خلّفت القيود المتعلقة بجائحة “كوفيد-19” تأثيرات سلبية على عدد من القطاعات، إلّا أنّ المفارقة هنا جاءت في صالح نمو أسعار العقارات. وخلال الأزمة المالية الأخيرة التي ضربت العالم عام 2008 عقب إفلاس بنك الاستثمار الأمريكي “ليمان براذرز”، جاءت استجابة سوق العقارات على شكل هبوطٍ كلفه فقدان أكثر من 10 في المائة من قيمته على مستوى العالم.
ومع ذلك، فإن الوضع مختلف الآن. ونظراً لما سببته القيود الحكومية المتعلقة بحماية الجمهور العام من انخفاضٍ في فرص الإنفاق على السفر والفعاليات الثقافية المختلفة والرياضات الجماعية والعديد من الأنشطة الأخرى، تحوّل تركيز الجمهور العامّ إلى البحث عن فرص للاستثمار في العقارات، بحسب صحيفة “ذي إيكونوميست”. وبالإضافة إلى السياسة التوسعية للمصارف المركزية وغيرها من التدابير المعتمدة في بعض الدول، من قبيل زيادة دعم قطاع الإسكان أو تخفيض و/ أو تأجيل دفع الضرائب، قد يشكل ذلك أحد الأسباب التي تدفع الأسعار إلى الارتفاع، وهذا ما أكدته “ألفو”.
وعلى سبيل المثال، على مدى الأشهر الثلاثة “الأسوأ” بعد تفشي الجائحة في الولايات المتحدة، كانت أسعار العقارات تشهد نمواً أكبر من أفضل ثلاثة أشهر قبل بداية الأزمة المالية الأخيرة. وأشارت صحيفة “ذي إيكونوميست” كذلك إلى أن أسعار العقارات في دول مجموعة السبع ارتفعت بنسبة 5 في المائة في الربع الثاني من عام 2020؛ إذ ارتفعت الأسعار في ألمانيا على سبيل المثال بنسبة 11 في المائة.
وتُعدّ الزيادة في الطلب على الرهون العقارية نتيجةً لفوائد الأكثر ملاءمة على القروض. وعلى الرغم من أنّ البنك المركزي الأوروبي أبقى على سعر الفائدة الأساسي عند 0 منذ مارس 2016 ولم يُجرِ أي تغييرات عند اندلاع الأزمة، خفض الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي) النطاق من 1.50-1.75 إلى 0-0.25 في المائة، فيما خفّض بنك إنجلترا النطاق من 0.75 إلى 0.1 بالمائة. ونتيجةً لذلك، أدى الانخفاض في معدلات الفائدة في البلدان الفردية إلى انخفاض الفائدة على قروض الرهن العقاري، ما أثار اهتمام الجمهور العامّ في امتلاك المساكن أو في زيادة الاستثمار بالعقارات.
ووفقًا لـ”ألفو”، فهناك عامل آخر من شأنه أن يُسهم في نمو الاهتمام بشراء العقارات وهو حقيقة أن الوباء أدى إلى نمو وتوسيع نطاق الحاجة إلى العمل من المنزل. وعندما يقضي الناس أوقاتاً أطول في شققهم أو منازلهم، تزداد متطلباتهم للراحة بشكل طبيعي.