أعلنت شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك) أمس توقيع اتفاقية شراكة استراتيجية في مجال البنية التحتية لأنابيب نقل وتوزيع النفط مع «كي كي آر»، و«بلاك روك»، اللتين تُعدان من المؤسسات الاستثمارية الرائدة على مستوى العالم.
وقع الاتفاقية معالي الدكتور سلطان الجابر، وزير دولة الرئيس التنفيذي لأدنوك ومجموعة شركاتها، ولورانس دي فنك، رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة «بلاك روك»، وهنري كرافيس، رئيس مجلس الإدارة المشارك والرئيس التنفيذي المشارك لشركة «كي كي آر»، وذلك في المقر الرئيسي لشركة أدنوك.
ووفقاً للاتفاقية، ستقوم «أدنوك لأنابيب النفط»، التي تم إنشاؤها حديثاً كشركة فردية ذات مسؤولية محدودة، باستئجار حصة أدنوك في 18 أنبوباً تنقل النفط الخام والمكثفات من امتيازات أدنوك البرية والبحرية لمدة 23 عاماً.
وبدورها تحصل «أدنوك لأنابيب النفط» على تعرفة تدفعها أدنوك مقابل حصتها من كميات النفط الخام والمكثفات التي يتم ضخها عبر الأنابيب، مع تحديد التزام بحدٍّ أدنى من هذه الكميات.
وستقوم الصناديق التي تديرها كل من «بلاك روك» و«كي كي آر» بتأسيس ائتلاف تحصلان من خلاله على نسبة 40% في شركة «أدنوك لأنابيب النفط»، فيما تحتفظ أدنوك (الرئيسية) بحصة الأغلبية المتبقية والتي تبلغ 60% وكذلك بحق التحكم وإدارة عمليات الأنابيب. وستحقق هذه الاتفاقية عوائد لأدنوك تقدر بـ 14.7 مليار درهم تدفع مقدماً.
ويشكل هذا الاستثمار طويل الأجل لشركتي «بلاك روك» و«كي كي آر» تأكيداً على مكانة الدولة وأبوظبي كوجهة استثمارية تشهد نمواً متسارعاً في جذب رأس المال الخارجي. وتمثل هذه الاتفاقية المرة الأولى التي توظف فيها مؤسسات استثمارية عالمية رائدة رؤوس أموال في أصول البنية التحتية الرئيسية لشركة نفط وطنية في منطقة الشرق الأوسط. وبالتزامن مع هذه الاتفاقية، تعمل أدنوك على وضع الأسس وتهيئة الظروف الملائمة لإتاحة المزيد من الفرص الاستثمارية في مجال البنية التحتية مع عدد من المؤسسات الاستثمارية.
وستكون حصة أدنوك في شركة «أدنوك لأنابيب النفط» البالغة 60% مملوكة لأدنوك من خلال «أدنوك للبنية التحتية»، إحدى الشركات التابعة والمملوكة بنسبة 100% لأدنوك. كما تمتلك «أدنوك للبنية التحتية» أيضاً حصة أدنوك البالغة 100% في شركة خط أنابيب أبوظبي للنفط الخام (أدكوب). ومن المتوقع أن تضيف «أدنوك للبنى التحتية»، في الوقت المناسب، مجموعة إضافية محددة من أصول البنية التحتية التابعة لشركة أدنوك لتكون منصة استثمار جديدة ومبتكرة في هذا المجال.
وقال الدكتور سلطان الجابر: تماشياً مع توجيهات القيادة الرشيدة، تحرص أدنوك على تحقيق أقصى قيمة ممكنة من الموارد الطبيعية والأصول القائمة من خلال استقطاب استثمارات استراتيجية تغطي مختلف جوانب ومراحل أعمال الشركة في قطاع النفط والغاز. ويسرنا التوقيع على هذه الاتفاقية مع مستثمرين يمتلكون خبرة واسعة ومكانة مرموقة كشركاء يعملون مع أدنوك للاستثمار في أصول محددة من الأنابيب.
وتعكس هذه الخطوة جاذبية الإمارات كوجهة عالمية مستقرة وموثوقة للاستثمار، كما تؤكد ثقة مجتمع الاستثمار العالمي بنهج أدنوك للشراكات النوعية والذكية التي تحقق أقصى قيمة من محفظة أصولها مع الاحتفاظ بحق التحكم بملكية وتشغيل هذه الأصول.
خطوات مبتكرة
وأضاف: هذه الاتفاقية نموذج جديد للخطوات المبتكرة التي تقوم بها أدنوك لتعزيز كفاءة الأصول ورأس المال وتحقيق قيمة مستدامة للإمارات وأدنوك. ونحن حريصون دوماً على توفير مجموعة من الفرص المجدية للمؤسسات الاستثمارية الإقليمية والعالمية للشراكة مع أدنوك والاستثمار في مشاريع تسهم في تحقيق أقصى قيمة من أصولها في البنية التحتية بالاعتماد على خبرة أدنوك في تصميم وتطوير برامج شراكات استراتيجية تركز على تعزيز القيمة، وبما يضمن المحافظة على امتلاك أبوظبي حق التحكم بأصولها. وتمثل هذه الاتفاقية إنجازاً مهماً للإمارات وأدنوك حيث إنها تمهد الطريق لاستقطاب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة المهمة.
وقال هنري كرافيس: أنشأنا منصة أساسية مبتكرة للبنية التحتية في مجال نقل وتوزيع النفط بالتعاون مع أدنوك وبلاك روك، والتي يمكن أن تشكل محفزاً لاستقطاب مزيد من الاستثمارات الأجنبية للإمارات والمساهمة في النقلة النوعية التي يشهدها الاقتصاد المحلي.
وعقب فترة طويلة من حضورنا في المنطقة، نقدر تعاوننا مع أدنوك كشريك استراتيجي يتمتع بإمكانات نوعية، والبيئة الاستثمارية الجاذبة التي تتميز بها أبوظبي لبدء أول استثمار مباشر لنا في المنطقة. وأنا على ثقة بأن هذه الاتفاقية ستكون مقدمة للمزيد في الاستثمارات المحتملة مستقبلاً.
وقال لاري فينك: رسخت شركة بلاك روك لنفسها علاقات قوية في الإمارات والمنطقة بشكل عام لسنوات عدة، لذلك نحن سعداء بمشاركتنا في هذه الشراكة التاريخية. وتعد الشراكات بين القطاعين العام والخاص ضرورية لتعزيز مساهمة الاستثمارات الاستراتيجية في دفع عجلة النمو الاقتصادي المستمر في المنطقة، ونحن واثقون من أن الاتفاقية بين أدنوك، وبلاك روك وكي كي آر ستتبعها الكثير من الشراكات الاستثمارية المماثلة والتي سيكون لها مساهمة محورية في النمو المستقبلي للمنطقة.
وكانت أدنوك قد أعلنت في يوليو 2017، عن توسيع نموذج شراكاتها الاستراتيجية وخلق فرص استثمارية جديدة في مختلف مجالات وجوانب أعمالها في قطاع النفط والغاز، مع تعزيز الإدارة الاستباقية لمحفظة الأصول ورأس المال.
وتأتي هذه الاتفاقية عقب إطلاق الشركة عدداً من مبادرات خلق القيمة أخيراً، بما في ذلك بدء تعامل أدنوك مع أسواق المال، وإصدار سندات شركة «خط أنابيب أبوظبي للنفط الخام» (أدكوب)، والاكتتاب العام على أسهم «أدنوك للتوزيع»، والشراكة الاستراتيجية التجارية بين أدنوك للحفر و«بيكرهيوز»، وبين أدنوك للتكرير و«إيني» و«أو إم في».
كما منحت وكالة «فيتش» أدنوك تصنيف ائتماني مستقل من الدرجة «AA+»، وتصنيف من الدرجة «AA» بالنسبة للقدرة على الوفاء بالتزاماتها طويلة الأجل، مع نظرة مستقبلية مستقرة. ويعد هذان التصنيفان حالياً أعلى تصنيفات ائتمانية تمنحها وكالة «فيتش» لشركة نفط وغاز على مستوى العالم.
وقامت «كي كي آر» بالاستثمار في المشروع من خلال صندوقها الاستثماري العالمي الثالث للبنية التحتية، الذي تم إغلاقه في سبتمبر 2018 عند 7.4 مليارات دولار. وتبلغ قيمة أصول البنية التحتية التي تديرها «كي كي آر» 12.6 مليار دولار. ويعتمد الاستثمار في أبوظبي على خبرة «كي كي آر» العالمية في توفير الموارد وإبرام اتفاقيات في مجال النقل والتوزيع مع شركاء يمتلكون قدرات وموارد وأصول عالية الجودة.
صناديق
وتستثمر «بلاك روك» في المشروع من خلال سلسلة من الصناديق العالمية للاستثمار في مشاريع الطاقة والبنية التحتية التي وفرت للمستثمرين على مدى العقد الماضي استراتيجية تم اختبارها في الأسواق للاستثمار في مشاريع تعاقدية ذات أهمية حيوية في مجال البنية التحتية للطاقة على المستوى العالمي ضمن بيئة استثمارية تتميز بالاستقرار وامتلاك قدرات وموارد وأصول عالية الجودة.
ويتماشى هذا التعاقد الاستثماري في مجال نقل وتوزيع النفط في أبوظبي مع استراتيجية الصندوق التي تهدف لبناء شراكات طويلة الأجل ذات قيمة إضافية مع أكبر شركات قطاع الطاقة على المستوى العالمي لتوفير حلول مخصصة تحقق منافع متبادلة للطرفين (الصندوق والطرف الآخر) من خلال تنفيذ استثمار يركز على الحماية من المخاطر.
18 خطاً
تقوم شركة «أدنوك لأنابيب النفط» باستئجار 18 خطاً لأنابيب النفط بطول إجمالي يزيد على 750 كيلومتراً وبسعة إجمالية تبلغ حوالي 13 مليون برميل يومياً. وتمثل هذه الأصول بنية تحتية رئيسية للنقل والتوزيع لمنظومة الطاقة في أبوظبي، حيث تتيح نقل معظم إنتاج النفط الخام من أصول الحقول البرية والبحرية في أبوظبي إلى منافذ ومحطات التسليم الرئيسية في الإمارة لتحويله إلى منتجات أخرى عالية القيمة أو تصديره إلى أسواق الطاقة العالمية.
ويرتكز خط الأنابيب على التزامات طويلة الأمد بضخ حد أدنى من النفط والمكثفات، مدعوماً بإنتاج مستقر من النفط الخام من أدنوك البرية وأدنوك البحرية اللتين لديهما شراكات مع شركات نفط دولية، ويبلغ متوسط المدة المتبقية من امتيازات شركتي أدنوك البرية والبحرية أكثر من 35 عاماً.