دخل أبوطارق إلى منزله يحمل بيديه أكياسا مليئة بالمعلبات وصفيحة كبيرة من الجبنة البيضاء، مناديا على زوجته لتساعده في حمل الأغراض التي بدأت تنهال على بيتهم تحضيرا لاستقبال شهر رمضان.
أبوطارق، الذي استلم راتبه الشهري أخيرا، خصص ميزانية محددة لشراء السلع الرمضانية وتجهيز المأكولات المرتبطة بشهر الصوم، وخاصة أن ابنتهم المغتربة في الخليج قررت قضاء أيام الشهر والعيد مع العائلة.
ويقول رب الأسرة أبو طارق والموظف في القطاع العام، إنه يفضل شراء السلع الرمضانية الأساسية قبل نحو أسبوعين من بداية شهر رمضان قبل أن يبدأ المواطنون بالتهافت على الأسواق واشتعال فتيل الأسعار، بالإضافة إلى أن زوجته أم طارق تفضل هي الأخرى البدء مبكرا بالتجهيز للشهر المبارك كي تقتصر الوقت والجهد وتتفرغ أكثر للعبادة.
ويبين الخمسيني أبو طارق أنه في كل عام يضع ميزانية لشهر رمضان تحتوي كافة المصروفات المطلوبة سواء لشراء السلع أو الولائم الرمضانية، مشيرا إلى أن تزامن رمضان مع بداية الشهر وموعد استلام الراتب أمر جيد جدا ويسهل على الناس.
من جانبها، تقول زوجته الخمسينية أم طارق أن العادة منذ سنوات اقتضت أن تحضر لشهر رمضان قبل نحو أسبوعين كون أسرتها تفضل تناول أكثر من وجبة على مائدة الإفطار، عدا عن المشروبات المتنوعة والشوربات وهذا يتطلب وقتا وجهدا، لذلك فهي تختصر وتحضر بعضها وتضعها بالمجمدة.
وتضيف أم طارق الأم لأربعة أبناء والتي بدأت في إعداد المخللات من الخيار واللفت وتفريز المأكولات، أن وجود ابنتها المغتربة وأطفالها معهم خلال الشهر يتطلب تحضيرا مسبقا كونها ترغب في إعداد المأكولات الشهية لها ولعائلتها.وتلفت إلى أنها طلبت من زوجها شراء أنواع الخضراوات التي بحاجة إلى تفريز أو تجفيف كالحمص والبازيلاء والجزر والملوخية… الخ، بالإضافة إلى المكسرات وبعض المواد الأساسية من أرز وسكر وطحين، مؤكدة أن شراءها في الوقت الراهن أفضل بكثير من شرائها خلال رمضان كون الأسعار ترتفع بشكل كبير.
من جانبه، يقول مدير أحد المولات التجارية معاذ أبوسنينة أن التهافت على المواد التموينية قبل بداية الشهر الفضيل أصبح أمرا طبيعيا من قبل المواطنين، الأمر الذي يزيد النشاط التجاري في المراكز التموينية.
ويلفت أبوسنينة إلى أن زيادة الإقبال والطلب على السلع الغذائية خلال شهر رمضان يرفع الأسعار بشكل تلقائي وفقا لمعادلة العرض والطلب، ولكنه أكد أن التنافس الكبير بين المولات والعروض المقدمة فيها تقلل من احتمالية ارتفاع الأسعار بشكل كبير.
ويبين أن غالبية المواد والسلع التي يتم الإقبال عليها في الوقت الراهن هي المعلبات والمواد الأساسية من أرز وسكر والشاي واللحوم والدواجن المجمدة.
بدوره، يقول الخبير الاقتصادي حسام عايش أنه جرت العادة لدى الأسر الأردنية أن تقوم بالتحضير لشهر رمضان قبل أن يحل بعدة أسابيع، لافتا أن هذا الأمر يحكمه عدد من العوامل أهمها الخوف من ارتفاع الأسعار في شهر رمضان.ويبين عايش أنه يوجد شعور لدى الأسر بأنه لا بد من الاستعداد للشهر وتحضير السلع الخاصة به لإعداد المأكولات فيه كونه يسمى شهر الطعام وليس شهر الصيام لذلك يقبلون على شراء المواد الأساسية من الأرز والسكر والزيوت والسلع الرمضانية.
وأوضح أن هنالك ثلاث قضايا تحكم أيضا تهافت المواطنين على شراء السلع قبل رمضان وهي وجود أعداد كبيرة من المغتربين الراغبين بقضاء الشهر الكريم مع عائلاتهم، الأمر الذي يزيد الطلب على السلع.
وفي الوقت ذاته، يقول عايش ان السلوكيات الاستهلاكية الخاطئة للمواطنين والمبالغ فيها في شهر رمضان سبب رئيسي في النظر إليه بأنه شهر الإنفاق، متناسين بأن رمضان هو شهر العبادة والشعور بالآخرين.
المصدر : https://wp.me/p70vFa-4TC