مجلة مال واعمال

أنس الحوامدة ريادي يؤسس صالون حلاقة في المفرق

-

120

كأي أب، كانت ردة فعله غاضبة عندما حمل له ابنه البكر (أنس) خبر إخفاقه في الثانوية العامة، والحصيلة كانت 6 مواد لم يحالفه الحظ بها.
نصح الأب المخذول ابنه بالبحث عن سبل أخرى بعيدا عن العلم والكتب، التي “لن يفلح بها مهما أوتي من جهد، فلا أمل!!”، هكذا قال الأب.
بقي صدى تلك الكلمات الأبوية الغاضبة والعاتبة يتردد في ذهن أنس، الذي أوجعته الشهادتان؛ شهادة المدرسة بالرسوب وشهادة أبيه بالخيبة، وعن شهادة أبيه، الأكثر إيلاما، قال أنس: “حرّتني كلمات أبوي، فصممت على التحدي”.
ارتأى الأب أن يفتح لابنه مشروعا ليسلك طريقا أخرى غير طريق العلم الموصدة، بعدما استطاع تأمين مبلغ 3000 دينار، وكان أن اشترى له صالون حلاقة في شارع جرش.
لكن الفتى أنس، والذي كان عمره حينئذ لا يتجاوز الـ18 عاما، لم يكن قد أمسك مقصا في حياته ولا شفرة حلاقة، أو حتى سشوارا، فماذا يفعل؟!
فما كان من أنس إلا أن قام بتوظيف أحد الحلاقين معه في المحل على أن يقوم بتعليمه أصول المهنة، التي لم يحلم أن يعمل بها في حياته.
تعلم أنس كيف يمسك بمقص الحلاقة، ونقطة الانطلاقة في رأس الزبون، وكيف يحدد شاربه أو لحيته، وكيف يحمل السشوار، وهكذا كان أنس والشاب يتقاسمان عند غروب شمس كل يوم ما قسمه الله لهما بالتساوي.
لكن بقيت غصة التوجيهي وعقدته لا تفارق ذهن أنس، الأمر الذي دعاه إلى أخذ المواد الست إلى الصالون ودراستها من جديد في أوقات الفراغ، عندما لا يكون هناك زبائن في المحل. وبالسر تقدم أنس إلى امتحان الثانوية العامة، ونجح في المواد الست.
انطلق الفتى المنتشي بالنجاح إلى أبيه ليبشره بالبشارة، لم يصدق الأب، قائلا له: “إذا كنت بلا عمل ولم تنجح، فكيف تنجح وأنت تعمل؟”، لم ييأس أنس من الحصول على شهادة أبيه، بعدما حصل على شهادة المدرسة التي انطلق إليها ليأخذ منهم ورقة رسمية تشهد بأنه ناجح، ليعود بها إلى أبيه.
عاد الفتى إلى أبيه بالشهادة الرسمية المختومة من المدرسة، قرأ الأب الاسم (أنس خلف الحوامدة)، متشككا، أعاد قراءته مرة أخرى إلى أن تيقن.
يقول أنس: “بعدما حصلت على الشهادتين تعززت ثقتي بنفسي، وبقيت أعمل في الصالون من الصباح حتى ساعات متأخرة من الليل حسب الطلب، وأسهمت بتعليم إخوتي في الجامعة، كما تزوجت وأصبحت رب أسرة”.
ويروي أنس أن من المفارقات التي “واجهتني، أنني بعدما حصلت على الشهادة، علمت بوجود وظائف حكومية، فيها ميزتا التأمين الصحي والضمان الاجتماعي فتقدمت لها، وإذ بهم يقدمون لي ورقة بالرفض، والسبب أنني حاصل على شهادة التوجيهي!!”.
ويضيف “أنا الآن أعمل في محلي، منذ 13 عاما من الصباح الباكر، ولدي الكثير من الزبائن، رغم المنافسة في شارع جرش في مدينة المفرق، والذي توجد به نحو 9 صالونات حلاقة للرجال”، مشيرا إلى أن المحل يحقق له دخلا شهريا يتراوح بين 400 و500 دينار، استطاع من خلالها تسديد مبلغ القرض البالغ 3000 دينار.
لكن أنس، الثلاثيني، يعتب على نقابة أصحاب صالونات الحلاقة التي وصفها بـ”الضعيفة”، لأنها لا توفر لمنتسبيها التأمين الصحي ولا الضمان الاجتماعي.
وعند بحثنا عن عنوان نقابة أصحاب صالونات الحلاقة، تبين لنا أنها أغلقت أبوابها منذ أشهر عدة، لتبقى ساحة صالونات الحلاقة الرجالية بلا نقابة، وهو ما يجعل هذا القطاع في مهب الريح!.