لا يقتصر تأهل المنتخب الوطني الأردني لكرة القدم إلى نهائيات كأس العالم 2026 على كونه إنجازًا رياضيًا تاريخيًا، بل يتجاوز ذلك ليشكل محطة فارقة تحمل في طياتها فرصًا اقتصادية واستثمارية يمكن أن تسهم في تحفيز عدد من القطاعات الحيوية ودعم عجلة الاقتصاد الوطني.
ويمثل هذا الإنجاز لحظة استراتيجية تتطلب استثمارًا وطنيًا شاملًا في مجالات التسويق والترويج والتخطيط، إذ يفتح آفاقًا واسعة أمام قطاعات السياحة والصناعة والإعلام الرقمي والاستثمار الرياضي، إلى جانب تطوير البنية التحتية الرياضية.
ويؤكد خبراء اقتصاديون أن آثار هذا الإنجاز تمتد إلى قطاعات متعددة، وفي مقدمتها القطاع السياحي، حيث يتوقع أن يؤدي تأهل المنتخب إلى زيادة ملحوظة في أعداد الزوار والسياح الراغبين في التعرف على الأردن، بوصفه بلدًا حاضرًا اليوم بقوة على خارطة كرة القدم العالمية.
إلى جانب ذلك، يُنتظر أن يشهد قطاع الصناعات التحويلية، خاصة في مجالات صناعة الملابس والإكسسوارات الرياضية، انتعاشًا مدفوعًا بزيادة الطلب على المنتجات المرتبطة بالمنتخب الوطني، ما يسهم في تحريك خطوط الإنتاج المحلية ودعم الاقتصاد الصناعي.
كما سينعكس هذا الحراك الرياضي على قطاع الإعلام الرقمي والمحتوى التفاعلي، في ظل التزايد الكبير في حجم التفاعل على منصات التواصل الاجتماعي، وما يوفره ذلك من فرص لشركات الإنتاج والمبدعين في مجالات الإعلان والتسويق الرقمي لتحقيق مكاسب ملموسة.
بيانات الرصد الرقمي تشير إلى ارتفاع ملحوظ في الاهتمام العالمي بالأردن عقب إعلان التأهل، حيث سجلت محركات البحث زيادات كبيرة في معدلات البحث عن اسم “Jordan”، إلى جانب ملايين التفاعلات والمنشورات الرقمية حول المنتخب والحدث الرياضي الأبرز.
ويرى خبراء الاتصال الرقمي أن هذا الزخم يمثل فرصة استراتيجية يجب استثمارها عبر حملات وطنية مدروسة للترويج للفرص الاقتصادية والاستثمارية في المملكة، خاصة في القطاعات الواعدة مثل التكنولوجيا والطاقة والسياحة العلاجية.
ومن المتوقع أن تستفيد قطاعات أخرى من هذا الحراك، وفي مقدمتها النقل، والفندقة، والمطاعم، والإعلانات، والبث التلفزيوني، إضافة إلى الاستثمار في البنية التحتية الرياضية، عبر مشاريع تطوير الملاعب، وإنشاء أكاديميات ومراكز تدريب متخصصة، بما يسهم في بناء قاعدة رياضية متينة للأجيال القادمة.
ويرى مراقبون اقتصاديون أن الفرصة باتت سانحة لتعزيز المشاريع الكبرى، مثل مشروع المدينة الرياضية المزمعة في جنوب عمان، وربطها بحراك رياضي واقتصادي طويل الأمد.
كما يشير الخبراء إلى أن هذا الحدث يمثل فرصة لدعم الاقتصاد المحلي من خلال تنشيط الفعاليات الثقافية والمجتمعية المصاحبة، خاصة في العاصمة عمان والمدن الكبرى، ما يعزز من الطلب على الخدمات اللوجستية وتنظيم الفعاليات ويضفي حيوية على الأسواق.
ومع تعاظم الاهتمام العالمي بالرياضة الأردنية، تبرز أيضًا فرص استثمارية واعدة في قطاع كرة القدم، سواء من خلال استقطاب صفقات انتقال للاعبين الأردنيين، أو جذب الاستثمارات في الأندية المحلية والبنية التحتية الرياضية.
ويجمع المتابعون على أن مشاركة الأردن في كأس العالم، إذا ما اقترنت بحملة وطنية مدروسة تشارك فيها جميع مؤسسات الدولة، قادرة على فتح آفاق اقتصادية واستثمارية جديدة تعزز من مكانة الأردن إقليميًا ودوليًا، وتدفع باتجاه دخول المملكة مرحلة أكثر تقدمًا في مسار الاقتصاد الرياضي.


