مجلة مال واعمال

ليس كل كيميائي ضار و ليس كل طبيعي نافع

-

بقلم مهندسة الصناعات الكيميائية و أخصائية البشرة غادة عاصي

الجرعة هي السم
الكثير من الأشخاص يعتقدون أن المواد الكيميائية في غاية الضرر و يصيبهم الهلع عندما يسمعون أن هذا المنتج هو منتج ” كيميائي” و يطلبون دائما استخدام المنتجات الطبيعية اعتقادا منهم أن كل شيء يندرج تحت قائمة الطبيعي لا ضرر فيه،. اليوم في هذا المقال سنسلط الضوء على صحة هذا الكلام،،
هل كل ما هو كيميائي ضار؟ و هل كل ما هو طبيعي نافع و مفيد؟؟
عندما نطرح السؤال ما هي المواد الكيميائية؟؟ سنندهش من معظم التعريفات و قد لا يتم اعتبارها واضحة للأشخاص الأقل معرفة علمية، لكن ما هو معروف أن المواد الكيميائية هي عناصر أو مجموعة من العناصر مع تركيبة و بنية محددة، إذن يمكننا الوصول إلى نتيجة مفادها أن كل المواد مصنوعة من مواد كيميائية.
لسوء حظنا هذه الأيام فإن مصطلح ” المواد الكيميائية” عندما يقرع بآذاننا أو يتم الهمس به فإن الخوف يحيطنا من كل صوب فهي بشكل عام تعتبر لدى الكثيرين منا أنها مسيئة و يتم رفضها حتى الخوف، ناهيك عن أن المواد الكيميائية هي مصدر السرطانات و مسبب رئيسي للأمراض الأخرى، وصلنا إلى مرحلة أن نظرتنا للمواد الكيميائية أصبحنا نعتبرها هي لعنة الوجود، لكن اليوم أردت إخباركم بجملة بسيطة جدا أعزائي و عزيزاتي َ و كل من يقرأ ما أكتب يجب علي أن أذكركم بأن ” كل شيء على الإطلاق هو مادة كيميائية”؛ نحن عبارة عن مواد كيميائية، أصدقاؤنا مواد كيميائية، أطفالنا مواد كيميائية، الهواء الذي نتنفسه مواد كيميائية، الطعام الذي نتناوله عبارة عن مواد كيميائية يتم هضمها بواسطة مواد كيميائية و تحولها إلى مواد كيميائية أخرى، مستحضرات العناية بالبشرة التي يكتب عليها طبيعية 100% هي مواد كيميائية.
علينا من اليوم أن نبدأ بتثقيف العقول و توعيتها حول كلمة ” الكيميائية”، نريد الوصول إلى فكرة مفادها أن مصطلح ” الكيميائية” ليست كلمة سيئة،. فالمواد الكيميائية رائعة بالفعل و لا يمكننا العيش دونها، علينا من اليوم أن نبدأ بمشروع نشر الوعي الكيميائي بطريقة سهلة لينة بطريقة يسهل الوصول إليها.
حاول أن تنقل (بشد القاف) بصرك في هذا الكون سترى أن معظم المواد الكيميائية موجودة في كل مكان حولنا، استغرق دقيقة في النظر حولك، الأشياء التي يمكنك رؤيتها ناتجة عن امتصاص المواد الكيميائية للضوء و الأشياء التي تشمها هي مواد كيميائية مرتبطة بمستقبلات حاسة الشم لديك، و الإشارات الكيميائية في جسمك مسؤولة عن قدرتك على الإحساس بهذه الأشياء.
في الماضي كان الاعتقاد الخاطئ أن هذه المواد الكيميائية بحكم طبيعتها ك مواد كيميائية يجب أن تكون ضارة و بالتالي يجب تجنبها إلا أن الحجة المضادة لهذا الاعتقاد الخاطئ التي تشيع في نفس مصادر الاعتقادات فيما يتعلق بجميع الأطعمة الطبيعية و المكملات و العلاجات العامة التي تكون بحكم طبيعتها باعتبارها طبيعية بالكامل، يجب أن تكون مفيدة جدا و على الأقل ليست ضارة لأنها طبيعية… ( هذا مفهوم خاااطئ و يتجاهل حقيقة أساسية بسيطة مفادها أن كل شيء يتكون من مواد كيميائية)؛ فالمواد الكيميائية هي اللبنات الأساسية لجسم الإنسان الذي يتكون بكامله من مواد كيميائية؛ حيث يحتوي جسم الإنسان على ما لا يقل عن 60 مادة كيميائية مختلفة تتراوح من عناصر بسيطة مثل الكربون و الحديد إلى مواد كيميائية أخرى ذات هياكل أكثر تعقيدا.
و الأهم من ذلك إن بعض أكثر المواد المعروفة سمية هي مواد طبيعية 100‪% لكنها ليست جميعها آمنة فالقليل جدا من المواد آمن، إذن المبدأ الأساسي لعلم السموم أن الجرعة هي التي تصنع السم
…. The Dose Makes the Poison
بغض النظر سواء كانت المادة طبيعية أو صناعية فمثلا يمكن أن تكون المياه النقية ضارة و مميتة عند استهلاك كمية كبيرة منها بسرعة كبيرة.
إذن يمكننا الوصول إلى نتيجة مفادها أن الذهب الخالص هو المثال على العنصر و إذا كنت تريد تقسيم الذهب إلى أصغر حجم ممكن إلى الحجم الذي لا يزال يعرض فيه خصائص الذهب، فسيتبقى لك ذرة واحدة فقط من الذهب الخالص و تتحد الذرات معا لتكوين هياكل أكثر تعقيدا تسمى الجزيئات، و عندما يتم ضم ذرات من عنصرين أو أكثر يسمى مركب،،، إذن كل شيء من حولنا في هذه الحياة يتكون من هذه الجزيئات و المركبات من الهواء الذي تتنفسه إلى الطعام الذي نأكله و الأجسام التي تحملنا إلى مستحضرات العناية بالبشرة التي نستخدمها على بشرتنا…. و يمكن أن نلخص ذلك بجملة ” الكيمياء هي الحياة”…
جميع حقوق الملكية الفكرية محفوظة