بقلم: محمد فهد الشوابكه
يُعدّ التكامل الاقتصادي العربي حلمًا طالما سعت إليه الشعوب العربية لتحقيق تنمية شاملة واستغلال الموارد الغنية التي تزخر بها المنطقة. تجمع الدول العربية مقومات اقتصادية وبشرية هائلة، تتنوع بين الموارد الطبيعية كالنفط والغاز والمعادن، والموارد الزراعية، إلى جانب سوق ضخم يتجاوز 400 مليون نسمة، ما يجعلها تمتلك إمكانيات استثنائية لتأسيس اتحاد اقتصادي قوي ينافس عالميًا.
التكامل الاقتصادي العربي يحمل في طياته العديد من الفوائد التي يمكن أن تسهم في تحقيق التنمية المستدامة. فتحقيقه يمكن أن يعزز النمو الاقتصادي من خلال تحسين استغلال الموارد المشتركة وزيادة الإنتاجية. كما أن تقليل الحواجز التجارية بين الدول العربية يعزز التجارة البينية التي لا تزال نسبتها متواضعة مقارنة بالأسواق العالمية. إضافة إلى ذلك، فإن الاتحاد الاقتصادي سيمنح الدول العربية قوة تفاوضية أكبر على الساحة الدولية، فضلاً عن دوره في خلق فرص عمل جديدة تسهم في الحد من البطالة، وتعزيز الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي.
ومع ذلك، فإن مسيرة التكامل تواجه العديد من التحديات. الانقسامات السياسية بين بعض الدول العربية تمثل عائقًا رئيسيًا أمام تحقيق الاتحاد الاقتصادي. إلى جانب ذلك، يظهر التفاوت الكبير في مستويات التنمية والبنية التحتية بين الدول كعامل آخر يعيق تحقيق تكامل متوازن وشامل. كما أن ضعف المؤسسات الإقليمية المسؤولة عن التخطيط والتنفيذ يحد من فاعلية الجهود المبذولة لتحقيق هذا الهدف.
لتجاوز هذه التحديات وتحقيق التكامل الاقتصادي العربي، يتطلب الأمر خطوات عملية وجادة تتضمن تعزيز التعاون التجاري عبر إنشاء سوق عربية مشتركة وإلغاء الحواجز الجمركية، والعمل على تطوير البنية التحتية المشتركة مثل شبكات النقل والطاقة التي تربط بين الدول. كما يجب توحيد السياسات الاقتصادية والنقدية والمالية لضمان استقرار اقتصادي مشترك، بالإضافة إلى تعزيز الاستثمارات البينية وتشجيع رؤوس الأموال العربية على دعم المشروعات المشتركة داخل المنطقة.
إن التكامل الاقتصادي العربي ليس رفاهية بل ضرورة ملحة في ظل التحولات الاقتصادية العالمية المتسارعة. تحقيق هذا التكامل يتطلب إرادة سياسية قوية ورؤية استراتيجية واضحة تضع مصلحة الشعوب في مقدمة الأولويات. بالمثابرة والتعاون، يمكن للدول العربية أن تحقق نهضة شاملة تعيد للأمة مكانتها الحضارية وتفتح أبواب المستقبل أمام أجيالها القادمة.