مجلة مال واعمال

الذهب يجني الثمار باستمرار حرب العملات

-

74

يؤكد خبراء الذهب والسلع من شتى أنحاء العالم إلى أن الارتفاعات التي حققتها أسعار المعدن الأصفر أخيراً وبلوغها مستويات تجاوزت 1,120 دولاراً للأونصة (ما يعادل 4,145 درهماً) كانت بسبب تخفيض الصين المفاجئ لعملتها «اليوان» بنسبة 2% أمام الدولار الأميركي بما بات يعرف إعلامياً باسم «حرب العملات»، وأشاروا إلى أن التطورات الأخيرة ساعدت على عودة الاندفاع بقوة من قبل مجموعات واسعة من المستثمرين لشراء الذهب مقابل تقليص أحجام وعمليات البيع على المكشوف، موضحين أن الظروف العالمية الحالية تقود صوب المحافظة على مستويات شراء المعدن النفيس ضمن مستويات 1275 دولاراً للأونصة (ما يعادل 4717 درهماً) مع نهاية العام الجاري.

وتدلل مؤشرات الأسواق العالمية إلى أن أسعار الذهب في الوقت الراهن تشهد حالة من الاستقرار إلى حدٍ كبير ضمن نطاقات سعرية تتراوح بين 1,110 و 1,132 دولاراً للأونصة (ما يعادل 4,100 و 4,190 درهماً تقريباً)، الأمر الذي يبرهن توجه أسعار المعدن الأصفر نحو اختراق مستويات سعرية أعلى ودخولها لنطاقات جديدة تختبر مراكز سعرية مرتفعة.

استجابة قوية

وتفصيلاً، قال أولي هانسن، رئيس قسم استراتيجية السلع في «ساكسو بنك» إن صناديق التحوط أبدت استجابة قوية تجاه المراكز المكشوفة المسجلة، مشيراً إلى اقتراب دخول أسعار الذهب إلى جولات رئيسة جديدة لاسيما بعدما شن «اليوان» من بكين الحرب على «الدولار» في واشنطن من خلال تخفيض العملة الصينية والسياسة المالية الجديدة التي فاجأت بها الصين العملات العالمية الرئيسة وأدت إلى تراجعات حادة في الأسواق المالية العالمية في محاولةٍ منها لإنقاذ اقتصادها من حالة التباطؤ الشديد وتعزيز تنافسية سلعها في جميع دول العالم.

وأوضح في حديث خاص للبيان الاقتصادي أن التغيرات الاقتصادية الأخيرة دفعت المستثمرين نحو الإقبال بصورة كبيرة على شراء الذهب باعتباره الخيار الاستثماري الوحيد القادر على وقاية الأموال من شبح الخسائر، لافتاً إلى أن الحكومة الصينية في حال واصلت سياستها المالية عبر خفض أكبر على قيمة اليوان سيزيد الإقبال على الذهب بين المستثمرين الصينيين الذين يسعون باحثين عن الاستثمارات البديلة كوسيلة للتحوّط ضد انخفاض قيمة العملة، بالإضافة إلى أنه سوف يحد من المخاطر المحتملة نتيجة رفع أسعار فائدة «المجلس الاحتياطي الفدرالي الأميركي» على الدولار خلال شهر سبتمبر المقبل نظراً لانخفاض التوقعات حول الموعد والمقدار اللذين ستحددهما الحكومة الأميركية.

وأرجع أسباب نزوح المستثمرين عن أسواق المعادن الثمينة من ضمنها الذهب خلال الأشهر القليلة الماضية إلى المخاوف الجيوسياسية وانخفاض التضخم والارتفاع المرتقب لأسعار الفائدة على العملة الأميركية التي مثلت رياحاً عكسية على أسعار المعدن الأصفر منذ بداية العام الماضي 2014، مشيراً إلى أن مديري الصناديق والمحافظ تحولوا في خياراتهم الاستثمارية إلى نماذج البيع على المكشوف في سوق العقود الآجلة للمرة الأولى منذ عام 2006.

واعتبر أن التغطيات القصيرة هي الدافع الأكبر وراء شراء الذهب في الوقت الراهن، مشيراً إلى السلبية لاتزال تسيطر على الأجواء والأمزجة العامة للمستثمرين، داعياً إلى ضرورة العودة إلى مستويات تفوق سعر 1,132 دولاراً للأونصة (يساوي 4,188 درهماً) للتغيير نحو الحالة الإيجابية والتغلب على الشعور العام السائد حالياً.

محفزات

وأشار هانسن إلى أن الانطلاق القريب لموسم الاحتفالات في الهند فضلاً عن استمرار انخفاض قيمة اليوان الصيني يدخلان ضمن المحفزات التي تلعب دوراً جوهرياً صوب زيادة الطلب الفعلي على الذهب خلال الأشهر المقبلة، مشيراً إلى أن انخفاض مجال مناورة اللجنة الفيدرالية للسوق الأميركية المفتوحة يساعد إلى حد ما في رفع معنويات المستثمرين نحو اختراق حاجز المقاومة عند أسعار 1,080 دولاراً للأونصة (ما يعادل 3,996) الذي يعتبر الخط النهائي الذي يمكن للأسعار أن تصله هذا العام.

منافسة قوية

وأفاد هانسن أن الأسهم والسندات تعتبر منافساً قوياً منذ الأزمة المالية التي عصفت باقتصادات دول العالم خلال عام 2008، نظراً للعائدات القوية التي أدت إلى سباق محموم في عوائد السندات، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن توفر السيولة أدى بدوره إلى ارتفاع الأسهم في أسواق المال العالمية.

رياح عكسية

أحدث التسابق المستمر للمستثمرين نحو الدولار منذ مطلع العام الماضي الكثير من الرياح العكسية على أسعار الذهب بحسب المحللين والخبراء الذين يتوقعون بداية مرحلة انخفاض الدعم عليه قريباً في حال دخل رفع الفائدة على الدولار حيز التنفيذ، معتبرين أن الذهب خلال العامين الماضيين لم يحتفظ كما ينبغي بدوره كملاذ استثماري آمن، ودللوا على ذلك بأن الأزمة اليونانية الأخيرة لم تسهم في تفعيل أسعاره ودفعها نحو مستويات أعلى مما أفقده هذه الصفة مؤقتاً.