مجلة مال واعمال

سوق الذهب في دبي يستعيد بعض بريقه

-

من خلف زجاج المتاجر في دبي القديمة، عادت فساتين السهرة المصنوعة من الذهب والتيجان المرصّعة لتتلألأ من جديد في سوق الذهب التاريخي، بعد فترة من الإغلاق ضمن إجراءات مكافحة انتشار فيروس كورونا المستجد.
لكن عاملا رئيسيا ما يزال غائبا عن أزقة وشوارع السوق القديم: الزبائن.
ورغم ذلك، تمثّل إعادة فتح أبواب المتاجر في أحد أكبر أسواق الذهب في العالم خطوة حيوية ودفعة مطلوبة لاستعادة الحركة الطبيعية قبل بداية موسم الذروة السياحية في الخريف، في مدينة تفتخر بكونها أحد أبرز مقاصد محبي التسوق.
وقال توحيد عبد الله رئيس مجلس إدارة مجموعة دبي للذهب والمجوهرات في مكتبه بسوق الذهب وسط دبي لوكالة فرانس برس “إن مسألة إعادة فتح السوق هي الأهم. فتح المتاجر ووجود الناس هنا أمر كبير بالنسبة لنا (…) فالعامل الرئيسي هو النفسي”.
وأضاف بينما كان موظفون يعقّمون سلاسل ذهبية في آلة “نتوقع أنّه في شهر 6 أو 7 عندما يعاد فتح المطارات (…) أن نستعيد نحو 50 بالمئة” من الحركة التجارية.
وينظر إلى دبي على أنّها مركز رئيسي للتجارة والخدمات تمثّل السياحة فيه شريان حياة منذ أكثر من عقدين. وقد استقبلت الإمارة أكثر من 16 مليون سائح العام الماضي، وكانت تستهدف 20 مليون سائح هذا العام قبل أن يعرقل الوباء حركة السفر حول العالم.
واضطرت الإمارة الثرية، موطن أطول مبنى في العالم برج خليفة، إلى إغلاق مراكز التسوق الشهيرة والمطاعم الراقية والأسواق التقليدية لمدة شهر لمكافحة انتشار الفيروس.
وتواجه دول الخليج صعوبات في كبح الوباء الذي انتشر بسهولة بين أعداد كبيرة من العمال المهاجرين الذين عادة ما يعيشون في أمكان مزدحمة. وقد سجّلت الإمارات أكثر من 21 ألف إصابة بينها 208 حالة وفاة.
يقع سوق الذهب في المركز التجاري القديم للإمارة الخليجية، في مكان ليس ببعيد عن ناطحات السحاب التي تشتهر بها دبي، وقد أغلق أبوابه في 24 آذار (مارس) وأعاد فتحها بموجب قواعد صارمة تتعلّق بالتباعد الاجتماعي والنظافة في 26 نيسان (ابريل).
وتضم منطقة نايف مجموعة من المباني القديمة والأزقة والشوارع التقليدية الضيقة التي عادة ما تكون مكتظة بالعمّال المهاجرين الآسيويين والأفارقة الذين يشكلون الغالبية العظمى من سكان المنطقة.
والشهر الماضي، انتشرت مقاطع فيديو لسكان يحتفلون بنهاية حظر التجول وقد تدفّقوا على الشوارع للتصفيق والتهليل تحت أنظار الشرطة التي قامت بحملة تعقيم ضخمة في المنطقة.
ويقول شاندو سيرويا نائب رئيس مجلس إدارة مجموعة دبي للذهب والمجوهرات “عندما جئنا إلى هنا في اليوم الأول بعد إعادة فتح الأبواب، شعرنا كأننا ندخل مكانا جديد، لذلك قمنا بتعقيم كل شيء. كنا سعداء للغاية بالعودة”.
وأضاف محاطا بنحو عشرة موظفين يرتدون أقنعة واقية ويدقّقون في مصوغات ذهبية “الكل يريد أن يكون في إجازة لكن هذه المرة كان العكس. كانت العطلة طويلة جدا لذا كنا نتوق للعودة”.
وفضّل أصحاب الأعمال ترك الذهب في متاجرهم خلال فترة الإغلاق بكاملها وعدم نقلها إلى أي مكان آخر، لثقتهم بكون دبي أحد أكثر المدن أمانا، بحسب عبدالله وسيرويا.
ويشغل السوق الذي يبلغ عمره أكثر من قرن ويضم ما بين 400 إلى 500 متجر، شوارع أرضيتها من البلاط الرمادي وأسقفها تقليدية مصنوعة من سعف النخيل، في جوار أسواق أخرى أشهرها تلك التي تبيع التوابل والسجاد والقماش.
وقال عبدالله “هذا معلم من معالم دبي (…) قلب مدينتنا الذهبية، ومن المهم أن نراه مفتوحا”.
ويعد قطاع الذهب والمجوهرات أحد ركائز اقتصاد دبي – الأكثر تنوعًا في منطقة تعتمد في الغالب على النفط. وتقول السلطات إن الإمارة تستأثر بنسبة 14 بالمئة من إجمالي تجارة الذهب على مستوى العالم.
لكن بعد أسبوعين من إعادة الافتتاح، لا يزال السوق بعيدًا عن أجوائه الصاخبة.
فاختفى البائعون الذين كانوا يلاحقون السياح ويحاولون إغرائهم لشراء الساعات، بينما كانت المتاجر فارغة إلاّ من الموظفين الذين يحافظون على مسافة مترين تقريبا بين بعضهم البعض.
قال تشيتان داناك البائع الذي عمل في نفس المتجر منذ مجيئه من الهند قبل 17 عامًا “من الصعب أن أصدّق أن شيئًا كهذا يمكن أن يحدث”.
وتابع “لم يأت سوى ثلاثة أو أربعة زبائن منذ إعادة الافتتاح، بينما كنا نرحّب بما يصل إلى عشرة يوميا بحسب الموسم. لكن الأمور ستعود إلى طبيعتها حتما”.
وكان مدير عام دائرة السياحة والتسويق التجاري في دبي هلال المري قال في مقابلة مع قناة بلومبرغ الشهر الماضي أنه من المرجح أن تعيد دبي فتح أبوابها أمام السياح في تموز/يوليو المقبل.
بالنسبة إلى كاتيا أبو سمرة، مديرة تطوير الأعمال في إحدى دور المجوهرات، فإن الإغلاق دفع شركتها إلى تحويل جزء كبير من تركيزها نحو الزبائن المحليين بدل السياح.