في زمن باتت فيه الأزياء سريعة الزوال، والهوية مهددة بالاندثار، تنهض سمر يونس، ابنة الأردن الأصيلة، لتحمل على عاتقها مهمة وطنية سامية: أرشفة الأزياء التراثية الأردنية، محافظةً بذلك على ذاكرة وطن تنسجها الجدات بالإبرة والكلمة والحنين.
تجوب سمر المحافظات الأردنية من الشمال إلى الجنوب، بحقيبة مليئة بالشغف، تسجّل، توثق، وتقابل نساءً حملن ذاكرتنا المطرّزة على أثواب ملونة، كل غرزة فيها تحكي قصة، وكل نقش فيها يرسم ملامح أرض وهوية.
كتاب “أردن… تاريخ وأصالة”
مشروعها بدأ بمبادرة بسيطة، لكنه سرعان ما أصبح كتابًا مرجعيًا ثنائي اللغة (عربي – إنجليزي) بعنوان:
“أردن… تاريخ وأصالة”
وثّقت فيه ما يزيد عن 40 زيًا تراثيًا أردنيًا، مستندة إلى مقابلات شخصية مع الجدات وكبار السن من مختلف المحافظات، حيث اختلطت الرواية الشعبية بالعلم، والحنين بالدقة.
مشروع “روح الأردن” – عرض تراثي فني يُبهر العيون
لم تكتفِ سمر بالكتابة والتوثيق، بل نقلت التراث من الصفحات إلى الحياة، من الذاكرة إلى العيون، عبر مشروعها الفني “روح الأردن”، وهو عرض فني استعراضي يجسد أزياء 22 منطقة أردنية، تم تقديمها بطريقة مسرحية تعبيرية تمزج بين الأزياء، الموسيقى، والإضاءة.
كل زي يعرض في هذا العمل، يحمل رموزًا من التطريز، الجغرافيا، البيئة الطبيعية، والهوية التاريخية، ليكون المشروع بمثابة سفر بصري في عمق الهوية الأردنية.
أكثر من أزياء… هوية وطنية في خطر
تقول سمر:
“زيّنا مش بس قماش وتطريز… هوية وطن، وتاريخ نساء، ورمز كرامة وانتماء.”
سمر تؤمن أن ما ترتديه النساء الأردنيات في الماضي لم يكن فقط للزينة، بل وسيلة للتعبير عن الموقع الجغرافي، الحالة الاجتماعية، وحتى الرسائل العاطفية! وكلما سقط زي دون توثيق، ضاعت قصة من تاريخنا الجماعي.
توثيق بصري للمستقبل
تقوم سمر بتصوير كل زي في بيئته الأصلية، مع خلفية تعكس طبيعة المنطقة التي نشأ منها، لتُضفي على المشروع بعدًا بصريًا مدهشًا يعيد التراث إلى الحياة بطريقة إبداعية وحديثة.
الختام: من سمر إلى كل شاب وشابة
مشروع سمر يونس ليس فقط توثيقًا لأزياء، بل صرخة حبّ وانتماء، تقول فيها: “تعلّموا من أمهاتنا… لبسهم حكاية، ولباسنا الحديث فرصة لنقول من نحن، وإلى أين ننتمي.”