بقلم : محمد فهد علي الشوابكة
منذ حوالي عشر سنوات كتبت مقالا خاصا كان يحمل عنوان “إنهم يبددون الأموال..على موائد القمار”، ولم أكن اعلم أن هذا الداء اللعين سوف يحل بديارنا على أيدي نفس الزمرة التي تحدثت عنها في السابق و كنت استشف من نظراتهم أثناء مرافقتي لهم رغبتهم العارمة لوجود مثل هذه الأماكن في الأردن وبحسب قولهم لتوفير عناء السفر ولتكون هذه الكازينوهات قريبة منهم وتحت طلبهم بأي وقت.
لا أريد الإطالة في الحديث ولكن وباعتقادي أن هذه الزمرة يجب مراقبتها ومحاسبتها وعدم التهاون معها وإنزال اشد العقاب بها ..أتعرفون لماذا؟؟؟
كنت أقيم في إحدى الدول العربية، وكنت أتابع أحوال بعض الشخصيات المقامرة ومن الطرائف التي حصلت مع احد هؤلاء.. قيامه بالاتصال مع احد مدراء محطات الطيران في أحد المطارات التابعة للدولة الشقيقة ويقول له:”لقد تأخرت في الطريق،خلي الطيارة تنتظرني” وأنا شخصيا كنت أعلم انه كان برفقة أحد أصدقائي يلعب الروليت في إحدى صالات القمار.
قصة أخرى، كنت برفقة احد رجال الأعمال في احد الفنادق وكانت ليلته طويلة في لعب القمار، وتبذير مئات الألوف من الدولارات، وإذا برجل الأعمال يفاجئني القول:”أريد منك أن تتوسط لي عند احد مدراء الطيران كي لا أحاسب على زيادة وزن حقائبي”.
الله اكبر ..
“البجاحة” التي اتصف بها هذا الشخص تعدت حدود العقل والمنطق، وهو الذي يبذر الملايين على لعبه وعند استحقاق ضريبة أو التزام عليه يتهرب منها بطرق ملتوية.
وإحدى النهفات أيضا، اتصل احد الأشخاص من هذه الزمرة مع موظف محطة تابعة للملكية وقال له:” أنني قمت بالاتصال بمديرك العام، وخلي الطيارة تنتظرني ربع ساعة”. والمضحك بالأمر كان بالنسبة لي هو رد الموظف المخلص:”روح ما ابرد وجهك”.
في النهاية أقول كلمة واحدة:”فعلا اللي اختشوا ماتوا”، وأترككم مع المقال الذي كتبته في عام 2002.
“منذ زمن طويل وأنا اسمع عن نوادي وكازينوهات القمار والروليت، ولا اعرف ما هي بل كنت أظنها شيئا من أفلام الخيال أو عالم التنجيم والأحلام، ولا ادري هل ما سمعته حقيقة أو خيال؟! وعندما أشاهد ذلك على شاشة التلفزيون يجول في خاطري أنها مجرد خدع سينمائية، ولا اصدق أن هذا الزلزال غير الطبيعي الذي يصنعه البشر بأنفسهم يجلب الويلات للأفراد والشعوب والدول، ويحطم صروحا اقتصادية كبرى! مجتمعات تتصدع وتتهاوى وأشخاص يفقدون حياتهم بنوبات قلبية سببها الزعل والقهر على خسائرهم المادية. ووحوش بشرية لا تعرف قلوبها الرحمة تلتهم في لحظات أموالا جمعت في سنوات من رجال أعمال نجحوا في حياتهم العملية لكنهم في لحظة طيش سقطوا في الخطيئة مرة واحدة والى الأبد.
وجاءت لحظة الحقيقة.. حيث رافقت عددا من رجال الأعمال المعروفين في رحلة إلى دولة عربية شقيقة وقادتني الصدفة لمصاحبتهم الى أحد أندية القمار، وهناك رأيت..ويا لهول ما رأيت!
مئات آلاف الدولارات تتبدد وتختفي في لحظات!
تذكرت بدايات عملي، الساعات اليومية الطويلة من العناء والشقاء والتعب للحصول على مبلغ تافه من المال لا يكاد يسد رمقي، اجتهدت وكافحت لكي أعيش وأساعد غيري أن يعيش، صدمت حين راودتني فكرة أن أضع كل شقاء عمري وكدي وجهادي ومرارة الكفاح والصبر والنجاح في لحظة واحدة على الطاولة ليلتهمها غول القمار!
معاذ الله أن أكون احد هؤلاء المجانين الناجحين أمام الناس وأمام أهلهم وعائلاتهم وزوجاتهم وأولادهم، الفاشلين المجرمين بحق أنفسهم وأهلهم ووطنهم الضعفاء أمام شيطان القمار.
ماذا أقول في هذه الزمرة المقامرة التي لا تراعي ذمة ولا ضميرا حيث تبدد أموالها وحقوق العباد على موائد القمار؟!
وبعد هذه الرحلة التي عرفت فيها القمار والمقامرين لا يسعني حاليا إلا أن أقول حسبي الله ونعم الوكيل”..
المصدر : https://wp.me/p70vFa-dy