يبدو أن العالم يتجه أكثر فأكثر نحو تجنّب اللحوم والأسماك واستخدام البدائل النباتية غير المطهية. حتى ولو كانت تلك غير مألوفة حتى الآن، فإن المستقبل سيكون لحماية الحيوانات عبر تناول “الأطعمة الخارقة” الموجودة في مطبخك بالفعل.
هناك أغذية تحتوي على القليل من الفيتامينات والمعادن والإنزيمات التي تساعد على الهضم، وهناك أغذيةٌ أخرى يحتوي القليل منها على كمياتٍ كبيرةٍ من الفيتامينات والمعادن، وتعتبر حيوية للغاية بالنسبة للصحة العامة، ويطلق على هذه النوعية “الأطعمة الخارقة”، وهو عنوان كتاب جديد من تأليف كارلا زابلانا، خبيرة التغذية الإسبانية والتي قامت بعرض هذه النوعية من الأغذية وشرح خصائص وفوائد كل منها.
وتعود زابلانا مؤلفة كتاب “العصائر الخضراء”، بعمل جديد عن فوائد المواد الغذائية، مكون هذه المرة من جزئين، يتضمن الأول عرضاً لهذه الأطعمة، بعضها نادر وغريب، لكن غالبيتها متاح للجميع، أما الجزء الثاني فيتضمن وصفات للتجريب، تقوم بصفة أساسية على خضروات نيئة في أغلب الأحوال.
في تصريحات لـوكالة الأنباء الألمانية، تقول المؤلفة وخبيرة التغذية بجامعة رامون لول ببرشلونة، “أقول دائماً إن الجسم مثل السيارة، فما فائدة امتلاكنا سيارة فيراري فارهة بمقاعد جلدية وتعمل بأفضل وقود في العالم، طالما لا نملك مفتاحاً لتشغيل المحرك. الأطعمة الخارقة هي التي تساعد محرك سيارتنا أو جسمنا على الحركة”.
وتماشياً مع التوجهات الغذائية الجديدة مثل “حمية العصر الحجري”، التي تدعو لتناول الطعام بنفس طريقة إنسان الكهوف، أو “الخضرية” التي تتبنى الحمية النباتية – لكن بتطرف شديد أو الحمية النيئة التي تقوم على تناول جميع الأطعمة نيئة وطازجة دون أي طهي -، تقول زابلانا إن القاسم المشترك مع هذه الحميات هو تناول طعام طازج قدر الإمكان وبحد أدنى من الطهي كلما توفر ذلك، “فكلما كان الطعام طبيعياً وطازجا كلما كان ذلك أفضل”.
تجدر الإشارة إلى أن بعض وصفات الكتاب قد تكون شديدة التعقيد أو يصعب الحصول على مكوناتها، مثل أعشاب البحر الحلوة أو زهور اللوكوما الهندي “السبوتة المصري”، أو الكامو كامو وهي أطعمة غنية بالعناصر الغذائية الهامة لصحة الإنسان، لكن هناك عناصر أخرى مألوفة ومتاحة للجميع مثل الأفوكاتو أو شمع العسل والعكبر (البروبلس) وهي المادة التي يستخدمها النحل لبناء خليته.
وتتوقع زابلانا أن “تنتشر هذه الأغذية قريباً في المحلات، ومع تزايد وعي الناس بأهمية هذه المواد سيدركون أن الأطعمة المفيدة لصحتهم ليست تلك التي تأتي من منغوليا أو بيرو فقط ولكن في كل مكان يمكن العثور على أغذية خارقة من أوراق النباتات الخضراء، من حبوب اللقاح من غذاء ملكات النحل وفطر عيش الغراب”.
وتعتقد مدربة التغذية، التي تعيش حاليا في كاليفورنيا أن حدوث تقدم في تناول الأغذية الصحية، توجه عالمي لن يتوقف “أصبحنا نرى ذلك في الشوارع، في المحلات والمراكز التجارية الكبرى المتخصصة فقط في الأغذية الصحية البديلة، في المطاعم التي تقدم فقط وجبات نباتية أو أطعمة نيئة، كما أصبح الأمر من الموضوعات الحيوية على ألسنة الناس”.
كما تعتقد أنه لكي لا يقتصر الأمر على الأشخاص الذين لديهم القدرة على الوصول إلى المعلومات، أو القدرة المادية للحصول على هذه الأغذية المفيدة، تعتقد المؤلفة أن التوعية بهذه الأمور مسألة جوهرية “يجب أن يدرك الناس مدى خطورة الأطعمة الجاهزة والسكر النقي والدقيق المطحون، يجب أن يدركوا أن تناول مثل هذه الأغذية سيصيبهم بالأمراض”.
كما توضح، “لا يجب تناول أغذية خارقة لكي يعيش الانسان بطريقة صحية، يكفي تناول خضروات وحبوب ومكسرات، هذه الأغذية مهمة وليس المعكرونة السباجيتي المنكهة بصلصة الكريمة أو الأطعمة المعلبة”.
وتضيف زابلانا “للوهلة الأولى قد يبدو عملياً واقتصادياً شراء شطيرة همبرغر بالجبن مقابل يورو ونصف، بينما يبدو مكلفا إنفاق ستة يوروهات على طبق سلطة خضراء، ولكن على المدى البعيد سيثبت عكس ذلك وتأثيره على الصحة العامة”.
وتحث خبيرة التغذية الإسبانية على الكف تماماً عن تناول الأطعمة سابقة التجهيز، بما في ذلك منتجات الألبان لأنها مليئة بالدهون المشبعة، والتي تتسبب مع الوقت في ارتفاع ضغط الدم وبالتالي السكري، بالإضافة إلى مشاكل في الجهاز التنفسي، والحركي كما تتسبب في خلل كبير في هرمونات الجسم.
وبخصوص السكريات تؤكد زابلانا أن “السكر الأبيض نوع من الإدمان، ليس لأنه يتسبب في زيادة الوزن عند الكبار والبدانة عند الصغار، لكنه مع الوقت يتحول إلى نوع من الإدمان أسوأ من إدمان الكوكايين”، مذكرةً أن تجارب أجريت في معامل فرنسا على فئران أثبتت أن الحيوان يصاب بالجنون نتيجة لإدمان السكر أكثر من المخدرات.
يشار إلى أن جانباً كبيراً مما توصي به زابلانا يذكر بحمية البحر المتوسط التقليدية في دول جنوب أوروبا والتي قوامها الفواكه والخضروات والحبوب والسمك والبيض مع كميات ضئيلة من اللحوم الحمراء.
ولكن يظل السؤال دوماً عن مدى الالتزام بهذه الحمية، فهناك كثير من الناس يتناولون كميات كبيرة من اللحوم صباحاً ومساءاً ولا يعتمدون في الحصول على البروتين إلا من مصادر حيوانية في جميع الوجبات.
تحذر زابلانا من خطورة هذا النظام الغذائي، “فيجب تحفيز تناول خضروات أكثر، يجب أن نستعيد عاداتنا القديمة في تبادل أطباق الطعام أو توزيعه والعودة لتناول الطعام وسط مجموعات ومشاركة آخرين مائدتهم. هذه أيضاً عادات صحية وأنا أحبها”.