عمّان – في ظل التحولات الاقتصادية العالمية والتحديات الإقليمية، عقدت جمعية البنوك في الأردن، اليوم السبت، القمة المصرفية الأردنية لعام 2025 تحت شعار “المرونة والابتكار في القطاع المصرفي: التكيف مع اقتصاد متحول”، بمشاركة نخبة من القيادات المصرفية والخبراء الاقتصاديين لمناقشة أبرز التطورات المالية والمصرفية في المملكة.
شركس: الاقتصاد الأردني يثبت قوته وسط التحديات
أكد محافظ البنك المركزي، الدكتور عادل شركس، خلال رعايته افتتاح القمة، التزام القطاع المصرفي بالوقوف خلف جلالة الملك عبد الله الثاني، مثمنًا مواقفه الراسخة في رفض التهجير والتوطين، ودعمه الثابت للقضية الفلسطينية وفق مبادئ العدل والشرعية الدولية.
وأشار شركس إلى أن الاقتصاد الأردني أظهر مرونة واستقرارًا ملحوظين، بفضل الإصلاحات الاقتصادية والمالية التي نفذتها الحكومة، إلى جانب السياسات النقدية الفعالة التي عززت قدرة الاقتصاد الوطني على الصمود في وجه التحديات.
نمو اقتصادي وأداء يفوق التوقعات
سلط شركس الضوء على تحقيق الاقتصاد الوطني مؤشرات إيجابية، حيث:
نمت الصادرات الوطنية بنسبة 3.8% عام 2024، لتصل إلى 8.6 مليار دينار.
ارتفع الدخل السياحي إلى 5.1 مليار دينار، مدعومًا بزيادة عدد الزوار من المغتربين والعرب.
سجلت حوالات الأردنيين العاملين بالخارج نموًا بنسبة 2.8%، لتصل إلى 2.6 مليار دينار.
بلغت الاستثمارات الأجنبية 906 ملايين دينار خلال الأرباع الثلاثة الأولى من 2024، رغم التحديات الإقليمية.
حقق الناتج المحلي الإجمالي نموًا بنسبة 2.4% خلال 2024، مع توقعات بارتفاعه إلى 2.7% في 2025، متجاوزًا توقعات صندوق النقد الدولي.
وأكد شركس أن الأردن يمتلك خارطة طريق طويلة المدى للإصلاح الشامل، تعزز الاستقرار الاقتصادي عبر مساراته الثلاثة: السياسي، الإداري، والاقتصادي، ما يسهم في تحقيق مستهدفات رؤية التحديث الاقتصادي.
استقرار نقدي ومتانة مالية
أوضح محافظ البنك المركزي أن الاحتياطات الأجنبية تجاوزت 21 مليار دولار، فيما انخفض معدل الدولرة إلى 18.4% بنهاية 2024، كما شهد التضخم تراجعًا إلى 1.6% مع توقع استقراره حول 2% خلال 2025.
وأشار إلى أن رفع رأسمال البنك المركزي إلى 100 مليون دينار جاء لتعزيز المتانة المالية، وإعطاء مرونة أكبر للسياسات النقدية، بما يضمن استقرار الاقتصاد الوطني ويعزز مناعته أمام المتغيرات.
السالم: الجاهزية والابتكار أساس الاستدامة المصرفية
من جهته، أكد رئيس جمعية البنوك، باسم السالم، أن القمة المصرفية الأردنية تعد منصة رئيسية لمناقشة المتغيرات الاقتصادية والمصرفية، مشددًا على أهمية الجاهزية والتكيف والابتكار لمواجهة التحديات العالمية.
وأعرب السالم عن اعتزازه بمواقف جلالة الملك عبد الله الثاني، مؤكدًا أن الاستقرار الاقتصادي الأردني يعزز مكانة المملكة إقليميًا ودوليًا. كما أشار إلى أن الاقتصاد الأردني حقق نموًا بنسبة 2.4% خلال 2024، مع توقعات بارتفاعه إلى 2.9% في 2025.
وشدد السالم على أن القطاع المصرفي الأردني أثبت مرونته في مواجهة الأزمات، حيث حافظ على الاستقرار المالي من خلال تقديم حلول مصرفية مبتكرة، فيما ساهمت السياسات النقدية والمالية الحكيمة في تعزيز الثقة الدولية، ورفع التصنيف الائتماني للمملكة لأول مرة منذ 21 عامًا.
الذكاء الاصطناعي يعيد تشكيل القطاع المصرفي
أشار السالم إلى أن التطورات السريعة في الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المالية تستدعي إعادة تقييم استراتيجيات البنوك لتعزيز الابتكار والاستدامة، مشيرًا إلى أن القمة المصرفية لهذا العام تتضمن جلسات حوارية تناقش أثر التكنولوجيا المالية والتحولات الاقتصادية على القطاع المصرفي.
التحديات العالمية والجاهزية الأردنية
من جانبه، أكد الخبير الاقتصادي د. محمد محيي الدين أن التنسيق بين السياسة النقدية والمالية في الأردن يعكس مستوى عالٍ من الحرفية والالتزام بالاستقرار الاقتصادي، مشيرًا إلى أن الإصلاحات الاقتصادية تواكب التحولات العالمية من خلال التركيز على التحول الرقمي، والاستثمارات الخضراء، ورفع كفاءة الإدارة الاقتصادية.
كما أوضح وزير التخطيط والتعاون الدولي الأسبق، د. إبراهيم سيف، أن الأردن يواجه تحديات اقتصادية كبيرة بسبب الضغط الديموغرافي وتزايد أعداد اللاجئين، لكنه تمكن من الحفاظ على استقراره الاقتصادي من خلال سياسات مالية متوازنة وإدارة حكيمة للموارد.
ختام القمة: نحو مستقبل اقتصادي مستدام
اختُتمت القمة بالتأكيد على أن الاقتصاد الأردني قادر على مواجهة التحديات، والمضي نحو مستقبل أكثر استدامة، بدعم من سياسات نقدية ومالية متزنة، وقطاع مصرفي قوي ومرن، ما يعزز مكانة المملكة كمركز مالي ومصرفي في المنطقة.