تُعرف مدينة تشارلستون، في ولاية كارولاينا الجنوبية، بكونها أحد أفضل مدن العالم، التي يجب زيارتها للأسباب التالية: الجمال الطبيعي، والطحلب الإسباني، والمنازل الملونة، وغيرها الكثير. 

ولكن رغم جمال المدينة، إلا أنها لا تقدم الحكاية كاملة عن تاريخها.

وخلف تلك المنازل الفخمة، سواء بالمدينة أو المزارع، غالباً ما ستجد بيوتاً صغيرة مصنوعة من الحجر أو الخشب، ليست مزينة بأثاث أنيق أو سلالم واسعة، لأنها أحياء كانت تُستخدم للعبودية.

وازدهرت مدينة تشارلستون كبقية البلدان الجنوبية، بسبب الأعمال غير مدفوعة الأجر للرجال والنساء الأفارقة الذين تعرضوا للخطف، والضرب، والاغتصاب، والاستعباد.

وازدهرت المزارع التي أنتجت الأرز والقطن والسكر بتكلفة بشرية باهظة. وتم رعاية المنازل في المدينة وأصحابها من البشرة البيضاء من قبل الرجال والنساء من البشرة السوداء.

وتحظى المدينة بشعبية لا يمكن إنكارها، حيث جلب قطاع السياحة المزدهر في المدينة حوالي 8 مليارات دولار في عام 2018، كما ازداد بنحو 26 مليون دولار سنوياً على مدار الـ5 سنوات الماضية.

وفي الولايات المتحدة، غالباً ما يكون من المستحيل فصل جمال البيئة المحيطة عن تاريخها. لكن هذا التاريخ يعد مؤلماً للأشخاص من البشرة السوداء.

ويعلم دوغ وارنر، وهو نائب رئيس تطوير وسائل الإعلام والابتكار في “Explore Charleston”، بحقيقة مدينته الجميلة. لكنه يقول إن العمل الشاق لمواجهة العنصرية قد بدأ بالفعل في تشارلستون قبل عام 2020، وفيروس كورونا المستجد، والاحتجاجات الصاعدة لحركة “حياة السود مهمة”.

وأضاف: “يمكننا أن نفعل ما هو أفضل لتشارلستون وماضيها الفظيع.. ويجب أن يكون هذا مكاناً لقيادة البلاد إلى الأمام”.

وكنقطة انطلاق، كيف يساهم قطاع السياحة في القضاء على الصور النمطية للعنصرية؟

وطور قطاع السياحة في تشارلستون شركة “Heart for Hospitality”، وهي عبارة جهود توعية وأعمال تجارية تشجع شركات الضيافة على تطوير وتعزيز فرص أكثر إنصافاً للموظفين في جميع المجالات.

وبذلك، انتقل الأشخاص الذين عملوا في مجال الضيافة من الجزء الخلفي إلى شغل مناصب بارزة بشكل أكثر وضوحاً واحترافاً، والتي يقول وارنر إنها فقط البداية.

ويقول الفنان جوناثان جرين، الذي تعكس لوحاته الملونة ثقافة “جولا” بشكل مثالي: “كانت تشارلستون أغنى مدينة في البلاد لمدة 100 عام، بناءً على براعة غرب إفريقيا. والعنصرية لا تعتمد على مكان أو مدينة واحدة”.

وأضاف: “كل مكان أذهب إليه، يحدث شيئان: “لا يوجد مثال على المساهمات الكاملة للأشخاص السود في مكان ما، وعدم وجود فهم أو تقدير حقيقي للثقافة الأفريقية في المدينة”.

وأوضح الفنان جرين أن “تشارلستون هي بؤرة التغيير، وكيفية تصدينا وتعاملنا مع هذه القضية العالمية. العنصرية هي الوباء العالمي”.

ويقول جرين، الذي يتخذ من تشارلستون مقراً له الآن، إن التعليم هو المفتاح. وأوضح: “عندما أرى الأطفال يمشون أو يقومون بجولات سياحية، أتحدث إليهم، وأريهم ما لن تخبرهم به الكتب المدرسية”.

ويريد ألفونسو براون، وهو صاحب شركة “Gullah Geechee Tours” منذ عام 1985، تعليماً أقوى للأطفال، مع تسليط الضوء على العنصرية من خلال الاقتصاد.

ويذكر أن مهرجان “Charleston Food + Wine”، الذي حقق في عام 2019 أكثر من 18 مليون دولار من العائدات على مدار خمسة أيام وعُقد في ساحة ماريون أسفل تمثال كالهون، قد أطلق دعوة عامة في أوائل يونيو/ حزيران لإزالة التمثال، في ظل استمرار العنصرية، والعنف والاحتجاجات.

وجاء قرار المسؤولين في المدينة بالموافقة على هذا الطلب. كما أعلن المهرجان عن التزامه بأن يصبح “منظمة نشطة مناهضة للعنصرية، وهي انعكاس حقيقي لمجتمع الضيافة في تشارلستون”.

ليس ذلك فحسب، وإنما يتضمن جزء من هذا الالتزام الحرص على تنوع أصوات المجتمع في مجلس الإدارة، الذي يضم حالياً امرأة أمريكية من أصل أفريقي، بنسبة تصل إلى 20٪.

ويقول وارنر: “لدينا عمل يجب أن نقوم به مدى الحياة.. مع تاريخنا، أي شيء أقل من ذلك هو غير مقبول”.