مجلة مال واعمال – خاص
الدكتورة لبنى الرشدان، هي مرآة للتغيير والإبداع في مجال التربية والتعليم والتنمية البشرية، تجسد صورة المرأة الأردنية القوية التي تسعى إلى بناء جيل واعٍ وقادر على التفاعل مع تحديات العصر. إنها امرأة لا تقتصر إنجازاتها على حدود مجال واحد، بل تمتد لتنسج خيوطًا من الفهم العميق للمجتمع، وتسهم في تجديد أساليب التفكير والتعليم. كل خطوة تخطوها، هي علامة على التزامها العميق بالتغيير المستدام والتطوير المستمر.
الحكمة في التربية والتعليم: ريشة مبدعة تلوّن العقول
الدكتورة لبنى لا تُدَرِّس فحسب، بل تشارك في تشكيل العقول وتنميتها، فهي كالفنان الذي يحمل فرشاته ليخط رسمًا حيًا للتفكير الناقد. في وزارة التربية والتعليم الأردنية، حيث كانت مشرفة وخبيرة تربوية، ارتفعت بصوتها لتشجيع التفكير النقدي ليس فقط كمهارة أكاديمية، بل كوسيلة لتغيير طريقة تفكير الأجيال المقبلة. تعتبر التفكير النقدي في نظرها مثل الضوء الذي يبدد ظلام الجهل ويتيح للطلاب وللمعلمين على حد سواء التفاعل مع المعارف بحذر وتمحيص، بعيدًا عن التسليم الساكن. عملت على تصميم أبحاث وكتابات أكاديمية ساهمت في تحويل هذا الموضوع إلى مناهج تعليمية ومرجعًا رئيسيًا للمهتمين. هي التي أضاءت الدرب لبقية المعلمين والطلاب، وجعلت من قاعات الدراسة ساحات حية للتفاعل الفكري.
القيادة؛ فن من فنون الإصلاح والتطوير
لم تقتصر أدوارها على الإشراف التربوي، بل امتدت لتكون جزءًا من النسيج القيادي في المملكة، حيث كانت عضوًا في فريق تأليف وتطوير برنامج القيادة التعليمية في وزارة التربية والتعليم. وقفت على حافة أفق القيادة لتبني رؤى جديدة، مثلما يرسم الفنان حدود اللوحة البيضاء قبل أن يغمّس ريشته بالألوان. في هذا المجال، سعت جاهدة إلى تمكين القيادة من خلال التأكيد على أن القيادة الفعّالة ليست مجرد سلطة، بل هي روح ملهمة تدفع الآخرين نحو النجاح الجماعي. الدورات التي قدمتها في القيادة والتخطيط وإدارة النفس كانت بمثابة ترياقٍ فكري يساعد الأفراد على التحليق في فضاء التفكير الإبداعي والقرارات المدروسة.
تمكين المرأة والأسرة: أجنحةٍ نحو الحرية والتغيير
في عالم مفعم بالتحديات، كانت الدكتورة لبنى الرشدان أيضًا رمزًا للتمكين والتغيير الاجتماعي، حيث جعلت من قضايا المرأة والأسرة مسارًا للتأثير والتوجيه. هي تلك اليد التي امتدت لتشجيع المرأة الأردنية على رفع رأسها عاليا، ليس في مجال عملها فحسب، بل في حياتها الشخصية والاجتماعية. من خلال برامج تدريبية حول السعادة والنجاح وتمكين الأسرة، كانت كالبستاني الذي يغرس بذور الأمل في قلوب النساء، ليحصدوا الثمار في صورة مجتمع متوازن. كانت تراهن على أن تمكين المرأة هو المفتاح لتغيير المجتمع بأسره، وكانت ترى أن الأسرة هي الخلية التي تغذي نواة المجتمع، ولذا كانت مشاركتها الفاعلة في مكتب الإصلاح الأسري في دائرة قاضي القضاة، نقطة ضوء في مساعدة الأسر على التغلب على الخلافات وتعزيز الاستقرار.
الإعلام؛ صوتٌ صادق يتردد في الآذان
أينما ذهبت، كان صوتها ينعش الأذهان ويلامس القلوب. لم تقتصر إسهاماتها على العمل الأكاديمي أو المجتمعي، بل تجاوزتها لتصبح شخصية إعلامية تلهم وتضيء من خلال إذاعة “هوا إربد”. كانت برامجها مثل الجسر الذي يربط بين الفكر والفعل، تنقل القضايا التربوية والاجتماعية بعمقٍ وشفافية، وتهدف إلى إثراء العقول بصوت مفعم بالأمل والوعي. عندما تتحدث، لا يكون حديثها مجرد كلام، بل هو رسالة تحمل بين طياتها حوافز لعيش حياة أفضل.
العمل الخيري والمجتمعي: بذرة تزرعها في الأرض فتزهر في السماء
في العمل الخيري، كانت الدكتورة لبنى أحد الأعمدة الأساسية التي تدعم المجتمع الأردني، فقد نذرت نفسها للعمل الطوعي من خلال دورها كنائب رئيس جمعية تماسك الخيرية، حيث رأت أن الرفعة الحقيقية للمجتمع تكمن في تعاضد أبنائه وتكاتفهم في مواجهة التحديات. كانت تزرع بذور الأمل بين الناس، وتؤمن بأن كل إنسان له قيمة وله دور في بناء هذا الوطن، ليزهر المجتمع بالتعاون والتضامن.
خاتمة: شغف يضيء دروب الأجيال
الدكتورة لبنى الرشدان هي أكثر من مجرد باحثة أو مدربة أو خبيره تربوية؛ هي ملهمة تشع بالعطاء والتفاني. هي كالنبع الذي لا ينضب، والذي يروي عطش المعرفة في قلوب الأجيال. من خلال مسيرتها الحافلة بالإنجازات، تثبت أن المرأة الأردنية ليست فقط قادرة على أن تكون في طليعة التغيير، بل هي أيضًا من تصنعه. دربها، كان وما زال، مليئًا بالخطوات الرائدة التي تضيء في ظلام الليل، لتبقى دائمة التأثير في الحقل التربوي والاجتماعي، وتُحَدِّث عن مثال نادر للمرأة التي لا تقتصر حدود إبداعها على مجال معين، بل تُشِعّ في كل مكان تطؤه قدمها.
حصري لمال واعمال يمنع الاقتباس او اعادة النشر الا بإذن خطي