في الوقت الذي كانت العشرينية حنين جمال تقوم بعمل حمية غذائية لإنقاص وزنها وملتزمة بتفاصيلها كافة لتحصل على نتائج سريعة، جاءها خبر عكر صفو حياتها وقلب مزاجها، وهو الأمر الذي جعلها تتناول الطعام بكميات كبيرة وبطريقة شرهة بدون توقف.
حنين لم تكن تعرف أن حالتها المزاجية تؤثر على طبيعة أكلها بهذه الطريقة وأن مزاجها السيئ سيجعلها تقبل على الطعام بشراهة.
فتقول “لا أدري ما الذي يحدث معي، فبمجرد أن أقلق أو أغضب من أي شيء تنتابني حالة نفسية غريبة وأفرغها كلها بالطعام، متناسية أي شيء آخر وغير مراعية لأي شيء قد أفسده”.
وتضيف أن تلك الحالة لا تصيبها إلا إذا كانت متوترة أو غاضبة فقط أو حزينة من شيء معين، لافتة إلى أنها لا تعرف ما هو سر ارتباط حالتها النفسية بتناولها الطعام بكميات كبيرة.
حنين ليست وحدها التي تعاني من ارتباط حالتها النفسية بطبيعة أكلها، فهند علي هي الأخرى تعاني المشكلة ذاتها، ولكن بطريقة مختلفة؛ إذ إن الحالة المزاجية تجعلها تعرض عن الطعام، ليحدث معها الأمر بالعكس، فهي من الأشخاص الذين يحبون الطعام وتشغل بالها كثيراً بماذا تريد أن تأكل على الغداء والعشاء.
وتضيف هند التي تحبذ الطعام بشكل كبير، أنه لا شيء يمكن أن يلهيها عنه سوى قدوم خبر مفرح جداً، أو أن يتم أمر كانت تنتظره منذ زمن، فذلك يجعلها تنسى أي شيء وتنسى أن تأكل وتبتعد تماماً عن التفكير في الطعام، ولا تتذكر ذلك إلا بعد مرور فترة من الوقت.
وتقول هند إنها اعتادت على طبيعتها هذه، فهي منذ صغرها ما إن تفرح لشيء حتى تتناسى الطعام تماماً، وتشعر بأنها غير محتاجة له على الإطلاق ولا تشعر بالجوع بتاتاً.
وهناك كثير من الأشخاص الذين ترتبط حالتهم النفسية بدرجة إقبالهم على الطعام، فهناك من يحزنون فينقطعون عن الطعام ولا يشعرون بأي رغبة لتناول أي شيء وهناك العكس تماماً.
غازي أحمد هو واحد من الأشخاص الذين لا تجد هذه النظرية طريقها إليهم، مشيرا إلى أن حالته النفسية لا تنعكس على إقباله على الطعام على الإطلاق أو شعوره بالجوع أو الشبع، مبينا أن كل شيء منفصل عن الآخر، فالحزن والسعادة من الأحاسيس، والشعور الجوع أمر آخر ولا يمكن أن يجتمعا معا.
ويضيف أنه تعرض في حياته لكثير من النكسات والأفراح، إلا أنها لم تكن تؤثر على كميات أكله على الاطلاق.
وفي ذلك، يقول الاختصاصي النفسي د.محمد حباشنة، إن ما يحدث مع الشخص هو من الحالات الدفاعية لسوء المزاج أو سوء الظروف، والتي تدفع إلى الإبقاء أو الانقطاع عن الطعام؛ حيث يصبح لدى الشخص فراغ يريد أن يملأه بالطعام وذلك لمن يقبل على الأكل.
والبعض، كما تقول، تكون ردة فعلهم قوية تجاه الحياة على أنها غير جميلة، ويجب الابتعاد عنها ويكون ذلك بالابتعاد عن الطعام الذي باعتباره هو المسبب للحياة.
وهناك عوامل أخرى، وفق حباشنة، مثل القلق والاكتئاب والتي هي من العوامل البيولوجية المرتبطة بالطعام والنوم وقد تؤثر على طريقة تناول الطعام.
ويبين حباشنة أن هناك من لا يتأثرون على الإطلاق بحالتهم النفسية، وتكون دفاعاتهم غير بيولوجية، مبينا أن التواصل من خلال الطعام أسريا هو من العوامل المهمة التي تجعل الشراهة والجوع من الأدوات النفسية التي يتعامل بها الفرد.