أشاد معالي جوزيه غرازيانو دا سيلفا الأمين العام لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة ” الفاو ” بجهود دولة الإمارات في دعم وتشجيع الأمن الغذائي على الرغم من التحديات الضخمة التي تواجهها بشأن الموارد الطبيعية خاصة فيما يتعلق بالمياه والأراضي الزراعية .
وأشار دا سيلفا في تصريح لوكالة أنباء الإمارات ” وام ” إلى أن شجرة نخيل التمر من الرموز العالمية التي يفخر بها أنباء دولة الإمارات العربية المتحدة الذين عبروا بها الأراضي والبراري والمحيطات والثقافات وعلى أيديهم وصلت إلى البرازيل التي استمدت كلمة التمرة من اللغة العربية.
ولفت إلى أن تاريخ دولة الإمارات العربية المتحدة وازدهارها ارتبط بشجرة واحدة هي شجرة نخيل التمر التي تعود أولى آثارها إلى العصر الحجري الحديث .. مشيرا الى أن هذه الشجرة الفريدة قادرة على تحمل الحرارة العالية والظروف المناخية الصعبة حتى أن جذعها قادر على تخزين المواد المغذية التي تتيح للشجرة مقاومة الجفاف.
وأعرب جوزيه عن شكره لدولة الإمارات على جهودها للحفاظ في انتقال المعرفة عبر الأجيال وضمان استمراية نخيل التمر غدا كما كان عليه بالأمس بما يعنيه من أمن غذائي لدولة الإمارات العربية المتحدة.
وقال ” عندما نزور مدينة أبوظبي تذكرنا هذه الإمارة بالعلاقة الجوهرية والتلازم بين الممارسات الزراعية المستدامة وبين قدرة البشر على الصمود وتحمل المشقات .. معربا عن فخر منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة بالشراكة مع جائزة خليفة الدولية لنخيل التمر والابتكار الزراعي التي تعتبر مبادرة رائدة ساهمت على مدى سنوات عدة في تسليط الضوء على أهمية نخيل التمر في واحات الإمارات وخارجها.
وعبر جوزيه عن شكره وتقديره على تكريم دولة الامارات للـ “الفاو” بجائزة خليفة الدولية لنخيل التمر والابتكار الزراعي في دورتها الثامنة .. مؤكدا أن هذه الجائزة تعبر عن حرص دولة الإمارات على استخدام البحوث والدراسات والتقنيات الحديثة من أجل النهوض بالنخلة وتحسين سبل زراعتها وتصنيع تمورها وتسويقها وتحقيق المكانة اللائقة بها في النهضة الزراعية على مستوى العالم أجمع.
وأوضح أن منظمة الامم المتحدة للأغذية والزراعة نجحت مع شركاء آخرين في العام الماضي في إضافة واحتي “العين” و”ليوا” إلى عدد متزايد من النظم الايكولوجية التي تقر منظمة ” فاو” بأهميتها رسميا على الصعيد الدولي باعتبارها مستودعات حية للموارد الوراثية والتنوع البيولوجي والتراث الثقافي.
ولفت جوزيه إلى أن اهتمام الفاو بنخيل التمر يتمثل من خلال تطبيقها أكثر من /30 / مشروعا في أكثر من 25 بلدا في آسيا وأفريقيا على مدى ثلاثة عقود حيث تتنوع هذه التدخلات بين البرامج والانشطة التدريبية والاستشارات التقنية والمشاريع وجميعها تهدف إلى إعادة تأهيل القطاعات المنتجة لنخيل التمر والتي تأثرت بالكوارث والأزمات الأخرى.
وأوضح أنه عندما اعتمدت الاسرة الدولية اجندة التنمية المستدامة لعام 2030 اختارت مجتمعة الانطلاق إلى عالم خال من الجوع والفقر المدقع .. عالم نعتني فيه بكوكبنا بطريقة أفضل مما فعلنا في السابق.
وقال إن أشجار نخيل التمر تشكل بالنسبة إلى شعوب المنطقة أكثر بكثير من مجرد غذاء إذ أنها جزء لا يتجزأ من تاريخهم وهويتهم الثقافية ..
لافتا الى أن علينا أن نستمر في غرس هذه القيم من خلال رعايتنا لشجرة نخيل التمر.
وأضاف أن ” الفاو ” تعمل بشكل خاص على التصدي لتفشي سوسة النخيل الحمراء العدو الأكثر تدميرا لنخيل التمر التي بدأ ظهورها في منطقة الخليج منذ منتصف الثمانينات وانتشرت غربا على مدى العقود الثلاثة المنصرمة لتشمل معظم الدول في إقليم الشرق الأدنى وشمال افريقيا .. كما أن ” الفاو ” تتعاون مع دولة الإمارات في إقامة أول قاعدة بيانات متكاملة للغطاء النباتي تشمل ترقيم أشجار النخيل واحتساب كميات المياه المستخدمة في الزراعة لادارة هذه الموارد بشكل أفضل.
وأشار إلى أن النخلة شجرة مفيدة بكل مكوناتها من ثمار وجذع وجريد وسعف ولكل منها استخداماته وقيمته الاقتصادية فالنخلة تؤمن الغذاء والوقود والمواد المستخدمة في صنع الحبال والسلال وصنع المفروشات وبناء المنازل .. كما تتميز بخصائص غذائية فريدة فهي مصدر فوري للطاقة وغنية بالفيتامينات فضلا عن انها لعبت دورا هاما في الثقافة والتاريخ.
وأوضح أن نخيل التمر كانت الغذاء المثالي لسكان الصحارى حيث نقل التجار العرب نخيل التمر إلى الاندلس في ذروة النهضة العربية في شبه الجزيرة الاسبانية كما ان المهاجرين الاسبان وإرسالياتهم نقلوا بدورهم نخيل التمر إلى الامريكيتين فانتشرت من كوبا إلى المكسيك وكاليفورنيا ..
لافتا الى المقولة الشهيرة لمؤسس دولة الإمارات المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ” اعطوني زراعة فأعطيكم حضارة “.
وقال ” علينا أن نبدأ بالتوعية حول فوائدها المتعددة من دون أن نغفل دورها الدقيق في التوازن الايكولوجي حيث ان نظام الواحات يلعب دورا رئيسيا في الحفاظ على التنوع البيولوجي .. مشيدا بدعم دولة الإمارات القوي للابتكار والتوجهات المستقبلية ونتطلع نحن في منظمة ” فاو ” إلى منتجات جديدة لإطعام الجوعى ومساعدة المزارعين على التغلب على الفقر ومواجهة تحديات التغير المناخي ” .
واختتم جوزيه غرازيانو دا سيلفا اليوم زيارته الرسمية لدولة الإمارات حيث شارك في الدورة الثامنة لجائزة خليفة الدولية لنخيل التمر والابتكار الزراعي وأجرى سلسلة من المحادثات مع عدد من كبار المسؤولين في المنطقة.
والتقى خلال زيارته إلى دولة الإمارات التي استمرت يومين عددا من المسؤولين وناقش عددا من القضايا التي توثق الشراكة بين منظمة ” فاو ” ودولة الإمارات .. كما بحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية.
فقد التقى جوزية مع معالي الشيخة لبنى بنت خالد القاسمي وزيرة دولة للتسامح .
كما التقى مع معالي الدكتور ثاني بن أحمد الزيودي وزير التغير المناخي والبيئة وهنأه على توليه مهام أول وزير للتغير المناخي والبيئة في المنطقة .. وقال إن استحداث هذا المنصب يعكس رؤية دولة الإمارات المستقبلية الثاقبة .. مشيرا إلى المساعدات التي وفرتها منظمة ” فاو ” للدول الأعضاء فيها لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
واكد جوزيه على استعداد منظمة ” فاو ” لدعم أية نشاطات من شأنها أن تساعد الوزير في تحقيق النجاح في مكافحة التغير المناخي بما في ذلك إطلاق مشاريع تجريبية أو برامج متكاملة.
والتقى جوزيه ايضا بسعادة الشيخ فالح ال ثاني الوكيل المساعد لشؤون الزراعة والثروة السمكية والثروة الحيوانية بوزارة البيئة القطرية وهنأه على التقدم الذي أحرزته دولة قطر في مكافحة الجوع.
وناقش الجانبان التعاون بين منظمة ” فاو ” ودولة قطر واستعدادهما لمواصلة التعاون حول القضايا ذات الاهتمام المشترك ومن بينها مبادرة المناطق الزراعية وصيد الاسماك وبناء القدرات والتدريب إضافة إلى ضرورة وضع آليات تعاقدية كافية للمشاريع المستقبلية.