في عالم تتسارع فيه التقنيات وتتصاعد الحاجة لتطوير الخدمات الصحية الرقمية، برز اسم الدكتورة هبة محمد الحتاملة كواحدة من أبرز الأكاديميين والباحثين في مجال المعلوماتية الصحية في الأردن والعالم العربي، بل وحتى في الأوساط الأكاديمية البريطانية. مسيرة علمية ومهنية ممتدة بين الأردن والمملكة المتحدة، جمعت بين التميز الأكاديمي، والبحث العلمي الريادي، والعمل الميداني في تطوير النظم الصحية.
رحلة علمية مميزة من الأردن إلى لندن
تنحدر الدكتورة هبة من العاصمة الأردنية عمان، حيث بدأت مسيرتها الأكاديمية في جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية بحصولها على درجة البكالوريوس في إدارة الخدمات الصحية بتقدير امتياز، وكانت من الطالبات المتفوقات المكرمات على مستوى الجامعة.
ولأن الطموح لا يعرف حدودًا، انتقلت إلى جامعة مانشستر في المملكة المتحدة لتحصل على درجة الماجستير في إدارة الرعاية الصحية. وكان مشروع تخرجها في ذلك الوقت بمثابة إشعار مبكر باتجاهها البحثي، حيث درست استخدام نظم المعلومات الصحية في المستشفيات التعليمية الأردنية.
لكن المحطة الأهم كانت حصولها على درجة الدكتوراه في علوم الإدارة/المعلوماتية الصحية من جامعة برونيل لندن، حيث تناولت في أطروحتها موضوعًا بالغ الأهمية: أثر فعالية نظم المعلومات الصحية على أداء المستشفيات العامة في الأردن، وهي دراسة جمعت بين الجوانب السريرية، التشغيلية، والمالية، في تجربة غير مسبوقة محليًا.
إنتاج علمي دولي رصين
لم يكن التفوق الأكاديمي هدفًا بحد ذاته بالنسبة للدكتورة هبة، بل بوابة نحو المساهمة الفاعلة في تطوير قطاع المعلومات الصحية، ليس فقط نظريًا، بل من خلال أبحاث علمية منشورة في مجلات عالمية مرموقة، كثير منها مصنفة ضمن قاعدة بيانات سكوبس.
ومن أبرز أبحاثها المنشورة:
“دور الذكاء الاصطناعي في تحليلات سلسلة التوريد أثناء الجائحة”
“البحث عن المعلومات الصحية عبر الإنترنت لدى المراهقين: الثقة، الثقافة الرقمية الصحية، وتأثير الأهل”
“تقييم جودة استخدام المواقع الإلكترونية للمستشفيات الأردنية الخاصة”
إضافة إلى مساهمتها البارزة في ربط الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات الضخمة مع إدارة نظم المعلومات الصحية في المستشفيات الأردنية والعربية.
إلى جانب الأبحاث، نشرت كتابًا في ألمانيا بعنوان: “نظم المعلومات الصحية في المستشفيات: تحليل التجربة في مستشفيين تعليميين أردنيين”.
بصمة أكاديمية محلية وعالمية
عملت الحتاملة كأستاذة مساعدة في جامعة فيلادلفيا، وسبق أن درّست في عدة جامعات أردنية، أبرزها جامعة اليرموك وجامعة العلوم والتكنولوجيا. كما شغلت مناصب أكاديمية في المملكة المتحدة خلال فترة دراستها، منها العمل كباحثة مساعدة في جامعة برونيل، ومعلمة في مدارس بريطانية، إلى جانب خبرتها الإدارية كقائدة فريق في مكتبة الجامعة.
وإلى جانب التدريس، كان للدكتورة هبة دور فاعل في إعداد الخطط الدراسية، وأسهمت في وضع البرامج الأكاديمية للماجستير في المعلوماتية الصحية، بالتعاون مع جامعات أردنية بارزة.
ريادة المرأة العربية في تكنولوجيا الصحة
تمثل الدكتورة هبة نموذجًا ناجحًا للمرأة العربية في قطاع تكنولوجيا الصحة، إذ مزجت بين العمل الأكاديمي والبحثي، والمشاركة في اللجان الجامعية المختلفة، فضلًا عن حضورها في المؤتمرات العلمية الدولية التي ناقشت قضايا الذكاء الاصطناعي والرعاية الصحية الرقمية.
كما حرصت على تطوير مهاراتها التقنية عبر المشاركة في ورش عمل تخصصية، منها ورش إدارة المعلومات الصحية الإلكترونية، الطب عن بُعد، والتعليم الإلكتروني.
نحو مستقبل رقمي للقطاع الصحي
تطمح الدكتورة هبة الحتاملة إلى أن تكون جزءًا من التحول الرقمي في القطاع الصحي الأردني والعربي، خاصة في ظل التطور المتسارع في مجالات الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات الضخمة. وما يميزها ليس فقط الكفاءة الأكاديمية، بل قدرتها على تحويل المعرفة النظرية إلى تطبيق عملي يسهم في تحسين جودة الخدمات الصحية.
ختامًا، تمثل تجربة الدكتورة هبة الحتاملة قصة إلهام لكل شابة عربية تطمح إلى اقتحام مجالات التكنولوجيا والبحث العلمي، مؤكدة أن الطموح والمعرفة هما جناحا النجاح في عالم سريع التحول نحو الرقمنة.
