قصة نجاح صانع الأفلام الذي انتقل من الشيوعية إلى هوليوود

رجال أعمال
16 مايو 2016آخر تحديث : منذ 8 سنوات
قصة نجاح صانع الأفلام الذي انتقل من الشيوعية إلى هوليوود

160513212215_the_filmmaker_paunescu__640x360_castelfilm_nocredit

في خضم الثورة الرومانية وتفاعلاتها، وجد المخرج وصانع الأفلام فلاد باونيسكو نفسه وقد عُين وزيرا للثقافة لبضع ساعات.
كان باونيسكو، الذي يمتلك ويدير اليوم أكبر استوديو للأفلام في رومانيا، وهو ستوديو “كاسل فيلم”، يعمل مصورا سينمائيا حينما كان في الـ 37 من عمره خلال إقامته بالعاصمة الرومانية بوخارست، في عام 1989.
وحينما اندلعت الثورة الرومانية في شهر ديسمبر/كانون الثاني في ذات العام، حمل باونيسكو الكاميرا الخاصة به وهرع لتصوير الاحتجاجات الشعبية خارج مبنى البرلمان الضخم الذي كان قصرا في السابق، والذي كان مقرا كذلك للحكومة الشيوعية في ذلك الوقت.
وبعد أن فر الرئيس الروماني آنذاك نيكولاي تشاوشيسكو بطائرته المروحية قبل القبض عليه، شارك باونيسكو المحتجين في اقتحام ذلك المبني.
ويقول باونيسكو، البالغ من العمر الآن 63 عاما، إنه وسط مشاعر الفرحة والأمل، انخرط هو ورفاقه في ذلك الوقت في أداء “رقصة السعادة”.
وقد قرر المحتجون الذين احتلوا ذلك القصر أن يشكلوا إدارة جديدة لحكم البلاد، ولأن باونيسكو كان يعمل في مجال صناعة السينما، جرى تكليفه لتولى وزارة الثقافة.
لكن بعد ذلك ببضع ساعات فقط، عُينت حكومة جديدة مؤقته بشكل رسمي أكثر، ومن ثم انتهت الحياة المهنية لباونيسكو في مجال السياسة، قبل أن تبدأ بشكل مناسب. وبعدها، عاد باونيسكو لعمله الأصلي في استوديو “بوفتيا” الذي تديره الدولة.
لكن مع انفتاح دول أوروبا الشرقية على العالم، وعلى قطاع الأعمال أيضا، بادر باونيسكو لإنشاء وتسجيل شركته الخاصة باسم “كاسل فيلم”، في عام 1992.
وبذلك أصبح باونيسكو يمتلك استوديو كبير لتصوير الأفلام يحتل مساحة 27 فدانا، ويبعد عن العاصمة بوخارست بنحو 40 كيلومترا. ويزداد الطلب كثيرا على ذلك الاستديو من قبل شركات الأفلام والتلفزيون الأمريكية الكبيرة.

فجميع الشركات مثل بارامونت، وميراماكس، ويونفيرسال، وسوني بيكتشرز، تستخدم استديوهات “كاسل فيلم” لتتمكن من إنتاج الأفلام في رومانيا. ومن بين هذه الأفلام، أفلام حصدت جوائز الأوسكار، مثل فيلم “كولد ماونتين”، وفيلم “بورات”.
ويمتلك ذلك الاستوديو الضخم ما لا يقل عن تسعة مواقع مجهزة للتصوير باستخدام وسائل التسجيل الصوتي الحديثة، وأربعة مواقع دائمة تشمل شارع حضري، وبلدة من بلدات الغرب الأمريكي البري، وبلدة من العصور الوسطى، وقرية ريفية.
وتمثل تلك الشركة، التي تبلغ قيمتها نحو 9 ملايين استرليني، (13 مليون دولار أمريكي)، صيحة جديدة تختلف تماما عن الأجواء التي عاشها باونيسكو في شبابه في ظل الحكم الشيوعي، حينما كان يكسب القليل من المال كصانع أفلام يعمل لصالح مؤسسة حكومية شيوعية، وكان يضطر للعمل كسائق لسيارات الأجرة (التاكسي) ليزيد من دخله.
“بلد جميل”
غالبا ما نسمع من يقول إن من قلب المحن تأتي المنح، وفي حالة باونيسكو، كانت الحروب التي وقعت في يوغسلافيا في التسعينيات هي التي قدمت له أكبر نجاح في حياته المهنية.
ففي أوائل تلك الفترة، كان هناك فريق أمريكي لتصوير فيلم سينمائي في يوغسلافيا (التي أصبحت الآن صربيا، والبوسنة والهرسك، وكرواتيا، وسلوفينيا، وكوسوفو، وجمهورية الجبل الأسود، ومقدونيا، والتي كانت تجاور رومانيا).
وحينما اندلع القتال في يوغسلافيا، هرع فريق الفيلم الأمريكي إلى رومانيا، والتي وجد فيها “دولة جميلة، تضم مهنيين مهرة في هذا المجال (صناعة السينما)، والاستديوهات التي توفرها شركة بوفتيا”، كما يقول باونيسكو.
وطلب أعضاء الفيلم الأمريكي من باونيسكو أن يقدم بعض نماذج أعماله في تصوير الأفلام، وأعجبوا بشدة بما قدمه لهم، حتى أنهم عينوه كمدير للتصوير، ليبدأ بعدها في العمل معهم في ذلك الفيلم.
وبعد إنتاج فيلمين آخرين من الأفلام الناجحة، قدمت الدعوة لباونيسكو وزوجته أوانا، التي كانت تعمل معه كمصممه أزياء، لزيارة لوس أنجليس لمناقشة خططه المستقبليه في مجال السينما.

وقُدمت له اقتراحات تشمل إقامة شركته الخاصة لصناعة الأفلام لمساعدة الاستوديوهات الأمريكية في إنتاج المزيد من الأفلام في رومانيا.
وبذلك، ومن خلال هذا الدعم من هوليوود، تأسست شركة “كاسل فيلم” وباتت تعمل بنشاط مكثف. وتنتج الشركة الآن من 10 إلى 14 فيلما في العام الواحد، وفي عام 2014، حققت الشركة عائدا سنويا بلغ 4,6 مليون يورو.
وفي صباح أحد الأيام داخل استديوهات “كاسل فيلم”، كان هناك اثنين من الممثلين في العرض التلفزيوني الشهير “لعبة العروش” يصورون سلسلة أفلام قصيرة عن حياة مؤسسي شركة “هارلي ديفيدسون” الأمريكية الشهيرة للدراجات البخارية.
ولمساعدة مثل هؤلاء، وكذلك الأطقم الفنية الأخرى القادمة من أنحاء مختلفة من العالم، هناك 114 موظفا دائما في شركة “كاسل فيلم” يقدمون العون.
ومن دواعي سرور باونيسكو أنه يعترف بأن السبب الرئيسي وراء شهرة رومانيا بالاستديوهات الضخمة التي تستضيف صناع الأفلام الأمريكيين يرجع إلى التكلفة المنخفضة لإنتاج الأفلام في رومانيا.
فالتصوير ليوم واحد فيها يكلف أقل من 70 في المئة مقارنة بالتصوير في الولايات المتحدة، بالإضافة إلى أن رومانيا تقدم العديد من المزايا الأخرى، كما يقول باونيسكو.
ويتابع: “في الواقع، تعد رومانيا بمثابة مزيج ممتاز مما نقدمه من مساحات فنية واسعة، وعمالة ماهرة، بالإضافة إلى بلد جميل وخلاب للغاية. فلدينا هنا جبال الكاربات، ودلتا نهر الدانوب، وإقليم ترانسيلفانيا”.
وفيما يتعلق بنوعية الأفلام التي تساعد استديوهات “كاسل فيلم” في إنتاجها، يقول باونيسكو إنه سعيد بأن هوليوود تحولت بعيدا عن تلك الأيام الأول التي كانت ترغب خلالها في إنتاج أفلام عن “دراكولا”، مصاص الدماء الخيالي في رومانيا.
ويقول باونيسكو إن هذه الأفلام وأمثالها لم تكن محل تقدير كبير في مجال صناعة السينما في رومانيا، فقد كانت “تعتبر نوعا من الكفر”.

وعندما يتعلق الأمر بذوق باونيسكو الخاص في الأفلام بشكل عام، يقول: “أنا لا أحب أن أرى الدماء في الأفلام، فأنا لا أستطيع أن أتحمل رؤية الناس وهم يعانون.”
ويضيف: “لكن في الوقت نفسه، لا أحب أفلام الكوميديا كثيرا. فأنا أشاهد الأفلام التي حصلت على جوائز مهمة، أو على الأقل تلك التي رشحت لنيل جوائز”.
وقد صور العديد من نجوم هوليوود أفلامهم في استديوهات “كاسل” في رومانيا، ومن بينهم نيكولاس كيدج، وغلين كلوز، وشارون ستون، وكيفين كوستنر، وستيفن سيغال، بالإضافة إلى نيكول كيدمان التي يبدو أن باونيسكو مغرم بها أكثر.
ويقول باونيسكو إن كيدمان الحائزة على الأوسكار كانت في البداية “تبدو أنها لا يمكن الاقتراب منها، مثل تمثال من البلور النقي”، ولكن بعد أن تحدث إليها، وجد أنها “إنسانة طبيعية أكثر منه”، كما يقول.
ومع استمرار ازدهار استديوهات “كاسل فيلم”، ليس من المرجح مطلقا أن يضطر باونيسكو للعودة إلى قيادة سيارات الأجرة في رومانيا.

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.