ألهمت رؤية المملكة 2030 الاقتصادية التي ركزت ضمن أهم أهدافها تحفيز كبريات الشركات السعودية لتكون عابرة للحدود ولاعبا أساسيا في أسواق العالم، شركات النفط والبتروكيماويات في دول مجلس التعاون الخليجي، وفي مقدمتها شركات أرامكو السعودية و”سابك” و”ايكويت” لتوسعة استثماراتها خارج منطقة الخليج العربي في تنافس كبير للنفاذ إلى أسواق استراتيجية جديدة خاصة في آسيا للاستفادة من المواد الأولية الخام غير المكلفة والرخيصة في تلك الأسواق التي بدأت تعتمد على وفورات الخام منخفضة التكلفة من الولايات المتحدة، في الوقت الذي ارتفعت فيه تكلفة الغاز الطبيعي والمواد الخام وتعرفة خدمات الكهرباء والمياه في دول المجلس بحسب جريدة الرياض.

وقد دفعت استراتيجية التحول الاقتصادي الوطني المشرق وهيأت أرضا خصبة للشركات السعودية الكبرى في قطاع التكرير والبتروكيماويات، وكذلك الشركات الخليجية للمضي قدما نحو تحالفات خارجية جديدة لتعزيز المنافسة والهيمنة خارج الأراضي الوطنية بحثاً عن فرص جديدة للنمو والانتشار والاستحواذ على أكبر الحصص المؤثرة في ملكية الشركات العالمية الرائدة، حيث يتزعم هذا التوجه عملاق النفط والغاز في العالم شركة أرامكو السعودية التي كانت قد شرعت بالتركيز على التمحور في آسيا بشكل رئيس سعياً لتحقيق طموحها لتصبح الشركة العالمية الرائدة الشاملة والمتكاملة في صناعة الطاقة والمواد الكيمياوية بحلول عام 2020.

وتخطط أرامكو حالياً لبناء مصفاة جديدة في الهند، وتدرس إقامة مصانع في إندونيسيا والصين وفيتنام وماليزيا، وتدرس عروضا لشراء حصص في مشروعات لتكرير النفط والبتروكيماويات في الهند في وقت تستورد الهند التي تعد ثاني أكبر مستهلك للنفط في العالم نحو 80 في المئة من احتياجاتها من الخام ومعظمه من دول الشرق الأوسط، وقد بدأت مباحثات بين مسؤولي أرامكو ووزير النفط الهندي حول الاستثمار في مصفاة بطاقة 1.2 مليون برميل يوميا على الساحل الغربي للهند وتوسعة مصفاة “بينا” ومصنع بتروكيماويات في داهيج، وتخطط شركة النفط الهندية “إيسار أويل ليمتد” للدخول مع أرامكو في تحالف في مصفاتها في الهند من خلال بيع 49% من حصتها مقابل ثلاثة مليارات دولار، في وقت تبلغ القيمة السوقية للشركة 5.5 مليار دولار، وتعد من أكبر مصافي النفط في الهند.

وعززت أرامكو استحواذها الضخمة الخارجية بنجاحها باقتحام القارة الأوروبية بقوة من خلال تحالفها مع شركة “لانكسيس” الألمانية في تأسيس أكبر شركة لإنتاج المطاط الاصطناعي في العالم، مملوك مناصفة بينهما، المستخدم في صناعة إطارات وقطع غيار السيارات العالمية وحزمة ضخمة من الصناعات الأخرى، إضافة إلى أعمال تسويقه وبيعه وتوزيعه، وذلك مقابل صفقة بلغت نحو 1.2 مليار يورو.

وتم إطلاق اسم جديد للشركة بمسمى شركة “أرلانكسيو” في 1 أبريل 2016، حيث سوف توفر أرامكو المواد الوسيطة بأسعار اقتصادية من خلال مصنع البيوتادين الذي من المتوقع أن يبدأ تشغيله 2019، في وقت يكتسب الشريك الألماني منافسة قوية في إنتاج المطاط الاصطناعي لتنمية عوائدها وإيراداتها السنوية البالغة نحو ثمانية مليارات يورو، وتوسعة أعمالها وحجم استثماراتها التي تتضمن امتلاك أكثر من 20 مصنعاً منتجاً، و4 مراكز أبحاث عالمية في 52 بلدا حول العالم، وطاقم عمالي يضم نحو 16000 عامل.

وفي نفس المنحى أعلنت “سابك” عن خطط لتوسعة استثماراتها في الصين والبحث عن فرص استثمارية جديدة تعتمد على استغلال الفحم الذي يمثل ثروة طبيعية بالصين لدعم صناعة البتروكيماويات، فضلاً عن اعتبار الصين السوق الأسهل نفاذا لمنتجات “سابك” والأسرع نموا بالرغم من التباطؤ الاقتصادي العالمي.

ولم تكتف “سابك” بضخامة حجم استثماراتها الحالية في الصين في امتلاكها أكبر مجمعات البتروكيماويات في الصين المتمثل في شركة ساينوبك سابك للبتروكيماويات في تيانجين بالصين بحجم استثمار بلغ 10.12 مليار ريال، وبطاقة إنتاجية تبلغ 3.2 مليون طن متري سنوياً من المنتجات البتروكيماوية، في وقت تسعى “سابك” لتطوير نطاق المشاركة في مجمع “تيانجين” الصناعي في الصين، حيث أثمرت الخطط عن تشييد مجمع إنتاج البولي كاربونيت بالصين بطاقة إنتاجية تبلغ 260 ألف طن سنوياً وبقيمة استثمارية تبلغ 6.3 مليار ريال.