ويرى الخبير الاقتصادي وليد أبو سليمان أن الناتج المحلي اللبناني يعتمد في جزء منه على الصادرات الزراعية اللبنانية إلى البلدان العربية والخليجية وغيرها من دول الشرق الأوسط عبر الحدود البرية مع سوريا والتي باتت غير آمنة في الآونة الأخيرة، وأنه لا يمكن في ظل الظروف الراهنة البحث عن طرق بديلة لاسيما أن الشحن البحري مكلف للغاية ولا يمكن للبنان تحمّل أعبائه.
وأضاف أبو سليمان أن عدد الزوار العرب الآتين عن الطريق البرية لسوريا انخفض إلى 8% في الربع الأول من العام، وتحول السواد الأعظم منهم إلى وجهات أخرى في المنطقة أكثر استقراراً.
ولا يخفي أبو سليمان تخوفه من أن تتوقف تدريجياً العلاقات التجارية بين لبنان ودول الخليج بسبب التأثيرات الكبيرة للأزمة السورية على لبنان في حال اتخذت الأحداث في سوريا منعطفا خطيراً، خاصة بعد التحذيرات التي أصدرتها وزارات خارجية البحرين وقطر والإمارات والسعودية والكويت إلى رعاياها بعدم السفر إلى لبنان ودعوتهم إلى مغادرته بسبب تخوفها من اضطرابات أمنية محتملة.
ورغم أنه لم تصدر للعام الحالي 2012 أي تقارير رسمية تشير إلى تراجع نسبة الاستثمارات الأجنبية في لبنان، إلاّ أن التقرير الأخير للمؤسسة العامة لتشجيع الاستثمارات في لبنان “إيدال” عن العام 2011 توقع هذا التراجع بسبب موجة الثورات العربية التي أثرت بشكل كبير على الاستقرار الاقتصادي للمنطقة وجاذبيتها الاستثمارية.
ويرى رئيس المؤسسة العامة لتشجيع الاستثمارات في لبنان “إيدال” نبيل عيتاني أن الاستثمار الأجنبي المباشر تراجع إلى 4 مليارات دولار في العام 2011 بعد أن كان 4.8 في العام 2010.
وبحسب “إيدال” فإن معظم المستثمرين الأجانب في المشاريع التي نفذت بين 2003 و2010 كانوا من أصول عربية، فيما تراجع الاستثمار الغربي في لبنان بسبب الأزمة المالية العالمية وليس بسبب أسباب اقتصادية داخلية.
وتعتبر الكويت والمملكة العربية السعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة من أكبر البلدان الخليجية المستثمرة في لبنان ، وبحسب الخبير الاقتصادي وليد أبو سليمان فإن السوق العقاري يشكّل أعلى نسبة للمستثمرين الخليجيين 44.4%، تليه الخدمات المصرفية 26.3%ومن ثم السياحة 22.2% والتجارة 2.2% وأخيراً المالية 1.5%.
ومن أبرز المستثمرين في القطاع المصرفي في لبنان “مجموعة البركة البحرينية” التي تموّل مشروعاً عقارياً في بيروت بقيمة 40 مليون دولار من المتوقع إنجازه نهاية العام المقبل ، و “بنك الكويت الوطني ” الذي أسس وجوداً قوياً في مجال الخدمات المصرفية في لبنان منذ أعوام.
كما لم تتوقف أعمال البناء الخاصة بمركز التسوّق “سيتي سنتر” الذي تطوّره مجموعة ماجد الفطيم في منطقة الحازمية في ضواحي بيروت بقيمة 300 مليون دولار والذي من المقرر أن يفتح أبوابه العام 2013. وأشار تقرير “إيدال” إلى عدد من الشركات الخليجية الجديدة التي بدأت تستثمر في لبنان في العام الماضي، من أبرزها شركة قطر للبتروكيماويات، بنك قطر الوطني، شيفت تكنولوجيز الإماراتية، غولف مارين سرفيسز الإماراتية، كما قامت شركة زين للإتصالات بتوسيع محفظة خدماتها من خلال 15 نقطة بيع جديدة.
واعتبرت بعض الأوساط الاقتصادية أن إرجاء مجموعة الحبتور الإماراتية خططها الاستثمارية في لبنان بسبب الأوضاع السياسية المتقلبة، ضربة للاقتصاد اللبناني وبداية انفراط عقد الاستثمارات الخليجية الأخرى، بعد قرار مجموعة الحبتور بعدم ضخ اي استثمارات حتى تستقر الأوضاع السياسية والأمنية في لبنان.
وبحسب تقرير “إيدال ” عن العام المنصرم فإن تدفق الاستثمارات الإماراتية إلى لبنان كمصدر أساسي للاستثمارات الأجنبية المباشرة شكّل ما نسبته 30.8 في المئة من إجمالي التدفق الاستثماري الأجنبي.
ولفت التقرير إلى أنه من الملاحظ أن نسبة الاستثمارات الإماراتية ، تضاف إليها الاستثمارات الكويتية البالغة 7.7 في المئة تشكّل سوية نسبة تكاد تتساوى مع استثمارات الدول الأوروبية وخصوصاً فرنسا (23.1 %) وألمانيا (15.4%) حيث أن حصة كلّ من هاتين الدولتين تشكّل 40 في المئة من المجموع العام للتدفقات الاستثمارية للعام 2011 أي أنها تشكّل معاً حوالي 80 في المئة من هذه الاستثمارات.