بقلم:محمد فهد الشوابكه
يُعد القطاع الزراعي في الأردن واحدًا من الركائز الأساسية للاقتصاد الوطني، حيث يمتد تأثيره إلى العديد من جوانب الحياة اليومية، بما في ذلك الأمن الغذائي، توفير فرص العمل، وتنمية المناطق الريفية. ورغم الظروف الجغرافية والمناخية القاسية، استطاع هذا القطاع أن يظهر قدرته على التكيف والصمود في وجه التحديات. إلا أن القطاع يواجه عددًا من المعوقات التي تتطلب استراتيجيات فعالة لمواجهتها وتعزيز فرص نموه.
أهم التحديات التي يواجهها القطاع الزراعي الأردني تكمن في شح الموارد المائية، إذ يعد الأردن من أكثر البلدان التي تعاني من نقص المياه على مستوى العالم. يعتمد القطاع بشكل كبير على مياه الأمطار والمياه الجوفية التي تشهد تراجعًا مستمرًا بسبب التغيرات المناخية التي أثرت على كميات الأمطار وارتفاع درجات الحرارة. هذا الواقع يجعل من الصعب تلبية احتياجات الزراعة المروية، ما يتطلب التفكير في حلول بديلة تعتمد على التقنيات الحديثة للحفاظ على المياه وتحسين كفاءة استخدامها.
إلى جانب شح المياه، يواجه القطاع أيضًا تحديًا آخر يتمثل في التغيرات المناخية التي تهدد المحاصيل الزراعية. إذ باتت موجات الجفاف، وزيادة درجات الحرارة، والعواصف الرملية تشكل خطرًا على العديد من المحاصيل الزراعية، ما يحد من إنتاجيتها. هذه الظروف تتطلب استراتيجيات مبتكرة تعتمد على التكيف مع هذه التغيرات، من خلال استخدام تقنيات مثل الزراعة المحمية أو الهيدروبونيك، التي لا تعتمد على التربة وتستهلك كميات أقل من المياه.
مشكلة أخرى تواجه القطاع الزراعي في الأردن هي محدودية الأراضي الزراعية، إذ يشهد القطاع العمراني توسعًا مستمرًا، مما يتسبب في تآكل المساحات الزراعية، خاصة في مناطق الأغوار الخصبة. هذا التوسع العمراني يضغط على الأراضي الزراعية، ويقلص من المساحات المتاحة للزراعة التقليدية. في هذا الصدد، يجب التفكير في حلول مبتكرة لزيادة المساحات الزراعية، مثل الزراعة الرأسية التي توفر استخدامًا أفضل للمساحات المحدودة.
رغم هذه التحديات، تظهر في الأفق فرص واعدة لتحسين الوضع الزراعي في الأردن من خلال استخدام التكنولوجيا والابتكار. الزراعة الذكية أصبحت أحد الحلول الفعالة التي يمكن أن تسهم في زيادة الإنتاجية وتقليل استهلاك المياه. تعتمد الزراعة الذكية على تقنيات مثل أنظمة الري بالتنقيط، التي توفر المياه بشكل موجه للنباتات، واستخدام الذكاء الاصطناعي لمراقبة التربة والمحاصيل، مما يساعد على تحسين الإنتاج الزراعي بشكل كبير.
أيضًا، تُعتبر الشراكة بين القطاعين العام والخاص أحد العوامل الأساسية التي يمكن أن تساهم في تطوير القطاع الزراعي. الحكومة الأردنية أطلقت العديد من البرامج والمبادرات التي تهدف إلى دعم المزارعين وتوفير القروض الميسرة وتحديث البنية التحتية. ومن جانب آخر، يتزايد دور القطاع الخاص في الاستثمار في الصناعات الزراعية، خاصة في مجال التصنيع الغذائي والتسويق الزراعي، مما يعزز من قدرة الأردن على تصدير منتجاته الزراعية إلى الأسواق العالمية.
وبالنسبة لمستقبل القطاع الزراعي في الأردن، فإنه يتطلب المزيد من الدعم للبحث العلمي في المجال الزراعي، بالإضافة إلى تبني تقنيات جديدة مثل الطاقة المتجددة التي يمكن أن تساهم في تحسين الإنتاج الزراعي وتقليل تكاليف الإنتاج. كما يجب تشجيع المزارعين الشباب على المشاركة في هذا القطاع من خلال تقديم برامج تدريبية وتشجيعهم على تبني الممارسات الزراعية الحديثة.
في الختام، ورغم كل التحديات التي تواجه القطاع الزراعي الأردني، إلا أن الفرص ما زالت قائمة للتحول نحو زراعة أكثر استدامة وقوة. مع التوجه نحو تبني الحلول التكنولوجية والابتكار، يمكن أن يلعب هذا القطاع دورًا محوريًا في تعزيز الأمن الغذائي، وتحقيق التنمية المستدامة للأجيال القادمة، وزيادة قدرة الأردن على المنافسة في الأسواق العالمية.