واللقاء الذي يجمع يومي الأربعاء والخميس بين رؤساء الدول والحكومات الأفريقية والأوروبية مختلف عن الاجتماعات السابقة في ظل تغيرات حدثت في كلا الجانبين، فقد ازداد عدد دول الاتحاد الأوروبي، في حين أن منظمة الوحدة الأفريقية -التي أنشئت بعد استقلال الدول الأفريقية- تم استبدالها إلى الاتحاد الأفريقي الذي لم تتردد إحدى مسؤولاته الجنوب أفريقية نكوسازانا دلاميني زوما فور وصولها إلى بروكسل بالتذكير بجرائم العبودية والاستعمار والفصل العنصري كجرائم ضد الإنسانية.
كما أن مستوى النمو ومكان هاتين القارتين في العالم قد تغيرا أيضا، فبينما تكافح أوروبا لمواجهة الأزمة المالية والاقتصادية وتطبق سياسات تقشفية مضرة اجتماعيا تبرز أفريقيا بتحقيق معدلات نمو تتجاوز في كثير من الأحيان مستوى 5%.
يشار إلى أن النمو الاقتصادي في أفريقيا يعتمد بالأساس على استغلال الموارد الطبيعية كالمعادن والنفط والخشب وغيرها عبر تصديرها دون تحويلها للرفع من قيمتها، كما يؤخذ على الاقتصاد الأفريقي أن الثروة لا توزع بشكل متساوٍ.
وإذا كانت أوروبا منهكة في محاولة إعادة تنظيم اقتصادها فإن أفريقيا أصبحت تشهد قدوم مقترحات جديدة وتتنافس عليها مجموعة من القوى الاقتصادية العالمية سعيا للتعامل معها من الصين إلى الولايات المتحدة مرورا بالطبع بالقوة الاستعمارية الأوروبية السابقة.
وشعبية أفريقيا أيضا أصبحت متزايدة ليس فقط لدى الصين التي تخشى أوروبا من سيطرتها على القارة السمراء، ولكن أيضا في البلدان الناشئة الأخرى كالبرازيل وكوريا الجنوبية وتركيا.
وتقول الخبيرة في الشؤون الأفريقية ماري فرانس كرو للجزيرة نت إن أفريقيا تسعى إلى كسب ثقة أكبر في نفسها، فبينما ما زال الأوروبيون يقترحون برامج لمكافحة الفقر فإن المسؤولين الأفارقة ينظرون إلى التنمية الاقتصادية بشكل شمولي ويركزون في تعاملهم على المنظمات الإقليمية مع إلغاء الحواجز التجارية وتسهيل حركة التنقل.
وأضافت كرو أنه على الرغم من أن أوروبا عبر تخصيصها غلافا ماليا يصل إلى عشرين مليار يورو سنويا لأفريقيا لتبقى أكبر مزود للمساعدات الإنمائية والمساعدات الإنسانية فإن المواطنين ينظرون إليها كقوة مستبدة معنية بالدرجة الأولى بفرض معاييرها وبرامجها وبيروقراطيتها.
وشددت على أنه على الرغم من أن الهجرات حولت العواصم الأوروبية الرئيسية كباريس وبروكسل ولندن إلى مدن متعددة الثقافات فإن القيود المفروضة على الهجرة وصعوبة الحصول المنح الدراسية وعلى تأشيرات الدخول إلى دول الاتحاد الاوروبي تعززان في أفريقيا صورة أوروبا كقلعة أقل ترحيبا من الهند أو الصين.
مطمع أوروبي
وإذا كانت الأجندة الرسمية من الجانب الأوروبي تركز على أن القمة ستبحث مسائل التعليم والتكوين والشباب وملف الهجرة وسبل تحفيز النمو وخلق فرص عمل وكذلك سبل تعزيز الدعم الذي يقدمه الاتحاد الأوروبي لتطوير الكفاءات والقدرات في القارة الأفريقية فإن النقطة الرئيسية -غير المعلن عنها- تتعلق بمحاولة أوروبا الحصول على موطئ قدم جديد في مستعمراتها السابقة.
وتطمح أوروبا من خلال علاقتها بأفريقيا الحصول أسواق كبرى لمواجهة أزمتها الاقتصادية الخانقة.
وتبدي أوروبا استعدادها لمواصلة دعمها المالي لكل القطاعات الأفريقية بما فيها الزراعة، ولكن بضمان أن تكون من بين القوى التي ستعتمدها أفريقيا للتعامل الاقتصادي معها في المستقبل.