في دبي».
اختفاء الأسر المنتجة
وأضاف أن «اشتراطات إدارة السوق تسببت في اختفاء الأسر المنتجة التي كانت توجد في السوق القديمة لبيع بعض المنتجات مثل البيض، والسمن، والسلع التراثية من سلال ومنتجات أخرى، إذ لم يعد مسموحاً لها بالبيع، كما الحال سابقاً، والحل الوحيد أمامهم هو استئجار محال وأماكن عرض داخل السوق، والتي تتجاوز كلفة إيجارها 25 ألف درهم، لمن كانت لهم أماكن العرض في السوق القديمة (إيجارها كان يبلغ 1800 درهم)، أما في حال التأجير بشكل جديد، فتتجاوز القيمة 100 ألف درهم».
الإشراف الصحي
ولفت إلى أن «السوق تعاني غياب الرقابة الصحية، فلا يوجد أطباء بيطريون للكشف والرقابة على شحنات السمك، والتأكد من سلامتها».
أكد أن بعض الفئات تفضّل العشوائية لتحقيق مصالح شخصية
المري: جمعية الصيادين ليست جهة إشرافية رسمية على سوق السمك
قال رئيس مجلس إدارة جمعية الصيادين، اللواء محمد سعيد المري، لـ«الإمارات اليوم»، إن «الجمعية ليست جهة إدارية أو إشرافية رسمية على سوق السمك الجديدة، إنما دورها تنسيقي مع إدارة الواجهة البحرية، لضمان سير العمل بشكل سلس وسهل، ولحماية حقوق الصياد والتاجر والمستهلك على حد سواء».
وحول شكوى تعنت موظفي الجمعية مع العاملين في السوق من تجار وصيادين، أوضح أن «الجمعية منذ اليوم الأول لوجود موظفيها في السوق تعمل على الاستماع للفئات كافة، ولتنفيذ طلباتهم، ووجدت تعاوناً كبيراً من التجار والصيادين المواطنين، لكن بعض الجنسيات الأخرى تفضل الإبقاء على العشوائية والفوضى لتحقيق مصالحها الخاصة، بتحصيل رسوم غير رسمية وغير معلنة، وأعلى على الدلالة، أو بيع الأسماك بشكل غير رسمي بجانب السوق».
وأوضح أن «الفئات الراغبة في عشوائية العمل مارست ضغوطاً عدة مع بدء تشغيل السوق، ومنها الشجار الدائم مع موظفي الجمعية، والتهديد بترك السوق والانتقال إلى أسواق أخرى في الدولة، لإجبار إدارة السوق على الرضوخ لعشوائيتهم، لكن الأمور لا تدار بهذا الشكل، ففي النهاية مصلحة المجتمع والمستهلك هي الأهم، ويجب الحفاظ عليها».
وطالب المري «الفئات أو الأشخاص الذي يجدون تعنتاً من موظفي الجمعية، بتقديم شكوى بشكل فوري لإدارة السوق، أو لإدارة الجمعية، ضد الموظف نفسه، حتى تتم دراسة كل حالة على حدة، وعدم تعميم سلوك التعنت على الجمعية بشكل كامل».
وأشار إلى أن «الجمعية استجابت لطلبات التجار والصيادين في أمور عدة، في مقدمتها خفض نسبة 3.5% للدلالة التي كان يتم تحصليها، واقتصرت على رسم ثابت من 100 إلى 200 درهم، حسب حجم الشاحنة»، لافتاً إلى أن كل هذه الرسوم لا تحصل لمصلحة الجمعية على الإطلاق، إنما تدخل في حسابات الواجهة البحرية».