مجلة مال واعمال – خاص
في حياة بعض الأشخاص، لا تكون المسارات مستقيمة، بل تتشكل بفعل الظروف، الأحلام، والتحديات. تمارا جمعة واحدة من هؤلاء الذين لا يخشون التغيير، بل يحولونه إلى فرصة، ويجعلون من شغفهم رسالة تتجاوز حدود المنطق والتخطيط التقليدي للحياة.
لم تكن بدايتها في عالم الزهور، بل في عالم الأرقام والمال، لكن القدر كان يُخبئ لها قصة مختلفة، أكثر دفئًا، وأكثر إنسانية.
رحلة البحث عن الذات.. بين المال والموارد البشرية
درست تمارا جمعة العلوم المالية، ودخلت عالم البنوك، حيث بدأت حياتها المهنية في البنك العربي.
لكنها لم تكتفِ بذلك، فقد انتقلت إلى مجال الموارد البشرية (HR)، حيث عملت في شركات كبرى في الدوحة ودبي، وتدرّجت في مناصبها حتى أصبحت جزءًا من منظومة تُدير الأفراد، وتفهم احتياجاتهم، وتبني جسورًا بين العمل والإنسان.
كانت الحياة تمضي بخطى ثابتة، مستقبل مهني واعد، ومدن تنبض بالحركة والطموح. لكن أحيانًا، تأتي الأقدار لتعيد ترتيب الأولويات، وتفتح أبوابًا لم تكن يومًا في الحسبان. كورونا كانت نقطة التحوّل، حيث وجدت تمارا نفسها تعود إلى الأردن، ليس كعودة مؤقتة، بل كفصل جديد كُتب لها أن تعيشه.
من الأرقام إلى الورود.. ولادة الحلم
العودة إلى الوطن لم تكن مجرد تغيير جغرافي، بل كانت بداية لإعادة اكتشاف الذات. في قلبها، كان هناك دائمًا شغف لم تأخذ الحياة فرصتها لتنميته—شغف الورد، الجمال، واللحظات التي تصنع الفرق. لم يكن مشروعها مجرد فكرة تجارية، بل كان حلمًا شخصيًا، رسالة أرادت أن توصلها للعالم بطريقتها الخاصة.
هكذا، وُلد Flower Art، لكن ليس كأي متجر للزهور. أرادت تمارا أن يكون للورد دور أعمق، فاختارت أن يكون متجرها داخل مستشفى العامّة. المكان لم يكن مجرد صدفة، بل اختيارًا يعكس فلسفتها—حيث يكون الألم، يجب أن يكون هناك شيء يخففه، وحيث يكون الخوف، لا بد أن يكون هناك أمل، وحيث تكون الوحدة، يمكن لوردة أن تغيّر الشعور تمامًا.
حين تصبح الورود لغة القلوب
ما يميز Flower Art ليس مجرد الأزهار التي تملأ رفوفه، بل الفكرة وراء كل باقة، التفاصيل التي تُضاف إلى كل ترتيب، والرسائل التي تحملها كل وردة. تمارا جمعة لم تكتفِ ببيع الورود، بل صنعت بها لغة جديدة، تتحدث عندما تعجز الكلمات، وتوصل المشاعر عندما يكون التعبير صعبًا.
في مستشفى يعج بالحكايات، أصبحت الورود لمسة دفء لمريض، وشكرًا صامتًا لطبيب، واحتضانًا معنويًا لعائلة تنتظر الأمل.
أصبحت جزءًا من القصص التي تتشكل بين الممرات البيضاء، حيث يمكن لباقة صغيرة أن تعيد الحياة إلى لحظة خفتت.
أبعد من مجرد مشروع.. رسالة حب مستمرة
اليوم، لم تعد تمارا جمعة مجرد موظفة سابقة في مجال المال أو الموارد البشرية، بل أصبحت رائدة قصة مختلفة، امرأة صنعت من الجمال رسالة، ومن الأمل مشروعًا. في عالم يقيس النجاح بالألقاب والمناصب، اختارت أن يكون نجاحها في عدد الابتسامات التي صنعتها، في اللحظات التي خففت بها الحزن، وفي الحب الذي نشرته، وردةً وردة.
تمارا جمعة لم تغيّر حياتها فحسب، بل جعلت الورود تروي حكايات لم يكن أحد ليسمعها لولاها.
- حصري لمال واعمال يمنع الاقتباس او اعادة النشر